الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إطْلَاقُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ يَتَنَاوَلُ الْبَيْعَ بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنَ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ وَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ لَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ فِي الْفَصْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَرِّثِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ أَوْ الْأَبِ إذَا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِمَا فِي مَالِ الصَّغِيرِ، ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إجَازَتِهِمَا لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ لَهُ فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَتْ أَمَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا وَكَانَ قَدْ وَطِئَهَا، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى حَيْثُ تَنْتَقِلُ الْإِجَازَةُ إلَى ابْنِهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الِانْتِقَالِ إلَى الْوَارِثِ كَانَ لِمَعْنًى وَهُوَ حُدُوثُ حِلٍّ بَاتَ عَلَى مَوْقُوفٍ فَأَبْطَلَهُ وَقَدْ عُدِمَ ذَلِكَ هُنَا بِوَطْءِ أَبِيهِ فَلَا يَبْطُلُ حَتَّى لَوْ قُدِّرَ فِي الشِّرَاءِ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ بِأَنْ بَاعَهَا الْمَوْلَى مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَوْ أَجَازَ الْمِلْكَ فِي حَيَاتِهِ وَلَا يَعْلَمُ حَالَ الْمَبِيعِ جَازَ الْبَيْعُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: لَا يَصِحُّ حَتَّى يَعْلَمَ قِيَامَهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي شَرْطِ الْإِجَازَةِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَصَحَّ عِتْقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ لَا بَيْعُهُ) مَعْنَاهُ لَوْ غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا وَبَاعَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ جَازَ عِتْقُهُ وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ أَيْضًا وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَقَدْ قَالَ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» وَهَذَا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَالْمَوْقُوفُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ إذْ لَا نَفَاذَ فِيهِ وَعِنْدَ الْإِجَازَةِ إنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا يَصْلُحُ شَرْطًا لِلْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لِلْإِعْتَاقِ مِلْكٌ كَامِلٌ لِمَا رَوَيْنَا وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ فِيهِ الْمِلْكَ مُطْلَقًا وَالْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ، ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ لَا يَصِحُّ الْعِتْقُ مَعَ أَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ لَهُ بِالضَّمَانِ أَقْوَى مِنْ الْمِلْكِ الثَّابِتِ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى يَنْفُذَ بَيْعُ الْغَاصِبِ إذَا أَدَّى الضَّمَانَ وَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَكَذَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، ثُمَّ بَاعَهُ، ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ لَمْ يَنْفُذْ الثَّانِي مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ أَسْرَعُ نَفَاذًا مِنْ الْعِتْقِ حَتَّى صَحَّ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ لَهُ دُونَ عِتْقِهِمَا وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ، ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ نَفَذَ بَيْعُهُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ، ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ، ثُمَّ أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ صَحَّ بَيْعُ الْغَاصِبِ وَبَطَلَ عِتْقُهُ لِمَا بَيَّنَّا وَلَهُمَا أَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ مَوْقُوفًا بِتَصَرُّفٍ مُطْلَقٍ مُفِيدٍ لِلْمِلْكِ بِالْوَضْعِ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ فَيَتَوَقَّفُ الْإِعْتَاقُ مُرَتَّبًا عَلَيْهِ وَيَنْفُذُ بِنَفَاذِهِ وَصَارَ كَإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الرَّاهِنِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ وَيَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ الْمَبِيعَ وَكَإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَارِثِ وَالتَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدَّيْنِ فَأَجَازَتْ الْغُرَمَاءُ الْبَيْعَ أَوْ إعْتَاقَ الْوَارِثِ عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ وَهِيَ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدَّيْنِ فَقَضَى الدَّيْنَ أَوْ أَبْرَأَ الْغُرَمَاءُ.
