للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَزَلَتْ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» وَيُكْرَهُ أَنْ يُنْقِصَ التَّسْبِيحَ عَنْ الثَّلَاثِ أَوْ يَتْرُكَهُ كُلَّهُ وَقَالَ أَبُو مُطِيعٍ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِذَلِكَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ لِلْوُجُوبِ وَلَنَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَهُ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَذَكَرَهُ لَهُ وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَتَنَاوَلُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ دُونَ تَسْبِيحَاتِهِمَا فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْأَمْرُ قَدْ يَكُونُ لِلِاسْتِحْبَابِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ الثَّلَاثِ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ، وَلَوْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمُقْتَدِي ثَلَاثًا أَتَمَّ ثَلَاثًا فِي رِوَايَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتَابِعُهُ وَكُلَّمَا زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ لِلْمُنْفَرِدِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْخَتْمُ عَلَى وِتْرٍ، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَا يَزِيدُ عَلَى وَجْهٍ يَمَلُّ الْقَوْمُ مِنْهُ وَلَا يَأْتِي فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِغَيْرِ التَّسْبِيحِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَزِيدُ فِي الرُّكُوعِ اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت وَلَك خَشَعْت وَلَك أَسْلَمْت وَعَلَيْك تَوَكَّلْت وَفِي السُّجُودِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّهَجُّدِ عِنْدَنَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ) وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي فَصْلِ الْوَاجِبَاتِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَاكْتَفَى الْإِمَامُ بِالتَّسْمِيعِ وَالْمُؤْتَمُّ وَالْمُنْفَرِدُ بِالتَّحْمِيدِ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجْمَعُ الْإِمَامَيْنِ الذِّكْرَيْنِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا؛ وَلِأَنَّهُ حَرَّضَ غَيْرَهُ فَلَا يَنْسَى نَفْسَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَأْتِي الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ بِالذِّكْرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُؤْتَمَّ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِيمَا يَفْعَلُ وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ قَسَمَ بَيْنَهُمَا وَالْقِسْمَةُ تُنَافِي الشَّرِكَةَ وَلَا يَلْزَمُنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا: آمِينَ» حَيْثُ يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ مَعَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ خَارِجٍ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُهَا» وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا» فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ أَرْبَعٌ يُخْفِيهِنَّ الْإِمَامُ وَقَدْ عَدَّ مِنْهَا التَّحْمِيدَ فَقَدْ عُرِفَ التَّحْمِيدُ أَيْضًا مِنْ خَارِجٍ فَوَجَبَ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ قُلْنَا مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْقِسْمَةِ مَرْفُوعٌ وَحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فَلَا يُعَارِضُ الْمَرْفُوعَ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: قَالَ أَبُو مُطِيعٍ) هُوَ الْبَلْخِيّ تِلْمِيذُ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ) أَيْ لِأَنَّ عِنْدَهُ الثَّلَاثَ فَرْضٌ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ قَدْ يَكُونُ لِلِاسْتِحْبَابِ) أَيْ بِدَلِيلِ حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتَابِعُهُ) أَيْ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: هَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ وَتَسْبِيحَاتُ الرُّكُوعِ سُنَّةٌ. اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ سَمِعَ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ خَفْقَ النِّعَالِ هَلْ يَنْتَظِرُ أَمْ لَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى عَنْ ذَلِكَ فَكَرِهَاهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَخْشَى عَلَيْهِ أَمْرًا عَظِيمًا يَعْنِي الشِّرْكَ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ مِقْدَارَ التَّسْبِيحَةِ وَالتَّسْبِيحَتَيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُطَوِّلُ التَّسْبِيحَاتِ وَلَا يَزِيدُ فِي الْعَدَدِ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ إنْ كَانَ الْجَائِي غَنِيًّا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا جَازَ انْتِظَارُهُ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ عَرَفَ الْجَائِيَ لَا يَنْتَظِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذْ فِيهِ إعَانَةٌ عَلَى الطَّاعَةِ. اهـ.

وَقِيلَ إنْ أَطَالَ الرُّكُوعَ لِإِدْرَاكِ الْجَائِي خَاصَّةً وَلَا يُرِيدُ إطَالَةَ الرُّكُوعِ لِلتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ فَهَذَا مَكْرُوهٌ إذَا كَانَ أَوَّلَ رُكُوعِهِ لِلَّهِ وَآخِرُهُ لِلْجَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَكَانَ أَمْرًا عَظِيمًا وَلَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ إطَالَةَ الرُّكُوعِ لَمْ تَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لِلْقَوْمِ وَإِنَّمَا كَانَتْ لِأَجْلِ إدْرَاكِ الرُّكُوعِ وَإِنْ أَطَالَهُ لِلتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ كَمَا شُرِعَ فِيهِ وَيُدْرِكُ الْجَائِي الرَّكْعَةَ كَانَ الرُّكُوعُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا بَأْسَ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِمَامَ يُطِيلُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مِنْ الْفَجْرِ عَلَى الثَّانِيَةِ لِيُدْرِكَ الْقَوْمُ الرَّكْعَةَ. اهـ. غَايَةٌ، ثُمَّ قَالَ وَيُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالتَّشَهُّدِ بِإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. اهـ. كَاكِيٌّ.

قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُقْتَدِي يُتِمُّ قِرَاءَةَ التَّشَهُّدِ وَلَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي الْقِيَامِ إنْ كَانَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ فِي الْأَخِيرَةِ وَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ فَقَدْ قِيلَ يُتَابِعُهُ وَقِيلَ يُتِمُّ مَا بَقِيَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي النَّوَازِلِ إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ التَّشَهُّدَ وَقَامَ أَوْ سَلَّمَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ الْمُخْتَارُ عِنْدِي أَنَّهُ يُتِمُّ تَشَهُّدَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجْزَأَهُ وَرَأَيْت فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْمَسْبُوقُ إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ وَلَمْ يَفْرُغْ هُوَ قِيلَ يُتِمُّ التَّشَهُّدَ وَقِيلَ لَا يُتِمُّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي بِالتَّشَهُّدِ هُنَا مُتَابَعَةً لِلْإِمَامِ وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْمُتَابَعَةُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَقَدْ قِيلَ يُتِمُّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ذِكْرٍ وَاحِدٍ فَلَوْ قَطَعَهُ تَبْطُلُ بِخِلَافِ تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَسْبِيحَةٍ ذِكْرٌ عَلَى حِدَةٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَاكْتَفَى الْإِمَامُ بِالتَّسْمِيعِ إلَى آخِرِهِ) لَكِنْ يَقُولُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ فِي نَفْسِهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَا يَقُولُهَا فِي نَفْسِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ حَرَّضَ غَيْرَهُ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ يَحْمَدُ بِقَوْلِهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَيَقُولُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ. اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ قَبِلَ اللَّهُ حَمْدَ مَنْ حَمِدَهُ وَالسَّمَاعُ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْقَبُولُ مَجَازًا كَمَا يُقَالُ سَمِعَ الْأَمِيرُ كَلَامَ فُلَانٍ إذَا قَبِلَ وَيُقَالُ مَا سَمِعَ كَلَامَهُ أَيْ رَدَّهُ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَإِنْ سَمِعَهُ حَقِيقَةً وَفِي الْحَدِيثِ أَعُوذُ بِك مِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ أَيْ لَا يُسْتَجَابُ وَفِي الْفَوَائِدِ الْحَمِيدِيَّةِ الْهَاءُ فِي حَمِدَهُ لِلسَّكْتَةِ وَالِاسْتِرَاحَةِ لَا لِلْكِنَايَةِ كَذَا نُقِلَ عَنْ الثِّقَاتِ وَفِي الْمُسْتَصْفَى الْهَاءُ لِلْكِنَايَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاشْكُرُوا لَهُ} [العنكبوت: ١٧]. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: فَقُولُوا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) تَتِمَّتُهُ «فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». اهـ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ قَالَ أَرْبَعٌ) قَالَ فِي الْأَسْرَارِ إنَّهُ غَرِيبٌ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْقِسْمَةِ مَرْفُوعٌ) أَيْ بِرِوَايَةِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. اهـ. كَاكِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>