للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ، وَالْأُجْرَةَ، وَالْقِسْمَةُ فِيهَا مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فَصَارَا كَالْبَيْعِ، وَالرَّجْعَةُ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِابْتِدَائِهِ، فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ كَمَا لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ ابْتِدَاءِ الْمِلْكِ بِهِ، وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى مَا يُذْكَرُ فِي الصُّلْحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَيَكُونُ بَيْعًا، وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالتَّمْلِيكَاتِ، فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَعَزْلُ الْوَكِيلِ، وَالِاعْتِكَافُ لَيْسَا مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ، فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِالشَّرْطِ.

وَالْمُعَامَلَةُ وَهِيَ الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ إجَارَةٌ؛ لِأَنَّ مَنْ يُجِيزُهُمَا لَمْ يُجِزْهُمَا إلَّا عَلَى اعْتِبَارِ الْإِجَارَةِ فَيَكُونَانِ مُعَاوَضَةَ مَالٍ بِمَالٍ فَيَفْسُدَانِ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِالشَّرْطِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَالْإِقْرَارُ وَالْوَقْفُ لَيْسَا مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ، فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِالشَّرْطِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الصِّدْقِ، وَالْكَذِبِ، فَإِنْ كَانَ كَذِبًا لَا يَكُونُ صِدْقًا بِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَلَا بِالْعَكْسِ، وَإِنَّمَا التَّعْلِيقُ فِي الْإِيجَابَاتِ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِيقَاعٍ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْجُحُودِ أَوْ دَعْوَى الْأَجَلِ فَيَلْزَمُهُ لِلْحَالِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالتَّحْكِيمُ لَا يَصِحُّ مُعَلَّقًا بِخَطَرٍ وَلَا مُضَافًا إلَى زَمَانٍ بِأَنْ قَالَ الْمُحَكِّمَانِ إذَا أَهَلَّ الشَّهْرُ، أَوْ قَالَا لِعَبْدٍ، أَوْ كَافِرٍ إذَا أَعْتَقْت، أَوْ أَسْلَمْت فَاحْكُمْ بَيْنَنَا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ، وَإِضَافَتُهُ إلَى الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَفْوِيضٌ وَتَوْلِيَةٌ فَصَارَ كَالْوَكَالَةِ، وَالْإِمَارَةِ، وَالْقَضَاءِ وَلِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ التَّحْكِيمَ تَوْلِيَةٌ صُورَةً وَصُلْحٌ مَعْنًى؛ إذْ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا فَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ صُلْحٌ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَا إضَافَتُهُ وَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَوْلِيَةٌ يَصِحُّ، فَلَا يَصِحُّ بِالشَّكِّ، وَالِاحْتِمَالِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ يُهْدِيَ إلَيْهِ أَوْ آجَرَهُ إيَّاهَا إنْ قَدِمَ زَيْدٌ اهـ وَقَوْلُهُ وَالْإِجَازَةُ بِالزَّايِ بِأَنْ بَاعَ الْفُضُولِيُّ عَبْدَ فُلَانٍ فَقَالَ أَجَزْته بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَنِي أَوْ يُهْدِيَ إلَيَّ أَوْ عَلَّقَ إجَازَتَهُ بِشَرْطٍ بِأَنْ قَالَ أَجَزْت الْبَيْعَ إنْ رَضِيَ فُلَانٌ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ بَيْعٌ مَعْنًى (قَوْلُهُ وَالرَّجْعَةُ) قَالَ الْعَيْنِيُّ بِأَنْ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ رَاجَعْتُك عَلَى أَنْ تُقْرِضِينِي كَذَا أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ؛ لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِابْتِدَائِهِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ ابْتِدَائِهِ فَكَذَا لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا أَيْضًا اهـ.

وَصُورَةٌ أُخْرَى لِفَسَادِ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِأَنْ قَالَ رَاجَعْتُك إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُك فَإِنَّهَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا فِي الْعِدَّةِ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ) قَالَ الْعَيْنِيُّ بِأَنْ قَالَ صَالَحْتُك عَلَى أَنْ تَسْكُنَنِي فِي الدَّارِ سَنَةً مَثَلًا أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ اهـ.

وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ مَا نَصُّهُ كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتُك، وَكَذَا لَا يَجُوزُ إضَافَتُهَا بِأَنْ يَقُولَ رَاجَعْتُك غَدًا اهـ.

وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ صُورَةُ فَسَادِ الصُّلْحِ عَنْ مَالٍ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِأَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا مَعْلُومًا وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَنْكَرَ فَصَالَحَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبَلَ الْمُدَّعِي عَبْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْآبِقِ لِأَجْلِ مَا ادَّعَى فَقَبِلَ يَكُونُ الصُّلْحُ فَاسِدًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ فَاسِدٌ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ إذْ الصُّلْحُ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ بَيْعٌ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي مُطْلَقًا وَالْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمُبْدَلِ شَرْطُ جَوَازِهِ وَلَا قُدْرَةَ هُنَا فَيَكُونُ الصُّلْحُ فَاسِدًا وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ بِأَنْ قَالَ صَالَحْتُك عَلَى كَذَا إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَقَبِلَ الْآخَرُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَعْنَى الْبَيْعِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ بِأَنْ قَالَ أَبْرَأْتُك عَنْ دَيْنِي عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ اهـ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ صُورَةُ فَسَادِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِأَنْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ أَبْرَأْت ذِمَّتَك عَنْ دَيْنِي بِشَرْطِ أَنَّ لِي الْخِيَارَ فِي رَدِّ الْإِبْرَاءِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْت وَصُورَةُ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ بِأَنْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ أَوْ كَفِيلِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ كَذَا أَوْ مَتَى أَدَّيْت أَوْ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ فَأَنْتَ بَرِيءٌ عَنْ الْبَاقِي فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا يَبْرَأُ وَإِنْ أَدَّى إلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ سَوَاءٌ ذَكَرَ لَفْظَ الصُّلْحِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ فَيَبْطُلُ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعَزْلُ الْوَكِيلِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ بِأَنْ قَالَ لِوَكِيلِهِ عَزَلْتُك عَلَى أَنْ تُهْدِيَ لِي شَيْئًا أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ اهـ.

فَالْوَكَالَةُ بَاقِيَةٌ لِفَسَادِ الْعَزْلِ (قَوْلُهُ وَالِاعْتِكَافُ) قَالَ الْعَيْنِيُّ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ اهـ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ صُورَةُ فَسَادِ الِاعْتِكَافِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِأَنْ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ اعْتِكَافُ أَيَّامٍ نَوَيْت أَنْ أَعْتَكِفَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لِلَّهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا أَصُومَ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ أُبَاشِرَ امْرَأَتِي فِي اعْتِكَافِي أَوْ أَنْ أَخْرُجَ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَشَاءُ لِحَاجَةٍ وَغَيْرِهَا يَكُونُ الِاعْتِكَافُ فَاسِدًا لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ بِأَنْ قَالَ نَوَيْت أَنْ أَعْتَكِفَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُعَامَلَةُ) قَالَ الْعَيْنِيُّ بِأَنْ قَالَ سَاقَيْتُك شَجَرِي أَوْ كَرْمِي عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي كَذَا أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ اهـ.

وَقِيلَ: صُورَةُ فَسَادِ الْمُعَامَلَةِ بِالشَّرْطِ بِأَنْ وَقَّتَا فِيهَا وَقْتًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا تَخْرُجُ الثَّمَرَةُ فِيهِ فَيَفْسُدُ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْمُزَارَعَةُ) بِأَنْ قَالَ زَارَعْتُك أَرْضِي عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي كَذَا أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ اهـ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ صُورَةُ فَسَادِ الْمُزَارَعَةِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِأَنْ عَقَدَا الْمُزَارَعَةَ وَشَرَطَا لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانًا مُسَمَّاةً أَوْ شَرَطَا أَنْ يَرْفَعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ بَذْرَهُ وَيَكُونَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ عَسَى أَنْ لَا تُخْرِجَ الْأَرْضُ إلَّا هَذَا الْمِقْدَارَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِقْرَارُ) بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا إنْ أَقْرَضَنِي كَذَا أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ اهـ.

عَيْنِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ) بِأَنْ قَالَ أَوْقَفْت دَارِي إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَوْ أَوْقَفْت دَارِي عَلَيْك إنْ أَخْبَرْتنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ اهـ.

ع (قَوْلُهُ وَالتَّحْكِيمُ) بِأَنْ قَالَا حَكَّمْنَا هَذَا إنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ، فَلَا يَصِحُّ التَّحْكِيمُ لِأَنَّهُمَا جَعَلَاهُ قَاضِيًا بِشَرْطِ عَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ (فَرْعٌ) يُحْفَظُ وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا دَخَلَ نَجْمٌ وَلَمْ تُؤَدِّ فَالْمَالُ حَالٌّ صَحَّ وَالْمَالُ يَصِيرُ حَالًّا فِي حِيَلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبُيُوعِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>