للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ شَرْطٍ كَيْفَمَا كَانَ، أَوْ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ

لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِيهَا لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ عَقْدًا جَدِيدًا فَعَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْبَائِعِ، وَالشُّفْعَةُ تَجِبُ فِي الْإِنْشَاءِ لَا فِي الِاسْتِمْرَارِ وَالْبَقَاءِ عَلَى مَا كَانَ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَا شُفْعَةَ فِي قِسْمَةٍ وَلَا خِيَارِ رُؤْيَةٍ بِالْجَرِّ مَعْنَاهُ لَا شُفْعَةَ بِسَبَبِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَلَا تَصِحُّ الرِّوَايَةُ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ يَصِيرُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَثْبُتُ فِي الْقِسْمَةِ فَيَفْسُدُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارَ الشَّرْطِ يَثْبُتَانِ فِي الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُمَا لِخَلَلٍ فِي الرِّضَا فِي الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَنْعَقِدُ لَازِمَةً إلَّا بِالرِّضَا وَالْقِسْمَةِ مِنْهَا لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ وَالْمُبَادَلَةُ أَغْلَبُ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَيَجُوزُ فِيهَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِفْرَازِ فِيهِمَا هُوَ الْغَالِبُ وَلِهَذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَلِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بِإِعَادَةِ الْقِسْمَةِ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ أَوْ مِثْلَهُ بِلَا تَفَاوُتٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ لِأَنَّهُ إذَا أَصَابَهُ غَيْرُ مَا أَصَابَهُ فِي الْأَوَّلِ قَدْ يَحْصُلُ غَرَضُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِيهَا عِنْدَ الْقِسْمَةِ تَثْبُتُ بِضَرْبٍ مِنْ الِاجْتِهَادِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ نَصِيبَ غَيْرِهِ أَحْسَنُ فَتُفِيدُ الْإِعَادَةَ وَقَالَ فِي الْكَافِي وَصَحَّحَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الرِّوَايَةَ بِالنَّصْبِ وَقَالَ: لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءٍ، أَوْ بِرِضًا وَبِهِ قَالَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتَجِبُ لَوْ رُدَّتْ بِلَا قَضَاءٍ أَوْ تَقَايَلَا) أَيْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ إنْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ تَقَايَلَا الْبَيْعَ وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ شُفْعَتَهُ قَدْ بَطَلَتْ بِالتَّسْلِيمِ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ إقَالَةٌ وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ لِقَصْدِهِمَا ذَلِكَ وَالْعِبْرَةُ لِقَصْدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قُلْنَا الْإِقَالَةُ مُثْبِتَةٌ لِلْمِلْكِ بِتَرَاضِيهِمَا كَالْبَيْعِ، غَيْرَ أَنَّهُمَا قَصَدَا الْفَسْخَ فَيَصِحُّ فِيمَا لَا يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ لَهُمَا وِلَايَةً عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَيَكُونُ فَسْخًا فِي حَقِّهِمَا وَلَا وِلَايَةَ لَهُمَا عَلَى غَيْرِهِمَا فَيَكُونُ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الشَّفِيعِ لِوُجُودِ الْبَيْعِ فِيهَا وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِتَرَاضِيهِمَا فَيَتَجَدَّدُ لَهُ بِهَا حَقُّ الشُّفْعَةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَمُرَادُهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ فَسْخًا مِنْ الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ هَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ عِنْدَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْمَنْقُولِ فَلَا يُمْكِنُهُ حَمْلُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَمَا الْمَانِعُ لَهُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى.

