للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَلَدُ رَقِيقًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ سَبَبٌ مَحْضٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ حَصَلَ بِاخْتِيَارِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ

وَإِنَّمَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْعِلَّةِ بِالْغَرَرِ وَذَلِكَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالْمُعَاوَضَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْعُقْرِ عَلَى الْبَائِعِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَرْجِعُ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ لَزِمَهُ بِفَوْتِ السَّلَامَةِ قُلْنَا الْعُقْرُ عِوَضٌ عَمَّا اسْتَوْفَى مِنْ مَنَافِعِ الْبُضْعِ فَلَوْ رَجَعَ بِهِ سُلِّمَ لَهُ الْمُسْتَوْفَى مَجَّانًا وَالْوَطْءُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ لَهُ مَجَّانًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ وَالْمُوصِي بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْأَوْلَادِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَرْجِعُ لِأَنَّ الْغَرَرَ قَدْ تَحَقَّقَ لَهُ مِنْهُ بِإِيجَابِهِ الْمِلْكَ لَهُ فِيهَا وَإِخْبَارِهِ أَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ قُلْنَا مُجَرَّدُ الْغَرَرِ لَا يَكْفِي لِلرُّجُوعِ فَإِنَّ مَنْ أَخْبَرَ إنْسَانًا أَنَّ هَذَا الطَّرِيقَ آمِنٌ فَسَلَكَهَا فَأَخَذَ اللُّصُوصُ مَالَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُخْبِرِ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةِ يُوجِبُ السَّلَامَةَ أَوْ الضَّمَانَ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَهَذَا تَبَرَّعَ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَلَيْسَ عَلَى الْمُحْسِنِ مِنْ سَبِيلٍ وَبِخِلَافِ التَّزَوُّجِ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلِاسْتِيلَادِ وَطَلَبِ النَّسْلِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «تَنَاكَحُوا تَوَالَدُوا تَكْثُرُوا» الْحَدِيثَ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ غَرَّهُ وَالْمَقْصُودُ بِوَضْعِ الْهِبَةِ إظْهَارُ الْجُودِ وَالسَّمَاحَةِ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ

وَهَذَا الْمَقْصُودُ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الِاسْتِيلَادِ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ فَاسْتَوْلَدَهَا الثَّانِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ أَيْضًا لِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ ضَمِنَ لِلثَّانِي سَلَامَةَ الْوَلَدِ فِي ضِمْنِ الْبَيْعِ وَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ حَيْثُ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ الْوَلَدِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الثَّمَنِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي سَلَامَةَ أَوْلَادِهِ دُونَ سَلَامَةِ أَوْلَادِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِأَنَّ ضَمَانَ السَّلَامَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْبَيْعِ وَالْبَيْعُ الثَّانِي لَا يُضَافُ إلَيْهِ وَإِنَّمَا يُضَافُ إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي لِمُبَاشَرَتِهِ بِاخْتِيَارِهِ فَيَنْقَطِعُ بِهِ تَسَبُّبُ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ ضَمِنَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي سَلَامَةَ الْمَبِيعِ فَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ فَلَا يُسَلَّمُ لِبَائِعِهِ الثَّمَنُ وَبِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّهُ سَلِيمًا وَلَمْ يُوجَدْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ م

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ لَزِمَهُ بِفَوْتِ السَّلَامَةِ) أَيْ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي الْعَقْدِ كَمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ اهـ

١ -

(فَرْعٌ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَقَدْ خَتَمَ كِتَابَ الدَّعْوَى فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِقَوْلِهِ وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَنَا أُمُّ وَلَدِ هَذَا الرَّجُلِ وَأَرَادَتْ اسْتِحْلَافَ الرَّجُلِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ خَاصَّةً لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ تَابِعَةٌ لِلنَّسَبِ وَلَا يُرَى الْيَمِينُ فِي النَّسَبِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>