للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتِّفَاقًا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَيْتِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا فِي الْمُصَلَّى وَعَامَّتُهُمْ عَلَى الْكَرَاهَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَبَعْدَهَا فِي الْمُصَلَّى لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَرَجَ يَوْمَ الْأَضْحَى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا» وَيُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ وَالِابْتِكَارُ مَاشِيًا بَعْدَ مَا صَلَّى الْفَجْرَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ وَيَرْجِعُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى زَوَالِهَا) وَالْمُرَادُ بِالِارْتِفَاعِ أَنْ تَبْيَضَّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقْتُهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا، وَلَنَا النَّهْيُ الْمَشْهُورُ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ «وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُصَلِّي الْعِيدَ حِينَ تَرْتَفِعُ الشَّمْسُ قَيْدَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ وَحِينَ شَهِدَ الْوَفْدُ فِي الْيَوْمِ الْمُكَمِّلِ لِلثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَمَرَ أَنْ يَخْرُجُوا إلَى الْمُصَلَّى مِنْ الْغَدِ»، وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا لَمَا أَخَّرَهَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مُثْنِيًا قَبْلَ الزَّوَائِدِ) أَمَّا الرَّكْعَتَانِ فَلِمَا رَوَيْنَا وَأَمَّا الثَّنَاءُ قَبْلَ التَّكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ فَلِأَنَّهُ شُرِعَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا كَمَا يُقَدَّمُ عَلَى سَائِرِ الْأَفْعَالِ وَالْأَذْكَارِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَهِيَ ثَلَاثٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) أَيْ التَّكْبِيرَاتُ الزَّوَائِدُ ثَلَاثٌ فِي الْأُولَى وَثَلَاثٌ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ثِنْتَا عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً وَفِي رِوَايَةٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً يَعْنِي مَعَ الْأُصُولِ فَالزَّوَائِدُ مِنْهَا خَمْسٌ فِي الْأُولَى وَخَمْسٌ فِي الثَّانِيَةِ وَفِي رِوَايَةٍ أَرْبَعٌ فِي الثَّانِيَةِ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَلَكِنْ حَمَلَ مَا رُوِيَ عَنْهُ كُلُّهُ عَلَى الزَّوَائِدِ فَصَارَتْ الْجُمْلَةُ عِنْدَهُ مَعَ الثَّلَاثَةِ الْأُصُولِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ وَظَهَرَ عَمَلُ الْعِلَّةِ الْيَوْمَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ بَنِيهِ الْخُلَفَاءَ كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِذَلِكَ، احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدِ سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ» صَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَنَا مَا صَحَّ مِنْ حَدِيثِ «أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ حِينَ سُئِلَ عَنْ تَكْبِيرَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ قَالَ كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا كَتَكْبِيرِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ» وَلِأَنَّ التَّكْبِيرَ وَرَفْعَ الْأَيْدِي خِلَافُ الْمَعْهُودِ فَكَانَ الْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ أَحْوَطَ وَمَا رَوَاهُ ضَعَّفَهُ أَبُو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُ فَلَا يَلْزَمُ حُجَّةً؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ مُقَدَّمٌ وَإِنَّمَا قَالَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ تُضَمُّ إلَيْهَا، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يُضَمُّ إلَيْهَا تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ فَتَجِبُ كَوُجُوبِهَا فَيَكُونُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيُوَالِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ جَالِسًا وَعِنْدَهُ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَسَأَلَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَنْ التَّكْبِيرِ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا ثُمَّ يَقْرَأُ فَيَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ فَيَقْرَأُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، وَهُوَ كَالْمَرْفُوعِ وَقَدْ رَفَعَهُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَيْضًا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ الثَّنَاءِ وَالثَّنَاءُ حَيْثُ شُرِعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى شُرِعَ مُقَدَّمًا عَلَى الْقِرَاءَةِ كَالِاسْتِفْتَاحِ وَفِي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ وَعَامَّتُهُمْ عَلَى الْكَرَاهَةِ) وَنَصَّ الْكَرْخِيُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَيْضًا. اهـ. وَفِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى والْوَلْوَالِجِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ (قَوْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا) يَعْنِي فِي الْبَيْتِ وَالْمُصَلَّى اهـ بِخَطِّ الشَّارِحِ خَاصَّةً. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ وَالِابْتِكَارُ إلَخْ) التَّبْكِيرُ سُرْعَةُ الِانْتِبَاهِ وَالِابْتِكَارُ الْمُسَارَعَةُ إلَى الْمُصَلَّى اهـ بِخَطِّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى) رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ رَجَعَ فِي غَيْرِهِ» خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ اهـ قَالَ الْكَمَالُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّتِي ذَهَبَ مِنْهَا إلَى الْمُصَلَّى؛ لِأَنَّ مَكَانَ الْقُرْبَةِ يَشْهَدُ فَفِيهِ تَكْثِيرٌ لِلشُّهُودِ. اهـ. رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: ٤] قَالَ أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا تَقُولُ عَمِلَ كَذَا، وَكَذَا فِي كُلِّ يَوْمٍ كَذَا، وَكَذَا فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ. اهـ.

