للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدًا بِجَارِيَةٍ، ثُمَّ تَقَايَلَا بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِبَقَاءِ أَحَدِهِمَا وَيَجِبُ رَدُّ الْبَاقِي مِنْهُمَا وَيَجِبُ عَلَى الْآخَرِ قِيمَةُ الْهَالِكِ لِمَا قُلْنَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَعَكْسُهَا شِرَاؤُهَا بِأَلْفٍ) أَيْ عَكْسُ مَسْأَلَةِ السَّلَمِ شِرَاءُ الْجَارِيَةِ بِأَلْفٍ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا لَوْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ وَلَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ هَلَاكِهَا ابْتِدَاءً لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِيهَا هِيَ الْجَارِيَةُ فَلَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ بَعْدَ هَلَاكِهَا ابْتِدَاءً وَلَا تَبْقَى لِانْعِدَامِ الْمَحَلِّ فَكَانَتْ عَكْسَ الْأُولَى بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ حَيْثُ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ ابْتِدَاءً بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِهِمَا وَلَا تَبْطُلُ بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعِوَضَيْنِ فِيهِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مَبِيعًا مِنْ وَجْهٍ فَيَبْقَى الْعَقْدُ بِبَقَاءِ أَحَدِهِمَا فَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْجِنْسَ مُنْقَسِمٌ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا الْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ وَالثَّانِي الْإِقَالَةُ فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ وَالثَّالِثُ الْإِقَالَةُ فِي بَيْعِ الْعَيْنِ بِالثَّمَنِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ الثَّلَاثَةِ وَالرَّابِعُ الْإِقَالَةُ فِي الصَّرْفِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُمَا إذَا تَقَايَلَا فِيهِ بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا أَوْ هَلَكَ الْبَدَلَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ التَّرَادِّ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الصَّرْفِ مَا وَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَلَاكُهُ وَالْمَقْبُوضُ غَيْرُهُ فَلَا يَمْنَعُ هَلَاكُهُ صِحَّةَ الْإِقَالَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرِدُ عَلَى مَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَلَا يَرِدُ عَلَى الْمَقْبُوضِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْمَقْبُوضُ قَائِمًا كَانَ لَهُمَا أَنْ يَرُدَّا غَيْرَهُ بَعْدَ التَّقَايُلِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الرَّدَاءَةِ وَالتَّأْجِيلِ لَا لِنَافِي الْوَصْفِ وَالْأَجَلِ) يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ الْوَصْفِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا شَرَطْنَا رَدِيئًا وَقَالَ الْآخَرُ: لَمْ نَشْتَرِطْ شَيْئًا أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: شَرَطْنَا الْأَجَلَ وَقَالَ الْآخَرُ: لَمْ نَشْتَرِطْ شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي اشْتِرَاطَ الْوَصْفِ وَالْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ إذْ السَّلَمُ لَا يَجُوزُ إلَّا مُؤَجَّلًا مَوْصُوفًا فَكَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ حَرَامٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَجَنَّبَ الْحَرَامَ وَيُبَاشِرَ الْمُبَاحَ، ثُمَّ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ خَرَجَ كَلَامُ أَحَدِهِمَا مَخْرَجَ التَّعَنُّتِ كَانَ بَاطِلًا وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَإِنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْخُصُومَةِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ اتَّفَقَا عَلَى عَقْدٍ وَاحِدٍ وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ، ثُمَّ تَفَاصِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ نَقُولَ: لَوْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: شَرَطْنَا رَدِيئًا وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ: لَمْ نَشْرِطْ شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ السَّلَمِ مُتَعَنِّتٌ فِي إنْكَارِهِ الصِّحَّةَ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَعَ رَدَاءَتِهِ يَزِيدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَكَلَامُ الْمُتَعَنِّتِ مَرْدُودٌ وَفِي عَكْسِهِ بِأَنْ ادَّعَى رَبُّ السَّلَمِ شَرْطَ الرَّدِيءِ وَأَنْكَرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الشَّرْطَ أَصْلًا كَانَ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ.

