للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ تُعَجِّلَ ثُلُثَيْ جَمِيعِ الثَّمَنِ وَالثُّلُثُ عَلَيْك إلَى أَجَلِهِ وَإِلَّا فَانْقُضْ الْبَيْعَ وَعِنْدَهُ يُقَالُ لَهُ إمَّا أَنْ تُعَجِّلَ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ وَالْبَاقِي عَلَيْك إلَى أَجَلِهِ وَإِلَّا فَانْقُضْ الْبَيْعَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُحَابَاةَ بِالْأَجَلِ تُعْتَبَرُ فِي جَمِيعِ الثَّمَنِ وَصِيَّةً مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ تَبَرُّعٌ مِنْ الْمَرِيضِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَارِثَ يَصِيرُ مَمْنُوعًا عَنْ الْمَالِ بِسَبَبِ التَّأْجِيلِ كَمَا يَصِيرُ مَمْنُوعًا بِنَفْسِ التَّبَرُّعِ وَتَبَرُّعُ الْمَرِيضِ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ وَجَمِيعُ الثَّمَنِ هُنَا بَدَلُ الرَّقَبَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُ الْإِبْدَالِ عِنْدَهُ الْأَجَلُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ يَصِحُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيُعْتَبَرُ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ مِنْ الثُّلُثِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَلَمْ يُجِيزُوا أَدَّى ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ حَالًّا أَوْ رُدَّ رَقِيقًا) وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ هُنَا حَصَلَتْ فِي الْقَدْرِ وَالتَّأْخِيرِ فَاعْتُبِرَ الثُّلُثُ فِيهِمَا وَالْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الْأُولَى أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْقِيمَةِ كَانَتْ حَقَّ الْمَرِيضِ فِي الْأُولَى حَتَّى كَانَ يَمْلِكُ إسْقَاطَهَا بِالْكُلِّيَّةِ بِأَنْ يَبِيعَهُ بِقِيمَتِهِ فَتَأْخِيرُهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ مِنْ الْإِسْقَاطِ، وَهُنَا وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى أَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ قِيمَتِهِ وَلَا تَأْجِيلَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِهِ بِخِلَافِ الْأُولَى قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(حُرٌّ كَاتَبَ عَنْ عَبْدٍ بِأَلْفٍ وَأَدَّى عَتَقَ وَإِنْ قَبِلَ الْعَبْدُ فَهُوَ مُكَاتَبٌ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ حُرٌّ لِمَوْلَى الْعَبْدِ: كَاتِبْ عَبْدَك فُلَانًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي إنْ أَدَّيْت إلَيْك أَلْفًا فَهُوَ حُرٌّ فَكَاتَبَهُ الْمَوْلَى عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَقَبِلَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَدَّى أَلْفًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ تَعَلَّقَ بِأَدَائِهِ فَيَعْتِقُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ قَبُولِ الْعَبْدِ وَإِجَازَتِهِ كَمَا إذَا عَلَّقَهُ بِغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ وَإِذَا بَلَغَ الْعَبْدُ فَقَبِلَ صَارَ مُكَاتَبًا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَتِهِ وَقَبُولِهِ فَصَارَ إجَازَتُهُ فِي الِانْتِهَاءِ كَقَبُولِهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَوْ قَبِلَهُ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ وَكَّلَهُ بِهِ كَانَ يَنْفُذُ فَكَذَا إذَا أَجَازَهُ وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ لَا أَقْبَلُهُ فَأَدَّى عَنْهُ الرَّجُلُ الَّذِي كَاتَبَ عَنْهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ ارْتَدَّ بِرَدِّهِ وَلَوْ ضَمِنَ الرَّجُلُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا تَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنِّي إنْ أَدَّيْت إلَيْك أَلْفًا فَهُوَ حُرٌّ فَأَدَّى لَا يَعْتِقُ قِيَاسًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَوْقُوفٌ وَالْمَوْقُوفُ لَا حُكْمَ لَهُ وَلَمْ يُوجَدْ التَّعْلِيقُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ صَحِيحَةٌ نَافِذَةٌ فِيمَا يَنْفَعُ الْعَبْدَ وَهُوَ أَنْ يَعْتِقَ عِنْدَ أَدَاءِ الْمَشْرُوطِ مَوْقُوفَةً فِيمَا يَرْجِعُ إلَى وُجُوبِ الْبَدَلِ عَلَيْهِ نَظَرًا لِلْعَبْدِ وَتَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.