[وَقْت صَلَاة الْعِيد وكيفيتها]

(قَوْلُهُ سَبْعًا فِي الْأُولَى إلَخْ) قَالَ الْأَقْطَعُ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ وَيَبْدَأُ فِيهِمَا بِالتَّكْبِيرِ وَرَوَى مُعَلَّى عَنْهُ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرِ كُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَبِأَيِّ الْأَخْبَارِ أَخَذَ فَحَسَنٌ. اهـ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ فِي الْعِيدِ الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ» قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ صَحَّحَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ.

(فَرْعٌ) لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يُكَبِّرْ فَإِنَّهُ يَعُودُ وَيُكَبِّرُ وَقَدْ انْتَقَضَ رُكُوعُهُ وَيُعِيدُ الْقِرَاءَةَ فَرْقٌ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي حَيْثُ أُمِرَ الْإِمَامُ بِالْعَوْدِ إلَى الْقِيَامِ وَلَمْ نَأْمُرْهُ بِالتَّكْبِيرَاتِ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَالْمَسْأَلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ حَيْثُ أُمِرَ الْمُقْتَدِي بِالتَّكْبِيرِ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَحَلَّ التَّكْبِيرَاتِ فِي الْأَصْلِ الْقِيَامُ الْمَحْضُ وَإِنَّمَا أَلْحَقْنَا حَالَةَ الرُّكُوعِ بِالْقِيَامِ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي ضَرُورَةَ وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ، وَهَذِهِ الضَّرُورَةُ لَمْ تَتَحَقَّقْ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَبَقِيَ مَحَلُّهَا الْقِيَامُ الْمَحْضُ فَأُمِرَ بِالْعَوْدِ إلَيْهِ، وَمِنْ ضَرُورَةِ الْعَوْدِ إلَى الْقِيَامِ ارْتِفَاضُ الرُّكُوعِ كَمَا لَوْ تَذَكَّرَ الْفَاتِحَةَ فِي الرُّكُوعِ أَنَّهُ يَعُودُ وَيَرْكَعُ وَيَقْرَأُ وَيَرْتَفِضُ رُكُوعُهُ كَذَا هُنَا وَلَا يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ؛ لِأَنَّهَا تَمَّتْ بِالْفَرَاغِ عَنْهَا وَالرُّكْنُ بَعْدَ تَمَامِهِ وَالِانْتِقَالُ عَنْهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلنَّقْضِ وَالْإِبْطَالِ فَبَقِيَ عَلَى مَا تَمَّتْ هَذَا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ الْقِرَاءَةِ أَمَّا إذَا تَذَكَّرَ قَبْلَ الْفَرَاغِ عَنْهَا بِأَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ دُونَ السُّورَةِ يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ وَيَأْتِي بِالتَّكْبِيرَاتِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَغَلَ بِالْقِرَاءَةِ قَبْلَ أَوَانِهَا فَيَتْرُكُهَا وَيَأْتِي بِمَا هُوَ الْأَهَمُّ لِكَوْنِ الْمَحَلِّ مَحَلًّا لَهُ، ثُمَّ يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ؛ لِأَنَّ الرُّكْنَ مَتَى تُرِكَ قَبْلَ تَمَامِهِ يَرْتَفِضُ مِنْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فِي نَفْسِهِ وَمَا لَا يَتَجَزَّأُ فِي نَفْسِهِ فَوُجُودُهُ مُعْتَبَرٌ بِالْجُزْءِ الَّذِي بِهِ تَمَامُهُ فِي الْحُكْمِ وَنَظِيرُهُ مَنْ ذَكَرَ سَجْدَةً فِي الرُّكُوعِ خَرَّ لَهَا وَيُعِيدُ الرُّكُوعَ. اهـ. بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَالَ إلَى آخِرِ الْمَقَالَةِ) لَيْسَ مِنْ الْأَصْلِ بَلْ هُوَ حَاشِيَةٌ بِخَطِّ الشَّارِحِ عَلَى هَامِشِ نُسْخَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>