وَلَوْ قَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجَلٌ وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ: كَانَ لَهُ أَجَلٌ كَانَ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ مُتَعَنِّتٌ فِي إنْكَارِهِ مَا يَنْفَعُهُ وَهُوَ الْأَجَلُ وَهُوَ حَقٌّ لَهُ فَكَانَ بَاطِلًا فَإِنْ قِيلَ: الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَيْسَ بِمُتَعَنِّتٍ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي فَسَادَ الْعَقْدِ وَفِيهِ نَفْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْمُسْلَمُ فِيهِ بِسَبَبِ فَسَادِ الْعَقْدِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَادَةً فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لَهُ لِإِنْكَارِهِ قُلْنَا: الْفَسَادُ بِسَبَبِ عَدَمِ الْأَجَلِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَلَمْ يَتَيَقَّنْ بِالْفَسَادِ فَلَا يُعْتَبَرُ النَّفْعُ فِي سُقُوطِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ بِخِلَافِ عَدَمِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَلَا تَبْقَى) أَيْ بَعْدَ هَلَاكِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ حَيْثُ تَصِحُّ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ثُمَّ فِيمَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الطَّالِبِ وَهُوَ رَبُّ السَّلَمِ أَلَا تَرَى إلَى مَا نَصَّ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ إذَا تَتَارَكَا السَّلَمَ وَرَأْسُ الْمَالِ ثَوْبٌ فَهَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْمَطْلُوبِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الطَّالِبُ فَعَلَى الْمَطْلُوبِ قِيمَتُهُ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ وَعَلَى الطَّالِبِ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَا يَدَّعِي مِنْ فَضْلِ الْقِيمَةِ إلَى هُنَا لَفْظُ الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِيهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ لِلطَّالِبِ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا يَدَّعِي. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ كِلَاهُمَا) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَالظَّاهِرُ كِلَيْهِمَا.

(قَوْلُهُ مَخْرَجُ التَّعَنُّتِ) قَالَ الْكَمَالُ: وَهُوَ أَنْ يُنْكِرَ مَا يَنْفَعَهُ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ مَخْرَجَ التَّعَنُّتِ مَا نَصُّهُ لَا مَخْرَجَ الْخُصُومَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُتَعَنِّتِ مِرْوَدٌ فَإِذَا رُدَّ بَقِيَ كَلَامُ الْآخَرِ بِلَا مُعَارِضٍ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْخُصُومَةِ) قَالَ الْكَمَالُ: وَهُوَ أَنْ يُنْكِرَ مَا يَضُرُّهُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) يَعْنِي الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ رَبَّ السَّلَمِ مُتَعَنِّتٌ؛ لِأَنَّهُ بِإِنْكَارِ الصِّحَّةِ مُنْكِرٌ مَا يَنْفَعُهُ وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَرْبُو عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فِي الْعَادَةِ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ نَقْدًا وَالْمُسْلَمُ فِيهِ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّ الْعُقَلَاءَ قَاطِبَةً عَلَى إعْطَاءِ هَذَا الْعَاجِلِ بِذَاكَ الْآجِلِ وَلَوْلَا أَنَّهُ يَرْبُو عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ آجِلًا لَمْ تَطْبُو آرَاؤُهُمْ عَلَيْهِ. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ) لَيْسَ هَذَا فِي خَطِّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُتَعَنِّتِ مَرْدُودٌ) أَيْ فَبَقِيَ قَوْلُ الْآخَرِ بِلَا مُعَارِضٍ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُنْكِرًا وَكَلَامُهُ خُصُومَةٌ. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ) أَيْ وَإِنْ أَنْكَرَ الصِّحَّةَ. اهـ. فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ قُلْنَا: الْفَسَادُ بِسَبَبِ عَدَمِ الْأَجَلِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ) أَيْ فَإِنَّ عِنْدَ بَعْضِهِمْ السَّلَمَ بِدُونِ الْأَجَلِ جَائِزٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ، ثُمَّ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَجَلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا فِي أَصْلِ الْأَجَلِ فَفِيهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي لِلْأَجَلِ مَعَ يَمِينِهِ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيًا لِلْأَجَلِ أَوْ مُنْكِرًا وَالثَّانِي فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَهْرٌ وَقَالَ الْآخَرُ: إنَّهُ شَهْرَانِ فَفِيهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الزِّيَادَةَ فَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا الْبَيِّنَةُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ وَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا يَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ وَالثَّالِثُ فِي مُضِيِّ الْأَجَلِ قَالَ الطَّالِبُ: كَانَ الْأَجَلُ شَهْرًا وَقَدْ مَضَى وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>