غَيْرَهُ لِيَخِيطَ لَهُ ذَلِكَ الثَّوْبَ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَزَادَ قِيمَةُ الثَّوْبِ طَابَ لَهُمْ جَمِيعًا لِمَا قُلْنَا فَهَذِهِ لَا شُبْهَةَ فِيهَا وَهِيَ تِجَارَةٌ حَسَنَةٌ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْأَوَّلُ سُدُسَ الرِّبْحِ، وَهُوَ قَاعِدٌ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ قِيلَ مَا رَزَقَك اللَّهُ بَيْنَنَا نِصْفَانِ) أَيْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْأَوَّلِ ذَلِكَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا (فَلِلثَّانِي ثُلُثُهُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْمَالِكِ نِصْفَانِ)؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ هُنَا شَرَطَ أَنْ يَكُونَ مَا رَزَقَ اللَّهُ الْمُضَارِبَ الْأَوَّلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْمَرْزُوقُ لِلْأَوَّلِ هُوَ الثُّلُثَانِ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ اسْتَحَقَّهُ الثَّانِي بِشَرْطِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ رِزْقِ الْأَوَّلِ إلَّا الثُّلُثَانِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَطِيبُ لَهُمْ بِلَا شُبْهَةٍ أَيْضًا لِمَا ذَكَرْنَا وَهَذِهِ أَحْسَنُ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ قَالَ لَهُ مَا رَبِحْتَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ وَدَفَعَ بِالنِّصْفِ فَلِلثَّانِي النِّصْفُ وَاسْتَوَيَا فِيمَا بَقِيَ) أَيْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ أَيَّ شَيْءٍ رَبِحْت فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ، ثُمَّ دَفَعَ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي بِالنِّصْفِ فَلِلثَّانِي نِصْفُ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ شَرَطَ لَهُ ذَلِكَ وَشَرْطُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَالْبَاقِي وَهُوَ النِّصْفُ اسْتَوَى فِيهِ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَمْ يَشْتَرِطْ لِنَفْسِهِ هُنَا إلَّا نِصْفَ مَا رَبِحَهُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَرْبَحْ هُوَ إلَّا النِّصْفَ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ صَارَ لِلثَّانِي بِشَرْطِهِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ رِبْحِ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ مِثْلُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرَ أَنَّ الْمَشْرُوطَ فِيهَا لِلثَّانِي الثُّلُثُ فَيَبْقَى لَهُمَا الثُّلُثَانِ وَفِي هَذِهِ النِّصْفُ فَيَبْقَى لَهُمَا النِّصْفُ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ قِيلَ لَهُ مَا رَزَقَ اللَّهُ فَلِي نِصْفُهُ، أَوْ مَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَبَيْنَنَا نِصْفَانِ فَدَفَعَ بِالنِّصْفِ فَلِلْمَالِكِ النِّصْفُ وَلِلثَّانِي النِّصْفُ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ)؛ لِأَنَّ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ مَا رَزَقَ اللَّهُ، أَوْ مَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ يَنْصَرِفُ إلَى جَمِيعِ الرِّبْحِ فَيَكُونُ لَهُ النِّصْفُ مِنْ الْجَمِيعِ، وَقَدْ شَرَطَ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي نِصْفَ جَمِيعِ الرِّبْحِ فَيَكُونُ لَهُ أَيْضًا النِّصْفُ فَلَمْ يَبْقَ لِلْأَوَّلِ شَيْءٌ مِنْ الرِّبْحِ فَيَخْرُجُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبًا بِدِرْهَمٍ فَاسْتَأْجَرَ الْأَجِيرُ غَيْرَهُ لَهُ لِيَخِيطَ ذَلِكَ الثَّوْبَ بِدِرْهَمٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مَا رَبِحْت بَيْنَنَا نِصْفَانِ، أَوْ مَا رَزَقَك اللَّهُ حَيْثُ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهَا نِصْفُ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّانِي وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ مَتَى مَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ نِصْفَ الرِّبْحِ، أَوْ ثُلُثَهُ مِنْ مُطْلَقِ الرِّبْحِ فَلَهُ مَا شَرَطَ مِنْ جَمِيعِ الرِّبْحِ، وَإِنْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ نِصْفَ مَا رَبِحَهُ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ أَوْ ثُلُثَهُ فَلَهُ مَا شَرَطَ مِمَّا فَضَلَ مِنْ نَصِيبِ الثَّانِي فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ الْأَوَّلُ فِي هَذِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَفِي الْأُولَى يُمْكِنُ عَلَى مَا رَأَيْت وَيُمْكِنُ أَنْ يَضْمَنَ لِلثَّانِي أَيْضًا عَلَى مَا تَبَيَّنَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ شَرَطَ لِلثَّانِي ثُلُثَيْهِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ضَمِنَ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي سُدُسًا) أَيْ سُدُسَ الرِّبْحِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ شَرَطَ لِنَفْسِهِ النِّصْفَ مِنْ مُطْلَقِ الرِّبْحِ فَلَهُ ذَلِكَ وَاسْتَحَقَّ الْمُضَارِبُ الثَّانِي ثُلُثَيْ الرِّبْحِ بِشَرْطِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ صَحِيحٌ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا لَكِنْ لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ رَبِّ الْمَالِ إذْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُغَيِّرَ شَرْطَهُ فَيَغْرَمُ لَهُ قَدْرَ السُّدُسِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الثُّلُثَيْنِ بِالْعَقْدِ؛ وَلِأَنَّهُ غَرَّهُ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ، وَهُوَ أَيْضًا سَبَبٌ لِلرُّجُوعِ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ فَدَفَعَهُ الْأَجِيرُ إلَى مَنْ يَخِيطُهُ بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ شَرَطَ لِلْمَالِكِ ثُلُثَهُ وَلِعَبْدِهِ ثُلُثَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ وَلِنَفْسِهِ ثُلُثَهُ صَحَّ) أَيْ إذَا شَرَطَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثَ الرِّبْحِ وَلِعَبْدِ رَبِّ الْمَالِ ثُلُثَ الرِّبْحِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ مَعَ الْمُضَارِبِ وَلِنَفْسِهِ ثُلُثَ الرِّبْحِ جَازَ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ لِلْعَبْدِ يَكُونُ اشْتِرَاطًا لِلْمَوْلَى فَكَأَنَّهُ شَرَطَ لِلْمَوْلَى ثُلُثَيْ الرِّبْحِ وَاشْتِرَاطُ عَمَلِ الْعَبْدِ غَيْرُ مُفْسِدٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يُضَارِبَ فِي مَالِ مَوْلَاهُ وَلِلْعَبْدِ يَدٌ حَقِيقَةً وَلِهَذِهِ لَا يَكُونُ لِلْمَوْلَى وِلَايَةُ أَخْذِ مَا أَوْدَعَهُ الْعَبْدُ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَا سِيَّمَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ بِاشْتِرَاطِ الْعَمَلِ عَلَيْهِ فَلَا تَكُونُ يَدُ مَوْلَاهُ ثَابِتَةً فِيهِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ فَصَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ لِزَوَالِ يَدِ الْمَوْلَى عَنْ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ عَمَلَ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ يَدِهِ يَمْنَعُ تَسْلِيمَ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ فَلَا يَجُوزُ
ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَهُوَ لِلْمَوْلَى سَوَاءٌ شَرَطَ فِيهَا عَمَلَ الْعَبْدِ أَوْ لَمْ يَشْرِطْ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ لِغُرَمَائِهِ إنْ شَرَطَ عَمَلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَمَلَهُ فَهُوَ لِلْمَوْلَى، وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ بِاشْتِرَاطِ عَمَلِهِ صَارَ مُضَارِبًا فِي مَالِ مَوْلَاهُ فَيَكُونُ كَسْبُهُ لَهُ فَيَأْخُذُهُ غُرَمَاؤُهُ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَمَلَهُ فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ فَكَانَ الْمَشْرُوطُ كَمَسْكُوتٍ عَنْهُ فَيَكُونُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ نَصِيبِهِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ نَصِيبِ الْمُضَارِبِ لِكَوْنِهِ كَالْأَجِيرِ وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ الثُّلُثَ لِعَبْدِ الْمُضَارِبِ يَصِحُّ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْعَمَلَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَزَادَ قِيمَةَ الثَّوْبِ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ لَمْ يَذْكُرْهَا الْكَاكِيُّ وَذَكَرَ مَا قَبْلَهَا اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَزَادَ قِيمَةَ الثَّوْبِ مَا نَصُّهُ عَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ فِي مَعْنَاهُ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَالَهُ لِغَيْرِهِ فَلَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّهُ غَرَّهُ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ) وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْغُرُورَ بِضِمْنِ الْعَقْدِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ؛ لِأَنَّ الْغُرُورَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ كَمَا إذَا قَالَ لِآخَرَ هَذَا الطَّرِيقُ آمِنٌ فَاسْلُكْهَا فَسَلَكَهَا فَقُطِعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلِعَبْدِهِ) أَيْ لِعَبْدِ رَبِّ الْمَالِ وَالتَّقْيِيدُ بِعَبْدِ رَبِّ الْمَالِ لَا لِلشَّرْطِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ عَبْدِ الْمُضَارِبِ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ إذَا شَرَطَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ إلَخْ) وَأَمَّا إذَا شَرَطَ الثُّلُثَ لِابْنِ الْمُضَارِبِ أَوْ لِزَوْجَتِهِ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَمَا شُرِطَ لِابْنِ الْمُضَارِبِ فَهُوَ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْمُضَارِبِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ مِنْ غَيْرِ مَالٍ وَلَا عَمَلٍ اهـ فَصَارَ الْمَشْرُوطُ مَسْكُوتًا عَنْهُ وَمَا سُكِتَ عَنْهُ مِنْ الرِّبْحِ فَهُوَ لِرَبِّ الْمَالِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ لِلْمَوْلَى ثُلُثِي الرِّبْحِ) وَعَلَى هَذَا قَالُوا لَوْ شَرَطَ ثُلُثَ الرِّبْحِ لِقَضَاءِ دَيْنِ الْمُضَارِبِ أَوْ لِقَضَاءِ دَيْنِ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ فِي قَضَاءِ دَيْنِ أَحَدِهِمَا مَشْرُوطٌ لَهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ رِبْحًا فِي الْمُضَارَبَةِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ وَلَا مَالٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَيَكُونُ لَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ اهـ