للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْظُرُ فِي كِتَابٍ فَوَقَفَ فِي بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَنَا الشَّيْخُ النَّصْرَانِيُّ فَقَالَ عُمَرُ أَنَا الشَّيْخُ الْحَنِيفِيُّ مَا وَرَاءَك فَقَصَّ عَلَيْهِ قِصَّتَهُ فَعَادَ عُمَرُ إلَى مَا كَانَ فِيهِ فَظَنَّ النَّصْرَانِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى ظِلَامَتِهِ فَعَزَمَ عَلَى أَدَاءِ الْعُشْرِ ثَانِيًا وَرَجَعَ فَلَمَّا انْتَهَى إلَى الْعَاشِرِ وَجَدَ كِتَابَ عُمَرَ قَدْ سَبَقَ وَفِيهِ أَنَّك إذَا أَخَذْت مِنْهُ مَرَّةً فَلَا تَأْخُذْ مِنْهُ مَرَّةً أُخْرَى قَالَ النَّصْرَانِيّ إنْ دِينًا يَكُونُ الْعَدْلُ فِيهِ هَكَذَا لَحَقِيقٌ أَنْ يَكُونَ حَقًّا فَأَسْلَمَ. وَلَوْ مَرَّ حَرْبِيٌّ بِعَاشِرٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْعَاشِرُ حَتَّى خَرَجَ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يَعْشُرْهُ لِمَا مَضَى لِانْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ بِالرُّجُوعِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَعُشِّرَ الْخَمْرُ لَا الْخِنْزِيرُ) يَعْنِي إذَا مَرَّ بِهِمَا عَلَى الْعَاشِرِ عَشَرَ الْخَمْرَ أَيْ مِنْ قِيمَتِهَا دُونَ الْخِنْزِيرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَعْشُرُهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا قِيمَةَ لَهُمَا وَقَالَ زُفَرُ يَعْشُرُهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَالِيَّةِ عِنْدَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ مَرَّ بِهِمَا جَمِيعًا عُشِّرَا وَإِنْ مَرَّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ عُشِّرَ الْخَمْرُ دُونَ الْخِنْزِيرِ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْخِنْزِيرَ تَبَعًا لِلْخَمْرِ فَكَمْ مِنْ حُكْمٍ ثَبَتَ تَبَعًا كَبَيْعِ الشِّرْبِ وَالطَّرِيقِ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِعُمَّالِهِ فِي خُمُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا وَخُذُوا الْعُشْرَ مِنْ أَثْمَانِهَا وَلِأَنَّ الْأَخْذَ بِالْحِمَايَةِ وَالْمُسْلِمُ يَحْمِي خَمْرَ نَفْسِهِ لِلتَّخْلِيلِ وَلَا يَحْمِي خِنْزِيرَهُ بَلْ يُسَيِّبُهُ فَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْخَمْرَ كَانَتْ مَالًا مُتَقَوِّمًا وَهِيَ بِعَرْضِيَّةٍ أَنْ تَصِيرَ مَالًا فَتُعْشَرُ هِيَ دُونَ الْخِنْزِيرِ وَلِأَنَّ الْخَمْرَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَالْخِنْزِيرَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ فِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَأَخْذِ عَيْنِهِ وَفِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ لَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى حَيَوَانٍ فَأَتَى بِالْقِيمَةِ تُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَصِيرٍ فَأَتَى بِالْقِيمَةِ لَا تُجْبَرُ فَيَكُونُ أَخْذُ قِيمَةِ الْخِنْزِيرِ كَأَخْذِ عَيْنِهِ وَلَا يَكُونُ أَخْذُ قِيمَةِ الْخَمْرِ كَأَخْذِ عَيْنِهَا وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّ قِيمَةَ الْخَمْرِ تُعْرَفُ بِقَوْلِ فَاسِقَيْنِ تَابَا أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَسْلَمَا وَقَالَ فِي الْكَافِي تُعْرَفُ بِالرُّجُوعِ إلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَجُلُودُ الْمَيِّتَةِ كَالْخَمْرِ فِيمَا يُرْوَى عَنْ الْكَرْخِيِّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَا فِي بَيْتِهِ) أَيْ لَا يُعْشِرُ الْعَاشِرُ مَا فِي بَيْتِ الْمَارِّ مِنْ الْمَالِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا الْخِنْزِيرُ وَهَذَا لِأَنَّ مَا فِي بَيْتِهِ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ حِمَايَةٍ وَلِهَذَا لَا يُكَمِّلُ بِهِ النِّصَابَ أَيْضًا لِيَأْخُذَ الْعَاشِرُ مِمَّا فِي يَدِهِ حَتَّى لَوْ مَرَّ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ لَهُ مِائَةً أُخْرَى فِي الْبَيْتِ لَمْ يَأْخُذْ الْعَاشِرُ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي مَرَّ بِهَا لِقِلَّتِهَا وَلَا مِمَّا فِي بَيْتِهِ لِمَا قُلْنَا

