للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّرَاخِي إلَى وَقْتِ الْإِجَازَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَالضَّرَرُ فِي النَّفَاذِ لَا فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَأُجِيزَ فَأَرْشُهُ لِمُشْتَرِيهِ) أَيْ لَوْ قُطِعَتْ يَدُ عَبْدٍ بَاعَهُ الْفُضُولِيُّ، ثُمَّ أَجَازَ مَالِكُهُ الْبَيْعَ يَكُونُ أَرْشُ الْيَدِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ لَهُ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقَطْعَ وَرَدَ عَلَى مِلْكِهِ وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا يَحْدُثُ مِنْ الْمَبِيعِ مِنْ كَسْبٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ عُقْرٍ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ وَالْعُذْرُ لَهُ أَنَّ الْمِلْكَ مِنْ وَجْهٍ يَكْفِي لِاسْتِحْقَاقِ الزَّوَائِدِ كَالْمُكَاتَبِ إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ فَأَخَذَ الْأَرْشَ، ثُمَّ رُدَّ فِي الرِّقِّ يَكُونُ الْأَرْشُ لِلْمَوْلَى وَكَذَا إذَا قُطِعَتْ يَدُ الْمَبِيعِ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَأَجَازَ الْبَيْعَ يَكُونُ الْأَرْشُ لِلْمُشْتَرِي لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ اسْتِنَادِ مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ لِافْتِقَارِهِ إلَى الْمِلْكِ الْكَامِلِ وَمَعَ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي وَبِخِلَافِ مَا إذَا غَصَبَ عَبْدًا فَقُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَهُ، ثُمَّ ضَمِنَ قِيمَتَهُ حَيْثُ لَا يَكُونُ الْأَرْشُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَيْسَ بِسَبَبٍ مَوْضُوعٍ لِلْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ ضَرُورَةً عَلَى مَا بَيَّنَّا فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ الزَّوَائِدِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتَصَدَّقَ بِمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ)؛ لِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةَ عَدَمِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ حَقِيقَةً وَقْتَ الْقَطْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَكَانَ ثَابِتًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ فَيَكُونُ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَيَطِيبُ لَهُ قَدْرُ نِصْفِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ أَرْشَ الْيَدِ قَامَ مَقَامَ نِصْفِ الثَّمَنِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ أَرْشَ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ فِي الْحُرِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي الْعَبْدِ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَاَلَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ مَا هُوَ كَائِنٌ بِمُقَابَلَةِ الثَّمَنِ فَمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ يَكُونُ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ أَوْ فِيهِ شُبْهَةُ عَدَمِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ لَهُ يَوْمَ قَطْعِ الْيَدِ حَقِيقَةً.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ) فَبَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْبَيْعِ وَأَرَادَ رَدَّ الْبَيْعِ لَمْ يُقْبَلْ لِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ بِالتَّنَاقُضِ إذْ إقْدَامُهُمَا عَلَى الْعَقْدِ وَهُمَا عَاقِلَانِ اعْتِرَافٌ مِنْهُمَا بِصِحَّتِهِ وَنَفَاذِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْعَاقِلِ الْمُسْلِمِ مُبَاشَرَةُ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ النَّافِذِ وَالْبَيِّنَةُ لَا تَنْبَنِي إلَّا عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ فَإِذَا بَطَلَتْ الدَّعْوَى لَا تُقْبَلُ وَهَذَا يُشْكِلُ بِمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا ادَّعَاهُ رَجُلٌ فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ فَأَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِإِقْرَارِهِ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُسْتَحِقِّ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُثْبِتَ لَهُ حَقَّ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا.

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ) أَيْ عَنْ الْمَالِكِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالضَّرَرُ فِي النَّفَاذِ) أَيْ لَا فِي تَوَقُّفِهِ اهـ فَتْحٌ.