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
عَنْ سُؤَالٍ بِأَنْ يُقَالَ لِمَ جُعِلَ شِرَاءً وَلَمْ يُجْعَلْ بَيْعًا مَعَ أَنَّ بَيْعَ الْمُقَايَضَةِ شِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ فَأَجَابَ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا أَوْ دَيْنًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى حَيْثُ تَنْتَقِلُ الْإِجَازَةُ إلَى ابْنِهِ) أَيْ فَإِنْ أَجَازَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا فَهَذِهِ فُضُولِيَّةٌ وَتَوَقَّفَ عَمَلُهَا عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ اهـ (قَوْلُهُ بِأَنْ بَاعَهَا الْمَوْلَى) أَيْ الْأَمَةَ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ تَنْتَقِلُ الْإِجَازَةُ إلَى الْمُشْتَرِي.
[عِتْق مشتر مِنْ غَاصِب بإجازة بَيْعه]
(قَوْلُهُ جَازَ عِتْقُهُ) قَالَ الْكَمَالُ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا، لَكِنَّهُمْ أَثْبَتُوا خِلَافَهُ مَعَ زُفَرَ فِي بُطْلَانِ الْعِتْقِ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي جَرَتْ الْمُحَاوَرَةُ فِيهَا بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِ هَذَا الْكِتَابَ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: مَا رَوَيْت لَك عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعِتْقَ جَائِزٌ وَإِنَّمَا رَوَيْت أَنَّ الْعِتْقَ بَاطِلٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: بَلْ رَوَيْت لِي أَنَّ الْعِتْقَ جَائِزٌ وَإِثْبَاتُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي صِحَّةِ الْعِتْقِ بِهَذَا لَا يَجُوزُ لِتَكْذِيبِ الْأَصْلِ الْفَرْعَ صَرِيحًا وَأَقَلُّ مَا هُنَا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ هُنَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: إنَّ هَذِهِ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَنَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ وَسَيَجِيءُ اهـ وَقَوْلُهُ جَازَ عِتْقُهُ أَيْ اسْتِحْسَانًا. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ) وَاسْتَوْضَحَ عَلَى ذَلِكَ بِفُرُوعٍ أَرْبَعَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ حَتَّى يَنْفُذَ بَيْعُ الْغَاصِبِ إذَا أَدَّى الضَّمَانَ) هَذَا إذَا أَدَّى قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَمَّا إذَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ. اهـ. عِمَادِيَّةٌ فِي آخِرِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ إنَّ الْبَيْعَ أَسْرَعُ نَفَاذًا مِنْ الْعِتْقِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ لَمْ يَنْفُذْ إعْتَاقُهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ بَاعَ) اسْتِيضَاحٌ ثَانٍ لِكَوْنِ الْبَيْعِ أَسْرَعَ نَفَاذًا. اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ لِمَا ذَكَرْنَا) أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ أَسْرَعُ نَفَاذًا اهـ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ وَكَذَا لَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ وَلَا الطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ حَتَّى لَوْ أُجِيزَ لَا يَقَعُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَكُلٌّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي الْحَاجَةِ إلَى الْمِلْكِ عَلَى السَّوَاءِ وَلِذَا إذَا جَعَلَ فُضُولِيٌّ أَمْرَ امْرَأَةٍ بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا، ثُمَّ أَجَازَ الزَّوْجُ لَا تَطْلُقُ بَلْ يَثْبُتُ التَّفْوِيضُ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا الْآنَ طَلُقَتْ وَإِلَّا لَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَبَطَلَ عِتْقُهُ) أَيْ بَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ وَهَذَا قَوْلُ الْبَعْضِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ عِتْقَهُ نَافِذٌ اهـ كَمَا سَيَجِيءُ بَعْدَ أَسْطُرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ بِتَصَرُّفٍ مُطْلَقٍ) قَالَ الْكَمَالُ: وَمُطْلَقٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَخَرَجَ جَوَابُ قَوْلِهِ لَا يَصِحُّ عِتْقُ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ مُطْلَقٍ إذْ الْخِيَارُ بِمَنْعِ ثُبُوتِهِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ بَاتًّا وَمَوْقُوفًا وَقَدْ يُقْرَأُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ الْبَيْعَ) وَالْجَامِعُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إعْتَاقٌ فِي بَيْعٍ مَوْقُوفٍ. اهـ. فَتْحٌ وَقَوْلُهُ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الصَّوَابُ، وَلَكِنَّ الَّذِي بِخَطِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute