وَيَكْتُبُ الْعُنْوَانَ مِنْ دَاخِلِ الْكِتَابِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى الظَّاهِرِ لَا يُقْبَلُ وَقِيلَ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَالْعُنْوَانُ يَكُونُ عَلَى الظَّاهِرِ فَيُعْمَلُ بِهِ وَيُكْتَبُ فِيهِ اسْمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاسْمُ الْمُدَّعِي عَلَى وَجْهٍ يَقَعُ بِهِ التَّمْيِيزُ وَذَلِكَ بِذِكْرِ جَدِّهِمَا وَيُذْكَرُ الْحَقُّ فِيهِ وَيُذْكَرُ اسْمُ الشُّهُودِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ اكْتَفَى بِذِكْرِ شَهَادَتِهِمْ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَلَى الشُّهُودِ إلَّا نَقْلَ الْكِتَابِ وَالشَّهَادَةِ أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ، وَلَا عَلَى الْقَاضِي سِوَى كِتَابَةِ الْحَاجَةِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا وَاخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِكَوْنِهِ أَسْهَلَ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ وَصَلَ إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ نَظَرَ إلَى خَتْمِهِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ بِلَا خَصْمٍ، وَلَا شُهُودٍ) لِأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ لِلْحُكْمِ بِهِ، فَلَا يَقْبَلُهُ إلَّا بِحُضُورِ الْخَصْمِ كَالشَّهَادَةِ بِخِلَافِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ حَيْثُ يَسْمَعُ الشَّهَادَةَ وَيَكْتُبُهَا وَالْخَصْمُ غَائِبٌ؛ لِأَنَّهُ لِلنَّقْلِ لَا لِلْحُكْمِ وَنَظِيرُهُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ حَيْثُ يُشْتَرَطُ فِيهَا حُضُورُ الْخَصْمِ عِنْدَ الْأَدَاءِ لَا عِنْدَ التَّحَمُّلِ وَيَجُوزُ أَنْ يُزَوَّرَ الْكِتَابُ، فَلَا يَقْبَلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عِنْدَ إنْكَارِ الْخَصْمِ أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي، وَإِنْ أَقَرَّ فَلَا حَاجَةَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ كِتَابُهُ، وَلَا يَلْزَمُ كِتَابُ الِاسْتِئْمَانِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ حَيْثُ يُعْمَلُ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بِهِ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كِتَابُهُمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُلْزِمٍ وَهَذَا مُلْزِمٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ حُجَّةٍ تَامَّةٍ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ إقْرَارِ الْخَصْمِ، وَلَا يَلْزَمُ رَسُولُ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي وَرَسُولُ الْمُزَكِّي إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِلْزَامَ فِيهِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ لَا بِالتَّزْكِيَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَأْخُذُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْكِتَابَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَلَكِنْ لَا يَعْمَلُ بِهِ إلَّا بِبَيِّنَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي سَلَّمَهُ إلَيْنَا فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَرَأَهُ عَلَيْنَا وَخَتَمَهُ فَتَحَهُ الْقَاضِي وَقَرَأَهُ عَلَى الْخَصْمِ وَأَلْزَمهُ مَا فِيهِ) يَعْنِي إذَا ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمْ عِنْدَهُ بِأَنْ كَانَ يَعْرِفُهُمْ بِالْعَدَالَةِ أَوْ وَجَدَ فِي الْكِتَابِ عَدَالَتَهُمْ بِأَنْ كَانَ الْقَاضِي
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَيَكْتُبُ الْعُنْوَانَ مِنْ دَاخِلِ الْكِتَابِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا مُعَنْوَنًا فِي دَاخِلِهِ وَخَارِجِهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ الْعُنْوَانَ فِي الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ وَالْعِبْرَةُ لِلدَّاخِلِ لَا لِلْخَارِجِ اهـ قَالَ الْكَاكِيُّ وَالشَّرْطُ عِنْدَهُمَا عُنْوَانُ الْبَاطِنِ لَا عُنْوَانُ الظَّاهِرِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ الْعُنْوَانَ الظَّاهِرَ اكْتَفَى الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالْعُنْوَانِ الْبَاطِنِ وَعَلَى الْعَكْسِ لَا يَجُوزُ اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ بِلَا خَصْمٍ وَلَا شُهُودٍ) قَالَ الْأَقْطَعُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَقْبَلُهُ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ يَخْتَصُّ بِالْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ وَالْحُكْمُ بَعْدَ ذَلِكَ يَقَعُ بِمَا عَلِمَهُ مِنْ الْكِتَابِ فَاعْتُبِرَ حُضُورُ الْخَصْمِ عِنْدَ الْحُكْمِ بِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ إلَخْ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ يُشْبِهُ الْكِتَابَ، فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ، وَهَذَا لِأَنَّهُ مُلْزِمٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُجَّةِ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ مَا نَصُّهُ أَيْ لَمْ يَأْخُذْهُ اهـ.
(صُورَةُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَنَخْتِمُ الْكِتَابَ بِمَا ذَكَرَ الْحَسَنُ فِي الْمُجَرَّدِ مِنْ صُورَةِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَهِيَ قَوْلُهُ مِنْ فُلَانٍ قَاضِي كُورَةِ كَذَا إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَاضِي كُورَةِ كَذَا سَلَامٌ عَلَيْك فَإِنِّي أَحْمَدُ إلَيْك اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ رَجُلًا أَتَانِي يُقَالُ لَهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ عَلَى رَجُلٍ فِي كُورَةِ كَذَا حَقًّا فَسَأَلَنِي أَنْ أَسْمَعَ مِنْ بَيِّنَتِهِ وَأَكْتُبَ إلَيْك بِمَا يَسْتَقِرُّ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ فَسَأَلْته الْبَيِّنَةَ فَأَتَانِي بِعِدَّةٍ مِنْهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ وَيُحِيلُهُمْ وَيَنْسِبُهُمْ فَشَهِدُوا عِنْدِي أَنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا حَالًّا وَسَأَلَنِي أَنْ أُحَلِّفَهُ مَا قَبَضَ مِنْهَا شَيْئًا وَلَا قَبَضَهُ لَهُ قَابِضٌ بِوَكَالَةٍ وَلَا احْتَالَ بِشَيْءٍ فَأَحْلَفْتُهُ فَحَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا قَبَضَ مِنْ هَذَا الْمَالِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ عِنْدِي وَلَا قَبَضَهُ لَهُ وَكِيلٌ وَلَا أَحَالَهُ وَلَا قَبَضَهُ لَهُ قَابِضٌ وَإِنَّهَا لَهُ عَلَيْهِ، وَسَأَلَنِي أَنْ أَكْتُبَ لَهُ إلَيْك بِمَا يَسْتَقِرُّ عِنْدِي فَكَتَبْتُ إلَيْك بِهَذَا الْكِتَابِ وَأَشْهَدْت عَلَيْهِ شُهُودًا أَنَّهُ كِتَابِي وَخَاتَمِي وَقَرَأْته عَلَى الشُّهُودِ. قَالَ ثُمَّ يَطْوِي الْكِتَابَ وَيَخْتِمُ عَلَيْهِ وَيَخْتِمُ الشُّهُودُ عَلَيْهِ فَهُوَ أَوْثَقُ، ثُمَّ يَكْتُبُ عَلَيْهِ عُنْوَانَ الْكِتَابِ مِنْ فُلَانٍ قَاضِي كُورَةِ كَذَا إلَى فُلَانٍ قَاضِي كُورَةِ كَذَا، ثُمَّ يَدْفَعُ إلَى الْمُدَّعِي.
فَإِنْ أَتَى بِهِ الْمُدَّعِي إلَى الْقَاضِي الَّذِي بِالْكُورَةِ فَذَكَرَ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي إلَيْهِ سَأَلَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْمَعَ لَهُ مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي حَتَّى يُحْضِرَ الْخَصْمَ، فَإِذَا أَحْضَرَهُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ قَبِلَ بَيِّنَتَهُ وَسَمِعَ مِنْهُ، فَإِذَا أَنْكَرَ قَالَ جِئْنِي بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ، فَإِذَا جَاءَ بِبَيِّنَةٍ وَعَدَلُوا سَمِعَ مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي عَلَى أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي الَّذِي ذَكَرَ فَيَقُولُ لَهُ أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ مَا فِيهِ، فَإِذَا قَالُوا نَعَمْ قَدْ قَرَأَهُ عَلَيْنَا وَأَشْهَدَنَا أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ، ثُمَّ خَتَمَهُ وَقَالَ هَذَا خَاتَمِي، فَإِذَا سَمِعَ مِنْهُ لَمْ يَكْسِرْ الْخَاتَمَ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ، فَإِذَا عَدَلُوا لَمْ يَكْسِرْ الْخَاتَمَ حَتَّى يَحْضُرَ الْخَصْمُ، فَإِذَا حَضَرَ الْخَصْمُ كَسَرَ الْخَاتَمَ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْخَصْمِ مَا فِي الْكِتَابِ، فَإِذَا قَالَ الشُّهُودُ نَعَمْ قَدْ أَشْهَدَنَا عَلَى مَا فِيهِ عَلَى مَا قَرَأَ عَلَيْنَا سَأَلَ الْخَصْمَ عَمَّا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَقَرَّ أَلْزَمَهُ إيَّاهُ وَإِنْ أَنْكَرَ قَالَ لَك حُجَّةٌ وَإِلَّا قَضَيْت عَلَيْك بِمَا فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ قَضَى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ حُجَّةٌ قَبِلَ حُجَّتَهُ، فَإِنْ قَالَ لَسْتُ أَنَا فُلَانًا الْفُلَانِيَّ الَّذِي شَهِدُوا عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَالِ قَالَ لَهُ أَلَكَ بَيِّنَةٌ أَنَّ فِي هَذِهِ الصِّنَاعَةِ أَوْ الْقَبِيلَةِ رَجُلًا يُنْسَبُ مِثْلَ مَا تُنْسَبُ إلَيْهِ وَإِلَّا أَلْزَمْتُك مَا شَهِدُوا بِهِ، فَإِنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّ فِي تِلْكَ الْقَبِيلَةِ أَوْ الصِّنَاعَةِ مَنْ يُنْسَبُ بِمِثْلِ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ أَبْطَلَ الْكِتَابَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْقَبِيلَةِ أَوْ الصِّنَاعَةِ أَحَدٌ عَلَى اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ قَضَى عَلَيْهِ. إلَى هُنَا لَفْظُ كِتَابِ الْمُجَرَّدِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُلْزِمٍ) أَيْ لِأَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَى الْأَمَانَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُعْطِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَقَرَأَهُ عَلَى الْخَصْمِ وَأَلْزَمهُ مَا فِيهِ) وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ كِتَابُهُ وَخَاتَمُهُ قَبِلَهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ قِرَاءَةِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ عَلَى الشُّهُودِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا شَهِدُوا أَنَّ الْكِتَابَ كِتَابُهُ وَالْخَاتَمَ خَاتَمُهُ ثَبَتَ أَنَّهُ كِتَابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute