للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّمَانُعُ وَهُوَ الْمُتَقَوِّمُ وَلَوْ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ حَقٌّ أَرَدْت بِهِ حَقَّ الْإِسْلَامِ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ عُرْفًا وَعَلَيْهِ التَّعْوِيلُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ)؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَفِي مَالٍ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَالٌ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ مِنْ الْكُسُورِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَالِ عَادَةً وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَالٌ عَظِيمٌ نِصَابٌ)؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَالٍ مَوْصُوفٍ بِالْعِظَمِ فَيُعْتَبَرُ هَذَا الْوَصْفُ وَالنِّصَابُ عَظِيمٌ فِي الشَّرْعِ حَتَّى اُعْتُبِرَ صَاحِبُهُ غَنِيًّا وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ مُوَاسَاةَ الْفُقَرَاءِ، وَكَذَا عُرْفًا حَتَّى يُعَدَّ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ عَادَةً وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ نِصَابُ السَّرِقَةِ وَالْمَهْرِ وَهُوَ عَظِيمٌ حَيْثُ تُقْطَعُ بِهِ الْيَدُ الْمُحْتَرَمَةُ وَيُسْتَبَاحُ بِهِ الْبُضْعُ الْمُحْتَرَمُ، وَعَنْهُ مِثْلُ جَوَابِ الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا ثُمَّ يُعْتَبَرُ أَنْ يَبْلُغَ نِصَابًا يُؤْخَذُ مِنْ جِنْسِهِ الزَّكَاةُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي بَيَّنَهُ فِيهِ حَتَّى إذَا بَيَّنَهُ فِي الْإِبِلِ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ قَلِيلٌ حَيْثُ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ جِنْسِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِ يَبْنِي عَلَى حَالِ الْمُقِرِّ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى فَإِنَّ الْقَلِيلَ عِنْدَ الْفَقِيرِ عَظِيمٌ وَأَضْعَافُ ذَلِكَ عِنْدَ الْغَنِيِّ لَيْسَ بِعَظِيمٍ وَهُوَ الشَّرْعُ مُتَعَارِضٌ فَإِنَّ الْمِائَتَيْنِ فِي الزَّكَاةِ عَظِيمٌ

وَفِي السَّرِقَةِ وَالْمَهْرِ الْعَشَرَةُ عَظِيمَةٌ فَيُرْجَعُ إلَى حَالِهِ، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَحَوَاشِي الْهِدَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى مَبْسُوطِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَأَمْوَالٌ عِظَامٌ ثَلَاثَةُ نُصُبٍ) يَعْنِي مِنْ أَيِّ مَالٍ فَسَّرَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَصْدُقُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ، وَإِنْ بَيَّنَهُ بِغَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ قَدْرَ ثَلَاثَةِ نُصُبٍ وَيُعْتَبَرُ الْأَدْنَى فِي ذَلِكَ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ حَالُ الْمُقِرِّ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَدَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ عَشَرَةٌ)، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَا: لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ النِّصَابِ مُكْثِرٌ؛ وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَيْهِ مُوَاسَاةُ غَيْرِهِ وَلَهُ أَنَّ الْعَشَرَةَ أَقْصَى مَا يُذْكَرُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَكَانَ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ: عَلَيَّ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ عِنْدَهُمَا يَنْصَرِفُ إلَى النِّصَابِ وَعِنْدَهُ إلَى الْعَشَرَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ عَلَيَّ ثِيَابٌ كَثِيرَةٌ أَوْ وَصَائِفُ كَثِيرَةٌ فَعِنْدَهُ عَشَرَةٌ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَإِنْ قَالَ غَصَبْتُ إبِلًا كَثِيرَةً أَوْ بَقَرًا كَثِيرَةً أَوْ غَنَمًا كَثِيرَةً أَوْ حِنْطَةً كَثِيرَةً يَنْصَرِفُ إلَى أَقَلِّ نِصَابٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ عِنْدَهُمَا وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ الْبَقَرِ وَالْأَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَخَمْسَةُ أَوْسُقٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَعِنْدَهُ يُرْجَعُ إلَى بَيَانِ الْمُقِرِّ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مَالٌ نَفِيسٌ أَوْ كَرِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ قَالَ النَّاطِفِيُّ لَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَكَانَ الْجُرْجَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ يَلْزَمُهُ مِائَتَانِ.