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

وَالرَّدُّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ

وَالشَّرْطُ يُوجِبُ عَوْدَ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ وَأَمَّا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَيَخْتَلِفُ فِيهِ الْقَضَاءُ وَغَيْرُ الْقَضَاءِ فَإِنْ كَانَ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ وَعَادَ عَلَى حُكْمِ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ رَدَّهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ الشَّيْءَ عَادَ بِمِلْكِهِ بِقَوْلِهِ وَرِضَاهُ فَصَارَ كَشِرَاءٍ مُبْتَدَأٍ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ الشُّفْعَةُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَيْفَمَا كَانَ) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ اهـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ " وَلَا خِيَارِ رُؤْيَةٍ " اخْتِلَافَ الرِّوَايَتَيْنِ فَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَائِدَةٌ يُرْوَى بِكَسْرِ الرَّاءِ عَطْفًا عَلَى الْقِسْمَةِ أَيْ لَا شُفْعَةَ فِي الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ كَمَا لَا شُفْعَةَ فِي الْقِسْمَةِ وَيُرْوَى بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا عَطْفًا عَلَى الشُّفْعَةِ وَعَلَى الْمَحَلِّ: أَمَّا رِوَايَةُ الْكَسْرِ فَظَاهِرٌ حَيْثُ لَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى أَثْبَتَهَا الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَقَالَ مَعْنَاهُ لَا شُفْعَةَ فِي قِسْمَةٍ وَلَا خِيَارَ رُؤْيَةٍ فِي الْقِسْمَةِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي الْقِسْمَةِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي رَدِّهِ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْقِسْمَةَ مِنْ سَاعَتِهِ فَلَا يَكُونَ فِي الرَّدِّ فَائِدَةٌ وَأَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ كَالصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ

فَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ لَا شُفْعَةَ فِي قِسْمَةٍ وَلَا خِيَارِ رُؤْيَةٍ أَمَّا الشُّفْعَةُ فِي الْقِسْمَةِ فَلِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَيْسَتْ بِبَيْعٍ مَحْضٍ بَلْ فِيهِ مَعْنَى الْإِفْرَازِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُمْتَنِعَ عَنْهَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَلَا خِلَافَ أَنَّ فِي الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْإِفْرَازِ، وَالشُّفْعَةُ إنَّمَا شُرِعَتْ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَصِحُّ إثْبَاتُهَا فِي الَّذِي يُخَالِفُهُ كَمَا لَمْ تَجِبْ فِي مُعَاوَضَةِ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ " وَلَا خِيَارِ رُؤْيَةٍ " فَإِنْ كَانَتْ الرِّوَايَةُ بِكَسْرِ الرَّاءِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ لَا شُفْعَةَ فِي الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الرِّوَايَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يَثْبُتَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْقِسْمَةِ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَنْ يَثْبُتَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْقِسْمَةِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ يَثْبُتُ فِي ذَلِكَ بِلَا إشْكَالٍ كُلُّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَحَمَلَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِيخَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رِوَايَةَ الْفَتْحِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَاقْتَسَمُوا لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْقِسْمَةَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ يُحْتَاجُ إلَى الْقِسْمَةِ مَرَّةً أُخْرَى فَيَقَعُ فِي نَصِيبِهِ عَيْنُ مَا وَقَعَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى أَوْ مِثْلُهُ فَلَا يُفِيدُهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ

أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَقَارًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ يُفِيدُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا اقْتَسَمُوا ثَانِيًا رُبَّمَا يَقَعُ فِي نَصِيبِهِ الطَّرَفُ الَّذِي يُوَافِقُهُ فَيَكُونُ مُفِيدًا اهـ مَعَ حَذْفٍ، وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ هَلْ يَثْبُتَانِ فِي الْقِسْمَةِ رَدَّهَا بِعَيْبٍ قَبْلَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَدَّهَا بِعَيْبٍ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ رَدَّهَا بِعَيْبٍ بَعْدَ الْقَبْضِ بِلَا قَضَاءٍ تَجِبُ الشُّفْعَةُ رَدَّهَا بِعَيْبٍ بَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ فَسْخٌ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ قَالَ الْمَشَايِخُ) فِي الْكَافِي وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ. اهـ. .

. (قَوْلُهُ: إنْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ) أَيْ مُرَادُ الْقُدُورِيِّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ إلَخْ) الرَّدُّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ فِي حَقِّ الْكُلِّ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>