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْبِضَاعَةَ) أَيْ لَا يُعْشَرُ مِنْ الْبِضَاعَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَمَالَ الْمُضَارَبَةِ) أَيْ لَا يُعْشَرُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ أَوَّلًا يَعْشُرُهُ لِأَنَّهُ كَالْمَالِكِ حَتَّى جَازَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَقَصَّ عَلَيْهِ قِصَّتَهُ) أَيْ فَقَالَ عُمَرُ أَتَاك الْغَوْثُ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ لَمْ يَعْشِرْهُ لِمَا مَضَى) أَيْ لِأَنَّ الْمُسْتَأْمِنَ لَمَّا دَخَلَ دَارِهِ انْتَهَى أَمَانُهُ وَعَادَ حَرْبِيًّا مُبَاحُ الدَّمِ وَالْمَالِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْعُشْرُ دَيْنًا عَلَيْهِ لَنَا اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَلَوْ مَرَّ ذِمِّيٌّ بِخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ نَهَيْنَاهُ عَنْ تَعْشِيرِهِمَا قَالَ ابْنُ فِرِشْتَا قَيَّدَ بِالذِّمِّيِّ لِأَنَّ الْعَاشِرَ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُسْلِمِ إذَا مَرَّ بِالْخَمْرِ اتِّفَاقًا مِنْ الْفَوَائِدِ. اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْ مِنْ قِيمَتِهَا) إنَّمَا فُسِّرَ بِهَذَا احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ مَسْرُوقٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ يَأْخُذُهُ مِنْ عَيْنِ الْخَمْرِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَالَ زُفَرُ يَعْشِرُهُمَا) وَفِي الْمُحِيطِ قَوْلُ زُفَرَ رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ قُلْت يَعْنِي عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْخِنْزِيرَ تَبَعًا لِلْخَمْرِ) أَيْ دُونَ الْعَكْسِ لِأَنَّهَا أَظْهَرُ مَالِيَّةً لِأَنَّهَا قَبْلَ التَّخَمُّرِ مَالٌ وَبَعْدَهُ بِتَقْدِيرِ التَّخَلُّلِ كَذَلِكَ وَلَيْسَ الْخِنْزِيرُ كَذَلِكَ وَلِهَذَا إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَمَعَهُ خَمْرٌ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْمَوْلَى لَا الْخِنْزِيرُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ فَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ اهـ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ غَصْبَ خِنْزِيرٍ ذِمِّيٍّ فَرَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي يَأْمُرُهُ بِرَدِّهِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ حِمَايَةً عَلَى الْغَيْرِ أُجِيبَ بِتَخْصِيصِ الْإِطْلَاقِ أَيْ يَحْمِيه عَلَى غَيْرِهِ لِغَرَضٍ يَسْتَوْفِيه فَخَرَجَ حِمَايَةُ الْقَاضِي. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْخَمْرَ كَانَتْ مَالًا مُتَقَوِّمًا) أَيْ لَمَّا كَانَتْ عَصِيرًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ بِعَرَضِيَّةٍ أَنْ تَصِيرَ مَالًا) أَيْ مُقَوِّمًا بِالتَّخْلِيلِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ فِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَأَخْذِ عَيْنِهِ) اسْتَشْكَلَ عَلَيْهِ مَسَائِلَ الْأُولَى مَا فِي الشُّفْعَةِ مِنْ قَوْلِهِ إذَا اشْتَرَى ذِمِّيٌّ دَارًا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَشَفِيعُهَا مُسْلِمٌ أَخَذَهَا بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ ثَانِيهَا لَوْ أَتْلَفَ مُسْلِمٌ خِنْزِيرَ ذِمِّيٍّ ضَمِنَ قِيمَتَهُ ثَالِثُهَا لَوْ أَخَذَ ذِمِّيٌّ قِيمَةَ خِنْزِيرِهِ مِنْ ذِمِّيٍّ وَقَضَى بِهَا دَيْنًا لِمُسْلِمٍ عَلَيْهِ طَابَ لِلْمُسْلِمِ ذَلِكَ أُجِيبُ عَنْ الْأَخِيرِ بِأَنَّ اخْتِلَافَ السَّبَبِ كَاخْتِلَافِ الْعَيْنِ شَرْعًا وَمَلَكَ الْمُسْلِمُ بِسَبَبٍ آخَرَ وَهُوَ قَبْضُهُ عَنْ الدَّيْنِ وَعَمَّا قَبِلَهُ بِأَنَّ الْمَنْعَ لِسُقُوطِ الْمَالِيَّةِ فِي الْعَيْنِ وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا لَا إلَيْهِمْ فَيَتَحَقَّقُ الْمَنْعُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا عِنْدَ الْقَبْضِ وَالْحِيَازَةِ لَا عِنْدَ دَفْعِهَا إلَيْهِمْ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ كَدَفْعِ عَيْنِهَا وَهُوَ تَبْعِيدٌ وَإِزَالَةٌ فَهُوَ كَتَسْيِيبِ الْخِنْزِيرِ وَالِانْتِفَاعِ بِالسِّرْقِينِ بِاسْتِهْلَاكِهِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَجُلُودُ الْمَيْتَةِ كَالْخَمْرِ إلَى آخِرِهِ) فَإِنَّهَا كَانَتْ مَالًا فِي الِابْتِدَاءِ وَتَصِيرُ مَالًا فِي الِانْتِهَاءِ بِالدَّبْغِ. اهـ. دِرَايَةٌ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِضَاعَتُهُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَفِي الْإِيضَاحِ يُشْتَرَطُ لِلْأَخْذِ حُضُورُ الْمَالِكِ وَالْمَالِ جَمِيعًا فَلَوْ مَرَّ مَالِكٌ بِلَا مَالٍ لَا يُؤْخَذُ وَلَوْ مَرَّ مَالٌ بِلَا مَالِكٍ لَمْ يُؤْخَذْ أَيْضًا اهـ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْأَصْلِ وَلَوْ مَرَّ رَجُلٌ بِمَالٍ مَعَهُ مُضَارَبَةً أَوْ مَرَّ الْأَجِيرُ بِمَالِ أُسْتَاذِهِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ وَهَذَا مِثْلُ صَاحِبِ الْبِضَاعَةِ اهـ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَالْمَالِكِ) أَيْ وَرَبُّ الْمَالِ كَالْأَجْنَبِيِّ. اهـ. غَايَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>