[أرش الْعَبْد إذَا قَطَعَتْ يَده عِنْد الْمُشْتَرِي]

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَأُجِيزَ إلَخْ) عُلِمَ أَنَّ قَطْعَ الْيَدِ لَا يَمْنَعُ الْإِجَازَةَ لِقِيَامِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ قُتِلَ بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ ضَرُورَةً) أَيْ فِي الْمُتَّصِلِ اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةَ عَدَمِ الْمِلْكِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِشُبْهَةِ الْعَدَمِ اعْتِبَارٌ يَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ لَا بِالْفَضْلِ وَحْدَهُ قَالَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ، ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى بَيْعَ الْغَاصِبِ كَانَ الْأَرْشُ لِلْعَبْدِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ: وَإِنْ وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَلَيْسَ مِنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ مِنْ رَجُلٍ فَأَقَامَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ مَالِكُهُ بِبَيْعِهِ أَوْ أَقَامَ عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ ذَلِكَ وَأَرَادَ بِذَلِكَ رَدَّ الْعَبْدِ فَإِنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لَا تُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ عَلَى الدَّعْوَى إذْ الْإِقْدَامُ عَلَى الشِّرَاءِ دَلِيلُ دَعْوَاهُ صِحَّتَهُ وَأَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَهُ وَدَعْوَاهُ إقْرَارَهُ بِعَدَمِ الْأَمْرِ تُنَاقِضُهُ إذْ هُوَ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَمْلِكْ الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَقَبُولُ الْبَيِّنَةِ يَنْبَنِي عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى فَحَيْثُ لَمْ تَصِحَّ لَمْ تُقْبَلْ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ بَلْ ادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِبَيْعِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَمَرَك أَوْ ادَّعَى عَدَمَ الْأَمْرِ فَادَّعَى الْبَائِعُ الْأَمْرَ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الْأَمْرَ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ مُنَاقِضٌ إذْ إقْدَامُهُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ دَلِيلُ اعْتِرَافِهِ بِالصِّحَّةِ وَقَدْ نَاقَضَ بِدَعْوَاهُ عَدَمَ الْأَمْرِ بِخِلَافِ الْآخَرِ وَلِذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ لَا الْبَاطِلَةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَبَرْهَنَ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً اهـ ع (قَوْلُهُ أَوْ رَبُّ الْعَبْدِ) أَيْ أَوْ بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عَلَى إقْرَارِ رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ الْبَائِعَ بِالْبَيْعِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا يُشْكِلُ بِمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ إلَخْ) صُورَةُ مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ، ثُمَّ ادَّعَاهَا مُسْتَحِقٌّ كَانَ الْمُشْتَرِي خَصْمًا؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِلْمُدَّعِي أُمِرَ بِتَسْلِيمِهَا وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهَا لَهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا لَوْ جَحَدَ دَعْوَاهُ فَخُلِّفَ فَنَكَلَ فَقَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ كَإِقْرَارِهِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَيْ فَرَّقَ الْمَشَايِخُ بَيْنَ رِوَايَتَيْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالزِّيَادَاتِ فَقَالُوا: إنَّ الْعَبْدَ فِي مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَمْ تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَشَرْطُ الرُّجُوعِ عَدَمُ سَلَامَةِ الْعَيْنِ لِلْمُشْتَرِي وَالْعَيْنُ سَالِمَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُسْتَحِقِّ فَوُجِدَ شَرْطُ الرُّجُوعِ فَقُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ وَلَنَا فِي هَذَا الْفَرْقِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِي الزِّيَادَاتِ أَيْضًا فِي أَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْمُسْتَحِقِّ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ فِي الدَّعْوَى مَوْجُودٌ لَا مَحَالَةَ كَمَا بَيَّنَّا وَمَبْنَى الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى فَلَمْ تَصِحَّ فَلَا تَصِحُّ الْبَيِّنَةُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ رَبِّ الْعَبْدِ قَبْلَ الْبَيْعِ فِي مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَلِهَذَا لَمْ تُقْبَلْ الْبَيِّنَةُ لِلتَّنَاقُضِ وَفِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَمْ يَلْزَمْ التَّنَاقُضُ وَهَذَا مَحْمَلٌ صَحِيحٌ وَلِهَذَا لَمْ يَقْبَلْ الْبَيِّنَةَ فِي الزِّيَادَاتِ أَيْضًا فِي آخِرِ الْكِتَابِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَبْقَى بَعْدَهُ بَابٌ إلَى تَمَامِ الْكِتَابِ عَلَى تَرْتِيبِ مُحَمَّدٍ حَيْثُ قَالَ: رَجُلٌ بَاعَ شَيْئًا لِرَجُلٍ مِنْ رَجُلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>