للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِضَاهُ بِجِوَارِ الْجَارِ الْحَادِثِ، وَمُعَاشَرَتِهِ فَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ بِهِ، وَلَوْ أُخْبِرَ بِكِتَابٍ، وَالشُّفْعَةُ فِي أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ فَقَرَأَ الْكِتَابَ إلَى آخِرِهِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ عِلْمِ الْمُشْتَرِي وَالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ إنَّمَا يَكُونُ دَلِيلُ الرِّضَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِمَا كَالْبِكْرِ لَا يَكُون سُكُوتُهَا رِضًا إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالزَّوْجِ ثُمَّ إذَا أُخْبِرَ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ يُشْهِدُهُمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ أَحَدٌ يَطْلُبُ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الطَّلَبَ صَحِيحٌ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ، وَالْإِشْهَادُ لِمَخَافَةِ الْجُحُودِ، وَالطَّلَبُ لَا بُدَّ مِنْهُ كَيْ لَا يَسْقُطَ حَقُّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِيُمْكِنَهُ الْحَلِفُ إذَا حَلَفَ وَلِئَلَّا يَكُونَ مُعْرِضًا عَنْهَا وَرَاضِيًا بِجِوَارِ الدَّخِيلِ.

وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِعِلْمِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَنْهُ أَنَّ لَهُ التَّأَمُّلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ كَالْمُخَيَّرَةِ؛ لِأَنَّهُ تَمَلُّكٌ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّأَمُّلِ فِيهِ كَسَائِرِ التَّمَلُّكَاتِ وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ أَخَذَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ مَا بَلَغَهُ الْبَيْعُ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ حَمْدٌ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْ جِوَارِهِ وَالثَّانِي تَعَجُّبٌ مِنْهُ لِقَصْدِ الْإِضْرَارِ بِهِ وَالثَّالِثُ لِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ بِهِ، وَلَا يَدُلُّ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى الْإِعْرَاضِ، وَكَذَا إذَا قَالَ مَنْ ابْتَاعَهَا وَبِكَمْ بِيعَتْ؛ لِأَنَّهُ يَرْغَبُ فِيهَا بِثَمَنٍ دُونَ ثَمَنٍ وَيَرْغَبُ عَنْ مُجَاوَرَةِ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ عَلَى الْإِعْرَاضِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ خَلَّصَنِي اللَّهُ وَيَصِحُّ الطَّلَبُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ فِي الْحَالِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ حَتَّى يُخْبِرَهُ بِهِ رَجُلَانِ غَيْرُ عَدْلَيْنِ أَوْ وَاحِدٌ عَدْلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إلْزَامًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا أَحَدُ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ إمَّا الْعَدَالَةُ أَوْ الْعَدَدُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا مِنْ قَبْلُ مَعَ أَخَوَاتِهَا، وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ إذَا أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا إذَا كَانَ الْخَبَرُ حَقًّا، وَإِذَا لَمْ يُشْهِدْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ الْمُشْتَرِي بِنَفْسِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ بِالْإِجْمَاعِ كَيْفَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ خَصْمٌ فِيهِ، وَالْعَدَالَةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْخُصُومِ.

وَأَمَّا الثَّانِي، وَهُوَ طَلَبُ التَّقْرِيرِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِعِلْمِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ) يَعْنِي أَنَّ عَامَّةَ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ طَلَبَ الشُّفْعَةِ عَلَى الْفَوْرِ. اهـ أَتْقَانِيٌّ، وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: وَالْأَصْلُ هُنَا أَنَّ طَلَبَ الشُّفْعَةِ عَلَى الْفَوْرِ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَلَى الْمَجْلِسِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَإِذَا بِيعَتْ الدَّارُ، وَلَهَا شَفِيعٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ الشَّفِيعَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَالَ فِي الْأَصْلِ إنْ لَمْ يَطْلُبْ مَكَانَهُ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَبَ عَلَى الْمَجْلِسِ ثُمَّ قَالَ الْكَرْخِيُّ، وَقَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ لَمْ يَطْلُبْ حِينَ بَلَغَهُ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ سَاعَتَئِذٍ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَبَ عَلَى الْفَوْرِ ثُمَّ قَالَ الْكَرْخِيُّ وَقَالَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا بَلَغَتْ الشُّفْعَةُ صَاحِبَهَا فَسَكَتَ فَهُوَ رِضًا، وَهُوَ تَرْكٌ لِلشُّفْعَةِ. قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَهَذَا يَدُلُّ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ ثُمَّ قَالَ الْكَرْخِيُّ: وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ إذَا بَلَغَهُ فَكَسَتْ هُنَيْهَةً ثُمَّ ادَّعَاهَا مِنْ سَاعَتِهِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ. قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَهَذَا يُفِيدُ الْمَجْلِسَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إنْ تَرَكَ الطَّلَبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ إنْ تَرَكَهَا بَطَلَتْ، وَقَالَ شَرِيكٌ لَا تَبْطُلُ أَبَدًا حَتَّى يُبْطِلَهَا بِقَوْلِهِ كَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ.

