للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَلَكِنْ تُقَصِّرُ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ الْحَلْقُ، إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ؛ وَلِأَنَّ حَلْقَ رَأْسِهَا مُثْلَةٌ كَحَلْقِ اللِّحْيَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتَلْبَسُ الْمَخِيطَ)؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَبَاحَ السَّرَاوِيلَ وَالْقَمِيصَ لِلنِّسَاءِ الْمُحْرِمَاتِ» فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ؛ وَلِأَنَّ فِي لُبْسِ غَيْرِ الْمَخِيطِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ وَلَا تَضْطَبِعُ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الرَّمَلِ وَلَا تَسْتَلِمُ الْحَجَرَ إذَا كَانَ هُنَاكَ جَمْعٌ؛ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَنْ مُمَاسَّةِ الرِّجَالِ، وَإِنْ وَجَدَتْهُ خَالِيًا عَنْ الرِّجَالِ اسْتَلَمَتْهُ لِعَدَمِ الْمَانِعِ وَتَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ وَالْقُفَّازَيْنِ وَتَتْرُكُ طَوَافَ الصَّدْرِ بِعُذْرِ الْحَيْضِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا دَمٌ بِتَأْخِيرِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ بِعُذْرِ الْحَيْضِ وَلَا تَحُجُّ إلَّا مَعَ الْمَحْرَمِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا تُقَصِّرُ مِنْ رَأْسِهَا مَا شَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِالرُّبُعِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ فِي التَّقْدِيرِ بِالرُّبُعِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا كَالْمَرْأَةِ احْتِيَاطًا وَلَا يَخْلُو بِامْرَأَةٍ وَلَا رَجُلٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَوْ يَكُونُ ذَكَرًا

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُنْثَى قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَنْ قَلَّدَ بَدَنَةً تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ أَوْ نَحْوَهُ فَتَوَجَّهَ مَعَهَا يُرِيدُ الْحَجَّ فَقَدْ أَحْرَمَ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ إذَا قَلَّدَ الرَّجُلُ هَدْيَهُ فَقَدْ أَحْرَمَ وَالْأَثَرُ فِي مِثْلِهِ كَالْمَرْفُوعِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا سَاقَهُ لِقَوْلِ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كُنْت فَتَلَتْ قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا ثُمَّ بَعَثَ بِهَا فَمَا حُرِّمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ حِلًّا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِمُجَرَّدِ التَّقْلِيدِ؛ وَلِأَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ بَعْدَ التَّقْلِيدِ فِي مَعْنَى التَّلْبِيَةِ إذْ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا مَنْ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ فَصَارَ مِنْ خَصَائِصِهِ كَالتَّلْبِيَةِ إذْ الْمَقْصُودُ بِالتَّلْبِيَةِ إظْهَارُ الْإِجَابَةِ لِلدَّعْوَةِ وَبِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ يَحْصُلُ إظْهَارُ الْإِجَابَةِ أَيْضًا وَإِظْهَارُ الْإِجَابَةِ قَدْ يَكُونُ بِالْفِعْلِ كَمَا يَكُونُ بِالْقَوْلِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ التَّقْلِيدَ مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ كَالتَّلْبِيَةِ، فَإِذَا اتَّصَلَ بِالنِّيَّةِ يَكُونُ مُحْرِمًا كَالتَّلْبِيَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَلَّدَهُ وَلَمْ يَسُقْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِهِ لَلَزِمَ الْحَرَجُ، وَهُوَ مَدْفُوعٌ

وَلَوْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي بَدَنَةٍ فَقَلَّدَهَا أَحَدُهُمْ صَارُوا مُحْرِمِينَ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْبَقِيَّةِ وَسَارُوا مَعَهَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ بَعَثَ بِهَا ثُمَّ تَوَجَّهَ إلَيْهَا لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا حَتَّى يَلْحَقَهَا) لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ»؛ وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ هَدْيٌ يَسُوقُهُ عِنْدَ التَّوَجُّهِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ وَبِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا، فَإِذَا أَدْرَكَهَا فَقَدْ اُقْتُرِنَتْ نِيَّتُهُ بِعَمَلٍ هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْحَجِّ فَيَصِيرُ مُحْرِمًا كَمَا لَوْ سَاقَهَا مِنْ الِابْتِدَاءِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إلَّا فِي بَدَنَةِ الْمُتْعَةِ) فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُحْرِمًا حِينَ تَوَجَّهَ إلَيْهَا مَعْنَاهُ إذْ نَوَى الْإِحْرَامَ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِيرَ مُحْرِمًا حَتَّى يَلْحَقَهَا لِمَا بَيَّنَّا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذَا الْهَدْيَ مَشْرُوعٌ مِنْ الِابْتِدَاءِ نُسُكًا مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَضْعًا؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِمَكَّةَ وَيَجِبُ شُكْرًا لِلْجَمْعِ بَيْنَ أَدَاءِ النُّسُكَيْنِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ مَكَّةَ؛ وَلِأَنَّ لِهَدْيِ الْمُتْعَةِ نَوْعَ اخْتِصَاصٍ بِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ بِسَبَبِهِ، فَإِنَّ الْمُتَمَتِّعَ إذَا سَاقَ الْهَدْيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ، فَكَذَا فِي ابْتِدَاءِ الشُّرُوعِ يَخْتَصُّ بِأَنْ يَصِيرَ مُحْرِمًا بِنَفْسِ التَّوَجُّهِ وَقَالَ أَبُو الْيُسْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَدْيُ الْقِرَانِ كَذَلِكَ وَذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الرُّقَيَّاتِ أَنَّ هَدْيَ الْمُتْعَةِ، إنَّمَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِهِ قَبْلَ إدْرَاكِهِ إذَا حَصَلَ التَّقْلِيدُ وَالتَّوَجُّهُ إلَيْهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَمَّا إذَا حَصَلَا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلَا يَكُونُ مُحْرِمًا حَتَّى يَلْحَقَهَا؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهِ وَصِفَةُ التَّقْلِيدِ أَنْ يُعَلِّقَ فِي عُنُقِ بَدَنَتِهِ قِطْعَةَ نَعْلٍ وَشِرَاكَ نَعْلٍ أَوْ عُرْوَةَ مَزَادَةٍ أَوْ لِحَاءَ شَجَرٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ عَلَامَةً عَلَى أَنَّهُ هَدْيٌ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ جَلَّلَهَا أَوْ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَ شَاةً لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا) يَعْنِي، وَإِنْ سَاقَهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ التَّجْلِيلَ لِدَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالذِّبَّانِ وَالْإِشْعَارُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يَكُونُ مِنْ النُّسُكِ وَعِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَ حَسَنًا فَقَدْ يُفْعَلُ لِلْمُعَالَجَةِ بِخِلَافِ التَّقْلِيدِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْهَدْيِ وَالتَّجْلِيلُ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ هَدَايَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ مُقَلَّدَةً مُجَلَّلَةً وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَلِيٍّ: «تَصَدَّقْ بِجَلَالِهَا وَخِطَامِهَا» عَلَى مَا يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالتَّقْلِيدُ أَحَبُّ مِنْ التَّجْلِيلِ؛ لِأَنَّ لَهُ ذِكْرًا فِي الْقُرْآنِ، وَهُوَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَتَلْبَسُ الْمَخِيطَ) أَيْ وَلَكِنْ لَا تَلْبَسُ الْمَصْبُوغَ بِوَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ أَوْ عُصْفُرٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ غُسِلَ؛ لِأَنَّ هَذَا تَزَيُّنٌ، وَهُوَ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ، وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ عَنْ ذَلِكَ فِي الْإِحْرَامِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا تُقَصِّرُ مِنْ رَأْسِهَا مَا شَاءَتْ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَسَابِعُهَا لَيْسَ عَلَيْهَا التَّقْصِيرُ فِي الرَّأْسِ قَدْرَ رُبُعِ الرَّأْسِ كَمَا فِي الرَّجُلِ بَلْ عَلَيْهَا أَنْ تُقَصِّرَ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهَا قَدْرَ أُنْمُلَةٍ لِقَوْلِ عُمَرَ الْمَرْأَةُ تَقُصُّ قَدْرَ أُنْمُلَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ جَزَاءُ الصَّيْدِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ قُلْنَا هَذَا فِي حَقِّ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ أَوْ جَزَاءُ صَيْدِ الْحَرَمِ بِأَنْ قَتَلَ الْحَلَالُ نَعَامَةَ الْحَرَمِ وَوَجَبَتْ قِيمَتُهَا جَزَاءً. اهـ. كَاكِيٌّ

(قَوْلُهُ أَوْ نَحْوَهُ) يُرِيدُ بِهِ دَمًا وَجَبَ جَبْرًا لِنَقَائِصِ الْحَجِّ كَمَا لَوْ طَافَ جُنُبًا طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ فَاشْتَرَى بَدَنَةً فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَتَوَجَّهَ مَعَهَا أَوْ يُرِيدُ بِهِ الْبَدَنَةَ لِلْمُتْعَةِ أَوْ لِلْقِرَانِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ فَتَوَجَّهَ مَعَهَا يُرِيدُ الْحَجَّ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ التَّقْلِيدُ وَالتَّوَجُّهُ مَعَهَا وَنِيَّةُ النُّسُكِ وَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَوْ قَلَّدَ بَدَنَةً بِغَيْرِ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا وَلَوْ سَاقَهَا هَدْيًا قَاصِدًا إلَى مَكَّةَ صَارَ مُحْرِمًا بِالسَّوْقِ نَوَى الْإِحْرَامَ أَوْ لَمْ يَنْوِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَإِظْهَارُ الْإِجَابَةِ قَدْ يَكُونُ بِالْفِعْلِ) أَيْ كَمَا إذَا قِيلَ لَك يَا فُلَانُ فَأَسْرَعْت إلَى خِدْمَتِهِ حَتَّى مَثُلْت بَيْنَ يَدَيْهِ فَهَذِهِ إجَابَةُ الْفِعْلِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَسَارُوا مَعَهَا) أَيْ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِمْ لَا يَصِيرُونَ مُحْرِمِينَ إلَّا الْمُقَلِّدَ وَحْدَهُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ مَشْرُوعٌ مِنْ الِابْتِدَاءِ نُسُكًا) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ وَجَبَ ابْتِدَاءً جَزَاءٌ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَضْعًا) أَرَادَ بِهِ الْوَضْعَ الشَّرْعِيَّ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ لِحَاءَ شَجَرٍ) هُوَ بِالْمَدِّ قِشْرُهَا. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ وَالذِّبَّانِ) الذُّبَابُ جَمْعُهُ فِي الْكَثْرَةِ ذِبَّانٌ مِثْلُ غُرَابٌ وَغِرْبَانٌ وَفِي الْقِلَّةِ أَذِبَّةٌ الْوَاحِدُ ذُبَابَةٌ. اهـ. مِصْبَاحٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَقَدْ يَكُونُ لِلزِّينَةِ. اهـ. كَاكِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>