للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ إذْ الْكُلُّ بَيْعٌ وَالْوَكِيلُ أَصِيلٌ فِيهِ فِي الْحَالَيْنِ حَتَّى تَتَعَلَّقَ بِهِ الْحُقُوقُ فِي الْحَالَيْنِ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْبَيَانِ وَهُنَا أَحَدُهُمَا إعْتَاقٌ مُعْقِبُ لِلْوَلَاءِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُقُوقُ بِالْوَكِيلِ وَالْآخَرُ بَيْعٌ وَأَحْكَامُهُ خِلَافُ الْعِتْقِ فَلَا يَدُلُّ رِضَاهُ بِأَحَدِهِمَا عَلَى الرِّضَا بِالْآخِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ، فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْوَكِيلِ وَالْأَلْفُ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْعَبْدِ إذَا عَتَقَ أَلْفٌ مِثْلُهَا ثَمَنًا أَوْ بَدَلَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ قَدْ بَطَلَ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَوْلَى مَا أَدَّاهُ بِجِهَةٍ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّهُ كَسَبَ عَبْدَهُ فَكَانَ مِلْكًا لَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْعِتْقِ فَلَا يَصْلُحُ مِلْكُهُ بَدَلًا عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ وَالْمَالِكُ لِلْعَبْدِ فَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ، وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لِلْعَبْدِ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْعِتْقِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ وَالْمَالُ عَلَى الْعَبْدِ دُونَ الْوَكِيلِ وَذَكَرَ فِي وَكَالَةِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَفِي وَكَالَةِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْعَبْدَ يُعْتَقَ وَالْمَالُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ تَوْكِيلَهُ بِشِرَاءِ الْعَبْدِ لِلْعَبْدِ كَتَوْكِيلِهِ بِشِرَائِهِ لِغَيْرِهِ فَيُطَالَبُ بِبَدَلِهِ الْوَكِيلُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ وَكِيلَ الْعَبْدِ فِي الْعِتْقِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ وَلَفْظُ الْبَيْعِ يَكُونُ مَجَازًا عَنْ الْعِتْقِ لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ مَعْنَى الْبَيْعِ حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْعَبْدِ الْآمِرِ لَهُ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ حُقُوقُهُ فَيُطَالَبُ الْآمِرُ كَمَا إذَا كَانَ الْآمِرُ بِبَيْعِ نَفْسِ الْعَبْدِ مِنْ الْعَبْدِ هُوَ الْمَوْلَى حَيْثُ يَكُونُ الطَّلَبُ بِالْبَدَلِ إلَى الْمَوْلَى دُونَ الْوَكِيلِ لِمَا قُلْنَا

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَإِنْ قَالَ لِعَبْدٍ اشْتَرِ لِي نَفْسَك مِنْ مَوْلَاك فَقَالَ لِلْمَوْلَى بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ فَفَعَلَ فَهُوَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ عَتَقَ) أَيْ إذَا قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدٍ: اشْتَرِ لِي نَفْسَك مِنْ مَوْلَاك فَقَالَ الْعَبْدُ لِمَوْلَاهُ بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ فَبَاعَهُ الْمَوْلَى عَلَى هَذَا الشَّرْطِ كَانَ الْعَبْدُ مِلْكًا لِلْآمِرِ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْعَبْدَ بِأَنْ قَالَ بِعْنِي وَلَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ عَتَقَ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ يَصْلُحُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ جَوَازَ الشِّرَاءِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ، وَالْعَبْدُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ نَفْسِهِ فِي حُكْمِ الْمَالِيَّةِ إلَّا أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَمْلِكُ حَبْسَ الْعَبْدِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْبَدَلَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَالْمُودَعِ إذَا اشْتَرَى الْوَدِيعَةَ لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِوُجُودِ الْقَبْضِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْمُوَكِّلِ كَانَ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ.

وَإِذَا أَضَافَ الشِّرَاءَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ بِعْنِي نَفْسِي لِنَفْسِي عَتَقَ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَا يُقَالُ إنَّ الْعَبْدَ وَكِيلٌ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ أَتَى بِجِنْسٍ آخَرَ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ إعْتَاقٌ عَلَى مَالٍ وَشِرَاؤُهُ قَبُولُ الْعِتْقِ فَيَكُونُ مُخَالِفًا فَيَنْفُذُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ يَنْفُذُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ، وَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ بِعْنِي نَفْسِي وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لِفُلَانٍ عَتَقَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَقَعُ امْتِثَالًا بِالشَّكِّ فَيَبْقَى التَّصَرُّفُ وَاقِعًا لِنَفْسِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْبَيْعَ حَقِيقَةٌ فِيهِ وَالْعِتْقَ مَجَازٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ عِنْدَ التَّرَدُّدِ إذْ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ هُوَ الْأَصْلُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَصْلُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ فَتَعَارَضَ الْأَصْلَانِ فَتَسَاقَطَا فَيَرْجِعُ إلَى غَرَضِ الْمَوْلَى، فَإِنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَ التَّصَرُّفَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَوْلَى يُرِيدُ الْإِعْتَاقَ إذْ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ مُطْلَقًا إعْتَاقٌ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى إضَافَتِهِ إلَى الْعَبْدِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَلَا يَرْضَى بِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ لَا إلَى الْحُرِّيَّةِ لِيَثْبُتَ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ ثُمَّ الثَّمَنُ هُنَا يَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ فِي الْوَجْهَيْنِ دُونَ ذِمَّةِ الْآمِرِ أَمَّا إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ لِلْآمِرِ فَلِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ فَتَرْجِعُ إلَيْهِ الْحُقُوقُ فَيُطَالَبُ بِالثَّمَنِ وَيَرْجِعُ هُوَ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَلَا يُقَالُ الْعَبْدُ هُنَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَالْوَكِيلُ إذَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ زَالَ الْحَجْرُ هُنَا بِالْعَقْدِ الَّذِي بَاشَرَهُ مُقْتَرِنًا بِإِذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ لِلْآمِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَلَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَإِنْ وَقَعَ لِلْعَبْدِ يُكْتَفَى بِقَوْلِ الْمَوْلَى بِعْتُ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَبُولِ الْعَبْدِ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعْنِي نَفْسِي؛ لِأَنَّهُ إعْتَاقٌ فَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمَوْلَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاحِدَ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي الْعِتْقِ كَالنِّكَاحِ وَلَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ

(فَصْلٌ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ) وَذَلِكَ مِثْلُ قَرَابَةِ الْوِلَادِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْقَبْضِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ وَدِيعَةً فَبَاعَهُ يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَضْمُونِ لَا يَنُوبُ عَنْ الْمَضْمُونِ. اهـ.

[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

(فَصْلٌ) هَذَا الْفَصْلُ عَقَدَهُ لِلْبَيْعِ وَذَكَرَهُ بَعْدَ فَصْلِ الشِّرَاءِ لِأَنَّ الْإِزَالَةَ تَسْتَدْعِي سَابِقَةَ الْإِثْبَاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ مِثْلُ قَرَابَةِ الْوِلَادِ) كَأَبِيهِ وَجَدِّهِ وَأُمِّهِ وَوَلَدِهِ، وَإِنْ سَفَلَ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>