وَقِيلَ هَذِهِ هِيَ صُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَلَوْ أَدَّى الْحُرُّ الْبَدَلَ عَنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِيهِ وَحَصَلَ لَهُ مَقْصُودُهُ وَهُوَ عِتْقُ الْعَبْدِ فَصَارَ نَظِيرَ مَا لَوْ تَبَرَّعَ أَدَاءَ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ: يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْلَى وَيَسْتَرِدُّ مَا أَدَّاهُ إنْ أَدَّاهُ بِضَمَانٍ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ غَيْرَ الْوَاجِبِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ الْمَالَ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ فَأَدَّى يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَإِنْ أَدَّاهُ بِغَيْرِ ضَمَانٍ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِهِ لِيَحْصُلَ الْعِتْقُ لَهُ فَتَمَّ أَدَاؤُهُ هَذَا إذَا أَدَّى عَنْهُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ كُلَّهُ وَإِنْ أَدَّى عَنْهُ بَعْضَهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ سَوَاءٌ أَدَّى بِضَمَانٍ أَوْ بِغَيْرِ ضَمَانٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ غَرَضُهُ وَهُوَ الْعِتْقُ فَكَانَ حُكْمُ الْأَدَاءِ مَوْقُوفًا فَيَرْجِعُ كَمَا إذَا تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ فِي بَيْعٍ مَوْقُوفٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْبَائِعِ لِهَذَا الْمَعْنَى بِخِلَافِ مَا إذَا قَبِلَ الْعَبْدُ الْكِتَابَةَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ تَبَرَّعَ عَنْهُ إنْسَانٌ بِبَعْضِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ بِذَلِكَ قَدْ حَصَلَ، وَهِيَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْعَبْدِ بِقَدْرِهِ مِنْ الْبَدَلِ وَهُنَا لَمْ يَكُنْ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ شَيْءٌ حَتَّى يَبْرَأَ بِأَدَائِهِ وَكَذَا لَوْ أَدَّاهُ قَبْلَ إجَازَةِ الْعَبْدِ الْعَقْدَ ثُمَّ أَجَازَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى سَوَاءٌ أَدَّى الْبَعْضَ أَوْ الْكُلَّ إلَّا إذَا أَدَّاهُ عَنْ ضَمَانٍ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ بِالْإِجَارَةِ نَفَذَتْ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَيَكُونُ الْأَدَاءُ مُبَرِّئًا لِلْمُكَاتَبِ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُهُ إلَّا أَنَّ الضَّمَانَ فَاسِدٌ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ فَسَادِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

(وَإِنْ كَاتَبَ الْحَاضِرَ وَالْغَائِبَ وَقَبِلَ الْحَاضِرُ صَحَّ) أَيْ كَاتَبَهُمَا الْمَوْلَى وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ الْحَاضِرُ لِسَيِّدِهِ: كَاتِبْنِي عَنْ نَفْسِي وَعَنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَكَاتَبَهُمَا فَقَبِلَ الْحَاضِرُ جَازَتْ هَذِهِ الْكِتَابَةُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ إلَّا عَنْ نَفْسِهِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ كَمَنْ بَاعَ مَالَهُ وَمَالَ غَيْرِهِ أَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي عَبْدِهِ لِوُجُودِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ دُونَ عَبْدِ غَيْرِهِ لِعَدَمِهَا، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَوْلَى خَاطَبَ الْحَاضِرَ قَصْدًا وَجَعَلَ الْغَائِبَ تَبَعًا لَهُ وَالْكِتَابَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَشْرُوعَةٌ كَالْأَمَةِ إذَا كُوتِبَتْ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهَا وَلَدُهَا الْمَوْلُودُ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ الْمُشْتَرَى فِيهَا أَوْ الْمَضْمُومُ إلَيْهَا فِي الْعَقْدِ تَبَعًا لَهَا حَتَّى يَعْتِقُوا بِأَدَائِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ وَلِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ الْعِتْقِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>