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ حَقٌّ إلَخْ) وَذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ وَالْمُسْتَزَادِ أَنَّهُ إنْ قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا صُدِّقَ، وَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ بَيَانٌ تَغَيَّرَ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ فِي الْعُرْفِ حَقُّ الْإِسْلَامِ اهـ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ عُرْفًا) أَيْ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ حُقُوقٌ مَالِيَّةٌ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَالٌ عَظِيمٌ نِصَابٌ) قَالَ فِي الشَّامِلِ فِي قِسْمِ الْمَبْسُوطِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ لَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ عَظِيمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْقَدْرِ فَيَكُونُ الْعِظَمُ صِفَةً لِعَرَضِهِ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ نَاقِلًا عَنْ الْمُنْتَقَى فِي الْمَالِ الْقَلِيلِ أَنَّهُ دِرْهَمٌ وَنُقِلَ فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَالٌ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ يَلْزَمُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَا قَلِيلٌ لَزِمَهُ الْكَثِيرُ وَالْمَالُ الْكَثِيرُ فِي الشَّرْعِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِفَايَتِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةٌ يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الدَّرَاهِمِ ثَلَاثَةٌ وَالتَّضْعِيفُ أَقَلُّهُ مَرَّةٌ فَيُضَعَّفُ مَرَّةً قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً أَوْ قَالَ مُضَاعَفَةً أَضْعَافًا عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْأَضْعَافَ جَمْعُ الضِّعْفِ فَتُضَاعَفُ ثَلَاثَةَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَكَانَ تِسْعَةً، وَقَوْلُهُ مُضَاعَفَةً يَقْتَضِي ضِعْفَ ذَلِكَ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَالَ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الدَّرَاهِمُ الْمُضَاعَفَةُ سِتَّةٌ وَأَضْعَافُهَا ثَلَاثُ مَرَّاتٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَالَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَأَضْعَافُهَا مُضَاعَفَةً عَلَيْهِ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ أَضْعَافَ الْعَشَرَةِ ثَلَاثُونَ فَإِذَا ضُمَّتْ إلَى الْعَشَرَةِ كَانَ أَرْبَعِينَ فَأَوْجَبَهَا مُضَاعَفَةً فَتَكُونُ ثَمَانِينَ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكِفَايَةِ

وَقَالَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا قَالَ مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الدَّرَاهِمِ صُدِّقَ فِي أَيِّ جِنْسٍ ذَكَرَ فَإِنْ كَانَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا نِصَابَ لَهُ صُدِّقَ يَبْلُغُ قِيمَةَ النِّصَابِ وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى لَوْ قَالَ مَالٌ نَفِيسٌ أَوْ كَرِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ قَالَ النَّاطِفِيُّ لَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوصًا وَكَانَ الْجُرْجَانِيُّ يَقُولُ مِائَتَانِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ سَيَأْتِي هَذَا الْفَرْعُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِ يُبْنَى إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ حَالُ الْمُقِرِّ إنْ كَانَ غَنِيًّا يَقَعْ عَلَى مَا يُسْتَعْظَمُ عِنْدَ الْأَغْنِيَاءِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَقَعْ عَلَى النِّصَابِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَا لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُصَدَّقُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ قَوْلِهِ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مَالٌ عَظِيمٌ أَنَّ الدَّرَاهِمَ تُفِيدُ الْعَدَدَ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ تَكُونُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ فَاعْتُبِرَ الْكَثْرَةُ الَّتِي تَرْجِعُ إلَى الْعَدَدِ وَقَوْلُهُ عَظِيمٌ لَا يَتَضَمَّنُ عَدَدًا فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُسْتَعْظَمِ لَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ الْعَظِيمُ فِي الشَّرْعِ مَا يَصِيرُ بِهِ غَنِيًّا فَتَجِبُ الزَّكَاةُ بِنَفْسِهِ فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ. اهـ. غَايَةٌ

(قَوْلُهُ أَوْ وَصَائِفُ) الْوَصِيفُ الْغُلَامُ دُونَ الْمُرَاهِقِ، وَالْوَصِيفَةُ الْجَارِيَةُ كَذَلِكَ وَالْجَمْعُ وُصَفَاءُ وَوَصَائِفُ مِثْلُ كَرِيمٍ وَكُرَمَاءَ وَكَرِيمَةٍ وَكَرَائِمَ. اهـ. مِصْبَاحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>