فَرْضٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الْغُلَامُ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ عَصَبَهَا وَعَصَبَ الْوُسْطَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي وَالْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ، وَسَقَطَتْ السُّفْلَيَاتُ، وَلَوْ كَانَ الْغُلَامُ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّانِي عَصَبَهَا وَعَصَبَ الْوُسْطَى مِنْهُ وَالْوُسْطَى وَالْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ وَالسُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ مَعَ السُّفْلَى مِنْ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ عَصَبَ الْجَمِيعَ غَيْرَ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ، وَالْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْعُلْيَا تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْبِنْتِ، وَالْبَوَاقِي مَنَازِلَ بَنَاتِ الِابْنِ.
وَلَوْ كَانَ الِابْنُ مَعَ الْعُلْيَا مِنْ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ عَصَبَ أُخْتَهُ، وَسَقَطَتْ الْبَوَاقِي كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْأَوْلَادِ فَصَارَ لِبَنَاتِ الِابْنِ أَحْوَالٌ سِتٌّ النِّصْفُ لِلْوَاحِدَةِ وَالثُّلُثَانِ لِلَّاثْتَيْنِ فَصَاعِدًا، وَالْمُقَاسَمَةُ مَعَ ابْنِ الِابْنِ وَالسُّدُسُ مَعَ الصُّلْبِيَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَالسُّقُوطُ بِالِابْنِ وبالصلبيتين إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ غُلَامٌ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْمَسَائِلِ يُسَمَّى فِي عُرْفِ الْفَرْضِيَّيْنِ تَشْبِيبُ بَنَاتِ الِابْنِ إذَا ذُكِرْنَ مَعَ اخْتِلَافِ الدَّرَجَاتِ.
وَهُوَ إمَّا مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ شَبَّبَ فُلَانٌ بِفُلَانَةَ إذَا أَكْثَرَ ذِكْرَهَا فِي شِعْرِهِ، وَتَشْبِيبُ الْقَصِيدَةِ تَحْسِينُهَا وَتَزْيِينُهَا بِذِكْرِ النِّسَاءِ أَوْ مَنْ شَبَّ النَّارَ إذَا أَوْقَدَهَا لِأَنَّ فِيهِ تَذْكِيَةً لِلْخَوَاطِرِ أَوْ مِنْ شَبَّ الْفَرَسُ يَشِبُّ وَيَشُبُّ شَبَابًا إذَا رَفَعَ يَدَيْهِ جَمِيعًا، وَأَشْبَبْتُه أَنَا إذَا هَيَّجْته لِذَلِكَ لِأَنَّهُ خُرُوجُ وَارْتِفَاعٌ مِنْ دَرَجَةٍ إلَى أُخْرَى كَحَالِ الْفَرَسِ فِي نَزَوَاتِهِ أَيْ وَثَبَاتِهِ فَصَارَ لِبَنَاتِ الِابْنِ أَحْوَالٌ سِتٌّ: الثَّلَاثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَنَاتِ وَالسُّدُسُ مَعَ الصُّلْبِيَّةِ، وَالسُّقُوطُ بِالِابْنِ وبالصلبيتين إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ غُلَامٌ. .
[الأخوات لِأَب وَأُمّ أحوالهن فِي الْمِيرَاث]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَبَنَاتِ الصُّلْبِ عِنْدَ عَدَمِهِنَّ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْبَنَاتِ وَبَنَاتُ الِابْنِ حَتَّى يَكُونَ لِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ، وَلِلثِّنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ، وَمَعَ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦].
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلِأَبٍ كَبَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الْصُلْبِيَّاتِ) أَيْ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ مَعَ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَبَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الْصُلْبِيَّاتِ حَتَّى يَكُونَ لِلْوَاحِدَةِ مِنْ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ النِّصْفُ عِنْدَ عَدَمِ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَلِلثِّنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ فَصَاعِدًا، وَمَعَ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَمَعَ الْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَيَسْقُطْنَ بِالْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ لِأَبٍ فَيَعْصِبُهُنَّ لِمَا تَلَوْنَا وَبَيَّنَّا.
وَيَأْتِي فِيهِنَّ خِلَافُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُقَاسَمَةِ الْإِخْوَةِ بَعْدَ فَرْضِ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ أُخْتٍ وَاحِدَةٍ لَهُمَا أَيْ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّاهُ فِي بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الْبَنَاتِ وَضِرَارِهِ لَهُنَّ مَعَ الْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ إذْ الْكَلَامُ فِي الْأَخَوَاتِ كَالْكَلَامِ فِي الْبَنَاتِ، وَالنَّصُّ الْوَارِدُ فِيهِنَّ كَالنَّصِّ الْوَارِدِ فِي الْبَنَاتِ فَاسْتَغْنَيْنَا عَنْ الْبَحْثِ فِيهِنَّ بِالْبَحْثِ فِي الْبَنَاتِ إذْ طَرِيقُ الْبَحْثِ فِيهِمَا وَاحِدٌ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَعَصَبَهُنَّ إخْوَتُهُنَّ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ) أَيْ عَصَبَ الْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ إخْوَتُهُنَّ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ.
أَمَّا تَعْصِيبُ الْإِخْوَةِ لَهُنَّ فَظَاهِرٌ لِمَا تَلَوْنَا، وَأَمَّا تَعْصِيبُ الْبِنْتِ لَهُنَّ وَبِنْتِ الِابْنِ فَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اجْعَلُوا الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةً» «وَوَرَّثَ مُعَاذٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْيَمَنِ بِنْتًا وَأُخْتًا فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ يَوْمَئِذٍ» وَرُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَضَى فِي ابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسَ وَالْبَاقِيَ لِلْأُخْتِ» وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْبِنْتَ مِمَّنْ يَعْصِبُ الْأَخَوَاتِ، وَهُوَ مَجَازٌ.
وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا تَعْصِبُهُنَّ، وَإِنَّمَا يَصِرْنَ عَصَبَةً مَعَهَا لَا بِهَا، وَالْبِنْتُ بِنَفْسِهَا لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَيْفَ تَعْصِبُ غَيْرَهَا بِخِلَافِ الْإِخْوَةِ عَلَى مَا يَجِيءُ مِنْ قَرِيبٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ أَسْقَطَ الْأَخَوَاتِ بِالْبِنْتِ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْبِنْتِ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ الْبَاقِي كُلُّهُ لِلْإِخْوَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ الْبَاقِي بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ قِيلَ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَ الْبِنْتِ أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فِي رِوَايَةٍ الْبَاقِي لِلْأَخِ وَحْدَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بَيْنَ الْجَمِيعِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ هُوَ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: ١٧٦] فَإِرْثُهَا مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْوَلَدِ، وَاسْمُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فَيَعْصِبُهُنَّ لِمَا تَلَوْنَا وَبَيَّنَّا) وَيَسْقُطْنَ أَيْضًا بِالْأَخِ لِأَبَوَيْنِ لِقَوْلِهِ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعَلَّاتِ» اهـ