للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنْ يُكْرَهُ لِوُجُودِ الْوَصْلِ صُورَةً، وَإِنْ قَالَ بِالْخَفْضِ لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي النَّوَازِلِ وَقَالَ: بَعْضُهُمْ هَذَا إذَا كَانَ يَعْرِفُ النَّحْوَ وَالْأَوْجَهُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ الْإِعْرَابُ بَلْ يَحْرُمُ مُطْلَقًا بِالْعَطْفِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ النَّاسِ الْيَوْمَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَمْ تُوجَدْ وَلَمْ يَكُنْ الذَّبْحُ وَاقِعًا عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُكْرَهُ لِمَا ذَكَرْنَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يُذْكَرَ مَوْصُولًا عَلَى سَبِيلِ الْعَطْفِ وَالشَّرِكَةِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ فُلَانٍ أَوْ بِاسْمِ اللَّهِ وَفُلَانٍ أَوْ بِاسْمِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ بِالْجَرِّ فَتَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ؛ لِأَنَّهُ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٧٣] وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَوْطِنَانِ لَا أُذْكَرُ فِيهِمَا عِنْدَ الْعُطَاسِ وَعِنْدَ الذَّبْحِ» وَلَوْ رَفَعَ الْمَعْطُوفَ عَلَى اسْمِ اللَّهِ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَاخْتَلَفُوا فِي النَّصْبِ وَيُكْرَهُ فِيهِمَا بِالِاتِّفَاقِ لِوُجُودِ الْوَصْلِ صُورَةً.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ مَفْصُولًا عَنْهُ صُورَةً وَمَعْنًى بِأَنْ يَقُولَ قَبْلَ أَنْ يُضْجِعَ الشَّاةَ، أَوْ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ، أَوْ بَعْدَ الذَّبْحِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ هَذَا مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ وَهَذَا لَا يُكْرَهُ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بَعْدَ الذَّبْحِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ هَذَا عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مِمَّنْ شَهِدَ لَك بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَلِي بِالْبَلَاغِ» وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَقُولُ «إذَا أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَلَك، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ ذَبَحَ» وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَالشَّرْطُ هُوَ الذِّكْرُ الْخَالِصُ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَرِّدُوا التَّسْمِيَةَ حَتَّى لَوْ قَالَ عِنْدَ الذَّبْحِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاكْتَفَى بِهِ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَسُؤَالٌ وَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ يُرِيدُ بِهِ التَّسْمِيَةَ حَلَّ وَلَوْ عَطَسَ عِنْدَ الذَّبْحِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَحِلُّ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ يُرِيدُ الْحَمْدَ عَلَى النِّعْمَةِ دُونَ التَّسْمِيَةِ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ حَيْثُ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْ الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] وَفِي الذَّبِيحَةِ الْمَأْمُورُ بِهِ هُوَ الذِّكْرُ عَلَى الْمَذْبُوحِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: ٣٦] وَمَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَنْهِيٌّ عَنْ أَكْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١]، وَمَا تَدَاوَلَتْهُ الْأَلْسُنُ عِنْدَ الذَّبْحِ وَهُوَ قَوْلُهُ: بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ مَنْقُولٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: ٣٦] وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُ أَكْبَرُ بِلَا وَاوٍ وَبِالْوَاوِ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ فَوْرَ التَّسْمِيَةِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالذَّبْحُ بَيْنَ الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ) وَفِي الْجَامِعِ لَا بَأْسَ بِالذَّبْحِ فِي الْحَلْقِ كُلِّهِ وَسَطِهِ وَأَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعَثَ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي فِجَاجِ مِنًى أَلَا إنَّ الذَّكَاةَ فِي الْحَلْقِ» الْحَدِيثَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَلِأَنَّهُ مَجْمَعُ مَجْرَى النَّفَسِ وَمَجْرَى الطَّعَامِ، وَمَجْمَعُ الْعُرُوقِ فَيَحْصُلُ بِقَطْعِهِ الْمَقْصُودُ عَلَى أَبْلَغِ الْوُجُوهِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ مُطْلَقًا بِالْعَطْفِ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ النُّسَخِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَطْفٌ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ بَلْ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا بِدُونِ الْعَطْفِ فَتَنَبَّهْ. (قَوْلُهُ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَوْطِنَانِ لَا أُذْكَرُ فِيهِمَا» إلَخْ) فَإِذَا قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَارَ الذِّبْحُ مَيْتَةً. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي النَّصْبِ)، وَفِي رَوْضَةِ الزندويستي النَّصْبُ كَالْخَفْضِ لَا يَحِلُّ وَلَوْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ يَحِلُّ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ وَلَوْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ مَعَ الْوَاوِ يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَلَوْ ذَبَحَ وَلَمْ يُظْهِرْ الْهَاءَ فِي بِسْمِ اللَّهِ إنْ قَصَدَ ذِكْرَ اللَّهِ يَحِلُّ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَقَصَدَ تَرْكَ الْهَاءِ لَا يَحِلُّ كَذَا فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى اهـ أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: جَرِّدُوا التَّسْمِيَةَ) عِنْدَ الذَّبْحِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ) أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ اهـ.