وَجْهُ رِوَايَةِ الْفَوْرِ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا»، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا الشُّفْعَةُ كَنَشِطَةِ عِقَالٍ إنْ قَيَّدَهَا ثَبَتَتْ وَإِلَّا ذَهَبَتْ». وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْمَجْلِسِ أَنَّهُ خِيَارُ تَمَلُّكٍ كَخِيَارِ الْقَبُولِ وَالْمُخَيَّرَةِ؛ وَلِأَنَّهُ يَتَرَوَّى لِيَنْظُرَ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ الْأَخْذُ أَمْ لَا يَصْلُحُ، وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ عَلَى الْفَوْرِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا عَلَى الْمَجْلِسِ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ كَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ مَا لَمْ يَقُمْ أَوْ يَتَشَاغَلْ بِغَيْرِ الطَّلَبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَنْهُ أَنَّ لَهُ التَّأَمُّلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) أَيْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ لِلشَّفِيعِ مَجْلِسَ الْعِلْمِ. اهـ أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ أَخَذَ الْكَرْخِيُّ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ فِيهِ رِوَايَاتِ الْأَصْلِ وَالنَّوَادِرِ: وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي اخْتِلَافًا فِي رِوَايَةٍ، وَلَا مَعْنًى؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْعِبَارَاتِ إنَّمَا أُرِيدَ بِهَا أَنْ لَا يَكُونَ الطَّلَبُ مُتَرَاخِيًا عَنْ الْحَالِ تَرَاخِيًا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْمُطَالَبَةِ بِالشُّفْعَةِ أَوْ الْإِعْرَاضِ عَنْهَا، وَهُوَ عِنْدِي عَلَى مِثَالِ مَا قَالُوا فِي الْمُخَيَّرَةِ فِي الطَّلَاقِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك، وَكَخِيَارِ الْمُشْتَرِي إذَا أَوْجَبَ لَهُ الْبَائِعُ الْبَيْعَ قَالَ قَدْ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرَّدِّ أَوْ الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنْ الْجَوَابِ وَالتَّرْكِ. اهـ أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ) يَعْنِي الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا بِقَوْلِهِ، وَعَنْهُ إلَخْ، وَهِيَ الَّتِي اخْتَارَهَا الْكَرْخِيُّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ رَجُلٍ قِيلَ لَهُ إنَّ فُلَانًا بَاعَ دَارِهِ، وَهُوَ شَفِيعُهَا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَدْ ادَّعَيْت شُفْعَتَهَا أَوْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ قَدْ ادَّعَيْت شُفْعَتَهَا أَوْ لَقِيَ صَاحِبَهُ الَّذِي يَدَّعِي الشُّفْعَةَ قَبْلَهُ فَبَدَأَهُ بِالسَّلَامِ قَبْلَ أَنْ يَدَّعِيَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ ادَّعَاهَا أَوْ قَالَ حِينَ أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ مَنْ اشْتَرَاهَا أَوْ بِكَمْ بَاعَهَا أَوْ عَطَسَ صَاحِبُهُ فَشَمَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدَّعِيَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ ادَّعَاهَا قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ فِي هَذَا كُلِّهِ عَلَى شُفْعَتِهِ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ ثُمَّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَقَالَ فِي النَّوَازِلِ سَأَلَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ عَنْ الشَّفِيعِ إذَا سَلَّمَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا مِنْ قَبْلُ مَعَ أَخَوَاتِهَا) أَيْ فِي آخِرِ فَصْلِ الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْخَبَرُ حَقًّا) وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّهُ مِنْ أَخْبَارِ الْمُعَامَلَاتِ فَيُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْوَاحِدِ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ كَسَائِرِ أَخْبَارِ الْمُعَامَلَاتِ. اهـ أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْبَرَهُ الْمُشْتَرِي بِنَفْسِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت دَارَ فُلَانٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي، وَهُوَ طَلَبُ التَّقْرِيرِ) أَيْ وَالْإِشْهَادُ. اهـ هِدَايَةٌ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى الشَّفِيعُ إذَا عَلِمَ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ وَالْإِشْهَادِ فَإِنْ أَشْهَدَ حِينَ أَصْبَحَ صَحَّ. اهـ أَتْقَانِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>