للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِاتِّصَالِهِ فَيَدْخُلُ تَبَعًا تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ حَيْثُ لَا تَدْخُلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ سِوَى النَّخْلِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ بِدُونِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ جَائِزٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى إدْخَالِهَا فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَبِخِلَافِ الْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا حَيْثُ لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَابِعٍ بِوَجْهٍ مَا؛ وَلِهَذَا لَوْ بَاعَهَا بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا أَوْ مِنْهَا لَا يَدْخُلُ الْمَتَاعُ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تَدْخُلُ وَكَذَا تَدْخُلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي رَهْنِ الدَّارِ وَالْقَرْيَةِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ إنْ كَانَ الْبَاقِي يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ جَازَ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحَقُّ مَوْضِعًا مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّ رَهْنَهُ ابْتِدَاءً يَجُوزُ فَكَذَا بَقَاءً، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً الرَّهْنِ عَلَيْهِ بِأَنْ اسْتَحَقَّ جُزْءًا شَائِعًا أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَى الشَّائِعِ كَالثَّمَرِ وَنَحْوِهِ بَطَلَ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَنَّ الرَّهْنَ وَقَعَ بَاطِلًا، وَيَمْنَعُ التَّسْلِيمَ كَوْنُ الرَّاهِنِ أَوْ مَتَاعِهِ فِي الدَّارِ الْمَرْهُونَةِ حَتَّى إذَا رَهَنَ دَارِهِ، وَهُوَ فِيهَا وَقَالَ سَلَّمْتهَا إلَيْك لَا يَتِمُّ الرَّهْنُ حَتَّى يَقُولَ بَعْدَ مَا خَرَجَ مِنْ الدَّارِ سَلَّمْتهَا إلَيْك؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ فِيهَا وَقَعَ بَاطِلًا لِشَغْلِهَا بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ التَّسْلِيمِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهَا كَمَا إذَا سَلَّمَهَا وَمَتَاعُهُ فِيهَا وَيَمْنَعُ تَسْلِيمَ الدَّابَّةِ الْمَرْهُونَةِ الْحِمْلُ الَّذِي عَلَيْهَا فَلَا يَتِمُّ حَتَّى يُلْقِيَ الْحِمْلَ بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَ الْحِمْلَ دُونَهَا حَيْثُ يَكُونُ رَهْنًا تَامًّا إذَا دَفَعَهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ مَشْغُولَةٌ، فَصَارَ كَمَا إذَا رَهَنَ مَتَاعًا فِي دَارٍ أَوْ وِعَاءً دُونَ الدَّارِ وَالْوِعَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَ سَرْجًا عَلَى دَابَّةٍ أَوْ لِجَامًا فِي رَأْسِهَا وَدَفَعَ الدَّابَّةَ مَعَ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ حَيْثُ لَا يَكُونُ رَهْنًا حَتَّى يَنْزِعَهُ مِنْهَا ثُمَّ يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الدَّابَّةِ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرَةِ لِلنَّخِيلِ حَتَّى قَالُوا يَدْخُلُ فِي رَهْنِ الدَّابَّةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْحُرِّ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ)؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الرَّهْنِ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ وَالِاسْتِيفَاءُ مِنْ هَؤُلَاءِ مُتَعَذِّرٌ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ الْحُرِّيَّةَ فَصَارُوا كَالْحُرِّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا بِالْأَمَانَاتِ وَبِالدَّرَكِ وَالْمَبِيعِ) أَيْ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَمَّا بِالْأَمَانَاتِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ؛ فَلِأَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ بِمَا رَهَنَ بِهِ؛ لِكَوْنِهِ اسْتِيفَاءً لَا بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَمَانِ الْمَرْهُونِ بِهِ لِيَقَعَ الرَّهْنُ مَضْمُونًا بِهِ وَيُسْتَحَقُّ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الرَّهْنِ وَالْأَمَانَاتُ لَيْسَتْ بِمَضْمُونَةٍ وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الرَّهْنِ لِتَعَيُّنِهَا حَالَ بَقَائِهَا وَعَدَمِ وُجُوبِ الضَّمَانِ بَعْدَ هَلَاكِهَا فَصَارَتْ كَالْعَبْدِ الْجَانِي وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالشُّفْعَةِ فَإِنَّ الرَّهْنَ بِهَا لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الضَّمَانِ فَإِنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْمَوْلَى وَالشُّفْعَةُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ كَالْمَغْصُوبِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ حَيْثُ يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِيهَا مُتَقَرِّرٌ إذْ الْوَاجِبُ فِيهَا الْقِيمَةُ، وَالْعَيْنُ مُخَلِّصٌ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَوْ لِلْقِيمَةِ شُبْهَةُ الْوُجُوبِ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَعْضُ فَتَكُونُ رَهْنًا بِمَا تَقَرَّرَ وُجُوبُهُ أَوْ سَبَبُهُ، وَأَمَّا الدَّرَكُ فَلِأَنَّ الرَّهْنَ اسْتِيفَاءٌ وَلَا اسْتِيفَاءَ قَبْلَ الْوُجُوبِ لِأَنَّ مَعْنَى الدَّرَكِ ضَمَانُ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ فَمَا لَمْ يُسْتَحَقَّ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ وَكَذَا بَعْدَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ تَفْتَقِرْ صِحَّةُ الْبَيْعِ إلَى دُخُولِهِ فَلَأَنْ يَدْخُلَ فِي الرَّهْنِ وَصِحَّتُهُ تَقِفُ عَلَى دُخُولِهِ أَوْلَى فَأَمَّا الزَّرْعُ وَالرُّطَبَةُ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَتَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ لِمَا بَيَّنَّا فِي الثَّمَرَةِ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ دُونَ ذَلِكَ وَدُخُولُهُ فِيهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ؛ فَلِذَلِكَ دَخَلَ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ اهـ أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

(قَوْلُهُ سِوَى النَّخْلِ) يَعْنِي وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهَا مِمَّا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْمَبِيعِ اتِّصَالَ قَرَارٍ كَالْبِنَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ أَنَّ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرٍ وَلَمَّا كَانَ حُكْمُ النَّخْلِ وَسَائِرِ الْأَشْجَارِ وَالْبِنَاءِ فِي الْبَيْعِ سَوَاءً لِلْمَعْنَى الْجَامِعِ فِيهَا، وَهُوَ الِاتِّصَالُ قَرَارًا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ النَّخْلِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى آحَادِ الطَّلَبَةِ فَضْلًا عَنْ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَا نَظَرَ فِي كَلَامِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ: فَإِنْ رَهَنَ الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا أَوْ الدَّارَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الرَّهْنِ نَظَرْت إلَى مَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى الرَّهْنِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءُ الرَّهْنِ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ بَطَلَ الرَّهْنُ كُلُّهُ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعْنِي إنْ كَانَ الْبَاقِي مُفْرَزًا بَقِيَ الرَّهْنُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ شَائِعًا بَطَلَ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي الْعَقْدِ فَصَارَ رَهْنًا لِمَا بَقِيَ

فَإِنْ كَانَ مُفْرَزًا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الرَّهْنِ بَعْدَ صِحَّتِهِ، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ وُرُودِ الِاسْتِحْقَاقِ بِمَحَلِّ أَنْ يَجُوزَ الرَّهْنُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً، فَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِيهِ وَيَكُونُ الْبَاقِي مَحْبُوسًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَلَكِنَّهُ يَكُونُ مَحْبُوسًا بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ إنْ قَسَمَ الدَّيْنَ عَلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْبَاقِي يَهْلِكُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ لَا يَذْهَبُ جَمِيعُ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَ الْبَاقِيَ بِالدَّيْنِ ابْتِدَاءً وَفِيهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ وُرُودِ الِاسْتِحْقَاقِ مِمَّا لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَمْنَعُ التَّسْلِيمَ كَوْنُ الرَّاهِنِ إلَخْ) وَكَذَا مَتَاعُهُ فِي الْوِعَاءِ الْمَرْهُونِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ سَلَّمْتهَا إلَيْك) فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ قَدْ قَبِلْت. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَتِمُّ حَتَّى يُلْقِيَ الْحِمْلَ) أَيْ عَنْهَا وَيَدْفَعَهَا. اهـ. (قَوْلُهُ إذَا دَفَعَهَا إلَيْهِ)؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ بِمَشْغُولٍ بِغَيْرِهِ وَلَا تَابِعًا لَهُ فَصَارَ كَرَهْنِ مَتَاعٍ فِي دَارٍ إذَا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ حَتَّى قَالُوا) أَيْ قَالُوا رَهَنَهُ دَابَّةً عَلَيْهَا سَرْجٌ وَلِجَامٌ وَرَسَنٌ وَذَلِكَ لِلرَّاهِنِ دَخَلَ فِي الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهِ فَلَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالرَّهْنِ دُونَهَا اهـ أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَالِاسْتِيفَاءُ مِنْ هَؤُلَاءِ مُتَعَذَّرٌ) أَمَّا الْحُرُّ لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ، وَأَمَّا الْبَاقُونَ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ سَبَبُهُ) أَيْ سَبَبُ وُجُوبِهِ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>