عِنْدَ التَّسَاوِي وَرُبَّمَا لَا يُوَافِقُهُ فَيَحْتَاجُ إلَى قَلْعِهِ فَيَلْحَقُهُ ضَرَرٌ زَائِدٌ، وَفِي الزَّرْعِ الْقِيَاسُ أَنْ يُقْلِعَ إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَا، وَقُلْنَا لَا يُقْلَعُ؛ لِأَنَّ لَهُ نِهَايَةً مَعْلُومَةً كَيْ لَا يَتَضَرَّرَ الْمُشْتَرِي بِالْقَلْعِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَلَيْسَ عَلَى الشَّفِيعِ كَبِيرُ ضَرَرٍ بِالتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهُ يُتْرَكُ بِأَجْرٍ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَإِنْ فَعَلَهُمَا الشَّفِيعُ فَاسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ فَقَطْ) مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ أَخَذَ الْأَرْضَ بِالشُّفْعَةِ فَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَكَلَّفَ الْمُسْتَحِقُّ الشَّفِيعَ بِالْقَلْعِ فَقَلَعَ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ رَجَعَ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الشَّفِيعِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ الثَّمَنَ، وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لَا عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ أَخَذَهَا مِنْهُ، وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ أَخَذَهَا مِنْهُ مَعْنَاهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا نَقَصَ بِالْقَلْعِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَلِّكٌ عَلَيْهِ فَكَانَ كَالْمُشْتَرِي. وَوَجْهُ الظَّاهِرِ، وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، وَمُسَلَّطٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ، وَلَا غُرُورَ، وَلَا تَسْلِيطَ لِلشَّفِيعِ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ أَخَذَهَا مِنْهُ جَبْرًا وَنَظِيرُهُ الْجَارِيَةُ الْمَأْسُورَةُ إذَا أَخَذَهَا الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْ مَالِكِهَا الْجَدِيدِ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِالثَّمَنِ فَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ وَضَمِنَ قِيمَةَ الْوَلَدِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنِ، وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُشْتَرِيًا حَيْثُ يَرْجِعُ بِهِمَا عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَتِهِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَبِكُلِّ الثَّمَنِ إنْ خَرِبَتْ الدَّارُ أَوْ جَفَّ الشَّجَرُ)، وَمَعْنَاهُ لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا بِنَاءٌ أَوْ غَرْسٌ فَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَلَا يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِلْأَرْضِ حَتَّى يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فَلَا يُقَابِلُهُمَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَلِهَذَا يَبِيعُهُمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ بِخِلَافِ مَا إذَا تَلِفَ بَعْضُ الْأَرْضِ بِغَرَقٍ حَيْثُ يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ بَعْضُ الْأَصْلِ هَذَا إذَا انْهَدَمَ الْبِنَاءُ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ نَقْضٌ، وَلَا مِنْ الشَّجَرِ شَيْءٌ مِنْ حَطَبٍ أَوْ خَشَبٍ، وَأَمَّا إذَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَأَخَذَهُ الْمُشْتَرِي لِانْفِصَالِهِ مِنْ الْأَرْضِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ سُقُوطِ بَعْضِ الثَّمَنِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالٍ قَائِمٍ بَقِيَ مُحْتَبِسًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الدَّارِ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَعَلَى قِيمَةِ النَّقْضِ يَوْمَ الْأَخْذِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَبِحِصَّةِ الْعَرْصَةِ إنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ) أَيْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ إنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ، وَالتَّبَعُ إذَا صَارَ مَقْصُودًا بِهِ يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ فِيهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَإِذَا كَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ يَوْمَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ مَا إذَا انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ، وَكَانَ النَّقْضُ بَاقِيًا حَيْثُ يُعْتَبَرُ فِيهَا قِيمَةُ النَّقْضِ يَوْمَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ قِيمَةٌ بِالْحَبْسِ، وَنَقْضُ الْأَجْنَبِيِّ الْبِنَاءَ كَنَقْضِ الْمُشْتَرِي. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَالنَّقْضُ لَهُ) أَيْ النَّقْضُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا كَانَ يَأْخُذُهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِلْعَرْصَةِ، وَقَدْ زَالَتْ بِالِانْفِصَالِ. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَبِثَمَرِهَا إنْ ابْتَاعَ أَرْضًا وَنَخْلًا وَثَمَرًا أَوْ أَثْمَرَ فِي يَدِهِ) أَيْ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ مَعَ ثَمَرِهَا إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى الْأَرْضَ مَعَ ثَمَرِهَا بِأَنْ شَرَطَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ أَثْمَرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إلَّا بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَبَعٍ بِخِلَافِ النَّخْلِ.
وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَخْذُ الثَّمَرِ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ بِالِاتِّصَالِ خِلْقَةً صَارَ تَبَعًا مِنْ وَجْهٍ؛ وَلِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْبَيْعِ فَيَسْرِي إلَيْهِ الْحَقُّ الثَّابِتُ فِي الْأَصْلِ الْحَادِثِ قَبْلَ الْأَخْذِ كَالْمَبِيعَةِ إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْلِكُ الْوَلَدَ تَبَعًا لِلْأُمِّ كَذَا هَذَا. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَإِنْ جَدَّهُ الْمُشْتَرِي سَقَطَ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَاهَا بِثَمَرِهَا بِالشَّرْطِ فَكَانَ لَهُ فَيَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ هَلَكَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( قَوْلُهُ: وَفِي الزَّرْعِ الْقِيَاسُ أَنْ يُقْلَعَ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ زَرَعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَكِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ ثُمَّ يُقْضَى لِلشَّفِيعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، وَإِنْ فَعَلَهُمَا الشَّفِيعُ فَاسْتُحِقَّتْ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ فَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لَا عَلَى الْبَائِعِ إنْ أَخَذَ مِنْهُ، وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ أَخَذَهَا مِنْهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِأَنَّهُ مُتَمَلِّكٌ عَلَيْهِ فَنُزِّلَا مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَالْفَرْقُ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، وَمُسَلَّطٌ عَلَيْهِ، وَلَا غُرُورَ، وَلَا تَسْلِيطَ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَيْهِ. اهـ. قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا فَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فَبَنَاهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَأْخُذُ الدَّارَ وَيُقَالُ لِلشَّفِيعِ اهْدِمْ بِنَاءَك وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ إنْ كَانَ أَخَذَ الدَّارَ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَغْرُورٍ، وَهُوَ أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، وَأَجْبَرَ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ عَلَى تَسْلِيمِ ذَلِكَ إلَيْهِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ، وَهِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ فِي الْأُصُولِ، وَلَمْ يَحْكِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا خِلَافًا وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ سَمِعْت أَبَا يُوسُفَ سَأَلَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى دَارًا، وَأَخَذَهَا رَجُلٌ بِالشُّفْعَةِ فَاسْتُحِقَّتْ الدَّارُ مِنْ يَدِهِ، وَقَدْ بَنَى فِيهَا عَلَى مَنْ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَالَ عَلَى الَّذِي قَبَضَ الثَّمَنَ، وَكَذَلِكَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الشَّفِيعَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ بِحِصَّتِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَ بَعْضُهَا بِتَبَعٍ لِبَعْضٍ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لِلشَّفِيعِ سَقَطَتْ حِصَّتُهَا بِكُلِّ حَالٍ، وَالْبِنَاءُ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ فَإِذَا سُلِّمَ لِلْمُشْتَرِي سَقَطَ حِصَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ لَمْ يَسْقُطْ. اهـ أَتْقَانِيٌّ.
(فَرْعٌ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ سَمِعْنَا أَبَا يُوسُفَ قَالَ فِي رَجُلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute