للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ يَدِهِ بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ وَلَمْ يَضْمَنْ لَهُ شَيْئًا إذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ بَدَلِهِ فِي يَدِهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِعَكْسِهِ لَا يَرْجِعُ بِهِ ثَانِيًا) أَيْ بِعَكْسِ مَا ذَكَرَ لَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ ثَانِيًا، وَصُورَتُهُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ جَنَى عِنْدَ مَوْلَاهُ أَوَّلًا فَغَصَبَهُ رَجُلٌ فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً أُخْرَى ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَيَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ لِمَا بَيَّنَّا وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّمَا امْتَنَعَ الدَّفْعُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَيْ لَا يَجْتَمِعَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَهُنَا لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ عِوَضُ مَا دَفَعَ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ فَإِذَا دَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ الْأُولَى لَا يَجْتَمِعُ الْبَدَلَانِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ وَفِي الْأُولَى يَجْتَمِعُ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ مَا أَخَذَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ إذَا دَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ الْأُولَى لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَبِعَكْسِهِ لَا يَرْجِعُ بِهِ ثَانِيًا أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عِنْدَهُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَمَّا لَمْ يَدْفَعْ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ إلَى وَلِيِّ الْأُولَى سَلَّمَ لَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ فَلَمْ يُتَصَوَّرْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ وَهُنَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَمَعَ هَذَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْإِجْمَاعِ بِمَا دَفَعَ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الَّذِي دَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى ثَانِيًا هُنَا بِسَبَبِ جِنَايَةٍ وُجِدَتْ عِنْدَهُ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَوْلَى ثَانِيًا إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فِيهَا بِسَبَبِ جِنَايَةٍ وُجِدَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ لِمَا ذَكَرْنَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْقِنُّ كَالْمُدَبَّرِ غَيْرَ أَنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُ الْعَبْدَ هُنَا وَثَمَّةَ الْقِيمَةَ) أَيْ الْعَبْدَ الْقِنَّ فِيمَا ذَكَرْنَا كَالْمُدَبَّرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُ الْقِنَّ وَفِي الْمُدَبَّرِ الْقِيمَةَ حَتَّى إذَا غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا قِنًّا فَجَنَى فِي يَدِهِ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً أُخْرَى فَإِنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ فَيَدْفَعُهُ إلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَدْفَعُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ إلَى الْأُولَى بَلْ يُسَلِّمُ لَهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ ثَانِيًا عِنْدَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمُدَبَّرِ وَإِنْ جَنَى عِنْدَ الْمَوْلَى أَوَّلًا ثُمَّ غَصَبَهُ فَجَنَى فِي يَدِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى الْمَوْلَى دَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ فَيَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْأُولَى وَلَا يَرْجِعُ بِهِ ثَانِيًا عَلَى الْغَاصِبِ لِمَا ذَكَرْنَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (مُدَبَّرٌ جَنَى عِنْدَ غَاصِبِهِ فَرَدَّهُ فَغَصَبَهُ فَجَنَى عِنْدَهُ عَلَى سَيِّدِهِ قِيمَتُهُ لَهُمَا) مَعْنَاهُ إذَا غَصَبَ رَجُلٌ مُدَبَّرًا فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً فَرَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى ثُمَّ غَصَبَهُ ثَانِيًا فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً أُخْرَى فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بَيْنَ وَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ بِالتَّدْبِيرِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ)؛ لِأَنَّ الْجِنَايَتَيْنِ كَانَتَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَاسْتَحَقَّ كُلَّهُ بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْكُلِّ بِخِلَافِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ هُنَاكَ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَهُ وَالنِّصْفَ بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِ الْمَالِكِ فَيَرْجِعُ بِالنِّصْفِ لِذَلِكَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَدَفَعَ نِصْفَهَا إلَى الْأَوَّلِ) أَيْ دَفَعَ الْمَوْلَى نِصْفَ الْقِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْغَاصِبِ ثَانِيًا إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ كُلَّ الْقِيمَةِ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ عِنْدَ وُجُودِ جِنَايَتِهِ، وَإِنَّمَا انْتَقَصَ حَقَّهُ بِحُكْمِ الْمُزَاحِمَةِ مِنْ بَعْدُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَرَجَعَ بِذَلِكَ النِّصْفَ عَلَى الْغَاصِبِ) أَيْ رَجَعَ الْمَوْلَى بِالنِّصْفِ الَّذِي دَفَعَهُ ثَانِيًا إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ هَذَا النِّصْفِ ثَانِيًا بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَلَا إلَى وَلِيِّ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا فِي النِّصْفِ لِسَبْقِ حَقِّ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ وَقَدْ وَصَلَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا النِّصْفَ لِوُجُودِ الْمُزَاحِمِ وَقْتَ وُجُودِ جِنَايَتِهِ وَالْمُزَاحِمَةُ مَوْجُودَةٌ فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ بِخِلَافِ وَلِيِّ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْكُلَّ وَقْتَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا رَجَعَ حَقُّهُ إلَى النِّصْفِ لِلْمُزَاحَمَةِ فَإِذَا وَجَدَ شَيْئًا مِنْ بَدَلِ الْعَبْدِ أَخَذَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ ثُمَّ قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ كَالْأُولَى وَقِيلَ عَلَى الِاتِّفَاقِ وَالْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى عِوَضُ مَا سَلَّمَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ كَانَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَانِيًا يَتَكَرَّرُ الِاسْتِحْقَاقُ أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ عِوَضًا عَنْ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى مَا ذَكَرْنَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَجْأَةً أَوْ بِحُمَّى

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ ثَانِيًا) مُتَعَلِّقٌ بِدَفَعَ لَا بِالْمَأْخُوذَةِ اهـ (قَوْلُهُ كَالْأُولَى) يَعْنِي قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ يَتَحَقَّقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ أَيْضًا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى حَتَّى يُسَلِّمَ لِلْمَوْلَى مَا رَجَعَ بِهِ مِنْ الْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا يَأْخُذُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى بَاقِيَ حَقِّهِ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى الِاتِّفَاقِ) وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ مُحَمَّدًا اذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِلَا خِلَافٍ وَهَكَذَا قَرَّرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِلَا خِلَافِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ) أَيْ لَوْ قِيلَ بِالرُّجُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ عِوَضًا عَنْ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ عَمَّا أَخَذَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ اهـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ غَصَبَ صَبِيًّا إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَأَرَادَ بِغَصْبِ الصَّبِيِّ أَخْذَهُ بِسَبِيلِ التَّعَدِّي لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْغَصْبِ وَهُوَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ بِسَبِيلِ التَّعَدِّي لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْمَالِ لَا فِي غَيْرِهِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>