(قَوْلُهُ: يُرِيدُ بِهِ التَّسْمِيَةَ حَلَّ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ وَلَوْ قَالَ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ يُرِيدُ بِهِ التَّسْمِيَةَ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ أَرَادَ التَّحْمِيدَ وَلَمْ يُرِدْ التَّسْمِيَةَ لَمْ يَحِلَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ فِي بَابِ التَّسْمِيَةِ إنَّمَا الصَّرِيحُ بِاسْمِ اللَّهِ فَكَأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ كِنَايَةٌ وَالْكِنَايَةُ إنَّمَا تَقُومُ مَقَامَ الصَّرِيحِ بِالنِّيَّةِ كَمَا فِي بَابِ الطَّلَاقِ حَتَّى إذَا عَطَسَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ يُرِيدُ التَّحْمِيدَ عَلَى الْعُطَاسِ وَذَبَحَ لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ النِّيَّةُ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا ذَبَحَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَبِيحَتِهِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ أَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ قَالَ إنْ كَانَ يُرِيدُ بِذَلِكَ التَّسْمِيَةَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَيْسَتْ بِصَرِيحٍ فِي بَابِ التَّسْمِيَةِ وَالصَّرِيحُ فِي بَابِ التَّسْمِيَةِ اسْمُ اللَّهِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ صَرِيحَةً فِي الْبَابِ كَانَتْ كِنَايَةً وَالْكِنَايَةُ إنَّمَا تَقُومُ مَقَامَ الصَّرِيحِ بِالنِّيَّةِ كَمَا فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا، وَإِلَّا فَلَا فَكَذَا هَذَا وَقَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَقَالَ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا سَمَّى عَلَى ذَبِيحَتِهِ أَوْ الرَّمْيَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ لَا يُحْسِنُهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ التَّسْمِيَةِ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ: التَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ بِمَنْزِلَةِ التَّسْمِيَةِ لِلْجَاهِلِ بِالسُّنَّةِ وَالْعَالِمِ بِهَا إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فِي تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ

وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يَجُوزُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِالتَّكْبِيرِ «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ ثُمَّ تُكَبِّرُ» وَقَالَ فِي الذَّكَاةِ «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَك وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ» فَظَهَرَ الْفَرْقُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقْطَعُ فَوْرَ التَّسْمِيَةِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَمَا تَدَاوَلَتْهُ الْأَلْسُنُ عِنْدَ الذَّبْحِ مَا نَصُّهُ وَقَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ قَالَ الْبَقَّالِيُّ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ يَعْنِي بِالْوَاوِ، ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُ أَكْبَرُ بِدُونِ الْوَاوِ لِأَنَّ الْوَاوَ تَقْطَعُ فَوْرَ التَّسْمِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْعَيْنِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قُلْت إنْ كَانَ الْمَنْقُولُ بِالْوَاوِ فَلَا يُكْرَهُ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>