وَالتَّسْلِيمُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَيَعُودُ لِيَأْتِيَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
(وَإِنْ سَجَدَ لِلْخَامِسَةِ تَمَّ فَرْضَهُ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا إصَابَةَ لَفْظِ السَّلَامِ، وَهِيَ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ عِنْدَنَا عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَضَمَّ إلَيْهَا سَادِسَةً) لِتَصِيرَ الرَّكْعَتَانِ لَهُ نَفْلًا؛ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُجْزِيهِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْبُتَيْرَاءِ، ثُمَّ لَا يَنُوبَانِ عَنْ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ بَعْدَ الْفَرْضِ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهَا بِتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ مَقْصُودَةٍ قَالُوا وَفِي الْعَصْرِ لَا يَضُمُّ إلَيْهَا سَادِسَةً لِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا وَقِيلَ: يَضُمُّ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ. وَالنَّهْيُ عَنْ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْعَصْرِ يَتَنَاوَلُ الْمَقْصُودَ فَلَا يُكْرَهُ بِدُونِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي الْفَجْرِ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَقَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ لَا يَضُمُّ إلَيْهَا رَابِعَةً لِكَرَاهِيَةِ التَّنَفُّلِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( قَوْلُهُ وَالتَّسْلِيمُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ إلَى آخِرِهِ)، وَلَوْ سَلَّمَ قَائِمًا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، ثُمَّ إذَا عَادَ لَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ، وَكَذَا لَوْ قَامَ عَامِدًا قَالَ النَّاطِفِيُّ يُعِيدُ، ثُمَّ قِيلَ الْقَوْمُ يَتْبَعُونَهُ فَإِنْ عَادَ عَادُوا مَعَهُ، وَإِنْ مَضَى فِي النَّافِلَةِ اتَّبَعُوهُ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ تَمَّتْ بِالْقَعْدَةِ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ الْبَلْخِيّ عَنْ عُلَمَائِنَا أَنَّهُمْ لَا يَتْبَعُونَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا اتِّبَاعَ فِي الْبِدْعَةِ لَكِنْ يَنْتَظِرُونَهُ قُعُودًا فَإِنْ عَادَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ اتَّبَعُوهُ بِالسَّلَامِ فَإِنْ قَيَّدَ سَلَّمُوا فِي الْحَالِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ والتمرتاشي. اهـ. كَاكِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا يَخْفَى عَدَمُ مُتَابَعَتِهِمْ لَهُ فِيمَا إذَا قَامَ قَبْلَ الْقَعْدَةِ اهـ قَوْلُهُ لَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ أَيْ بَلْ يَقْعُدُ وَيُسَلِّمُ اهـ وَقَوْلُهُ فِيمَا إذَا قَامَ أَيْ إلَى الْخَامِسَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِيَأْتِيَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ) أَيْ كَمَا لَوْ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ، وَهُوَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يَرْفُضُهَا. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَضَمَّ إلَيْهَا سَادِسَةً إلَى آخِرِهِ) هَذَا لَفْظُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَى مَعْنَى التَّخْيِيرِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ أَوْ الْإِيجَابِ وَفِي الْمَبْسُوطِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ فَإِنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ أَنْ يُضِيفَ وَكَلِمَةُ عَلَى لِلْإِيجَابِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الضَّمُّ لِلنَّهْيِ عَنْ التَّنَفُّلِ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَنُوبَانِ عَنْ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ) قَالَ فِي الْمُحِيطِ؛ لِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فَلَا تَنُوبُ عَنْ الْكَامِلَةِ اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَضُمُّ إلَيْهَا إلَى آخِرِهِ) قَالَ قَاضِي خَانْ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ اهـ (قَوْلُهُ وَالنَّهْيُ عَنْ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ فِي الْعَصْرِ أَعْنِي صَلَّاهَا خَمْسًا بَعْدَ مَا قَعَدَ الثَّانِيَةَ أَوْ فِي الْفَجْرِ سَجَدَ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْقَعْدَةِ قَالُوا: لَا يَضُمُّ سَادِسَةً؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَنَفِّلًا بِرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَضُمَّ وَالنَّهْيُ عَنْ التَّنَفُّلِ الْقَصْدِيِّ بَعْدَهُمَا، وَكَذَا إذَا تَطَوَّعَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً طَلَعَ الْفَجْرُ الْأَوْلَى أَنْ يُتِمَّهَا، ثُمَّ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَفَّلْ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَصْدًا اهـ.
(فَرْعٌ) تَرَكَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً مِنْ رَكْعَةٍ فَتَذَكَّرَهَا فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَضَاهَا وَتَمَّتْ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْضِيهَا وَيَقْضِي مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ بَعْدَ الْمَتْرُوكِ حَصَلَ قَبْلَ أَوَانِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ شُرِعَتْ مُرَتَّبَةً كَمَا لَوْ قَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ قُلْنَا: الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ صَادَفَتْ مَحَلَّهَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا بَعْدَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَقَدْ وُجِدْت الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ تَتَقَيَّدُ بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنَّمَا الثَّانِيَةُ تَكْرَارٌ فَكَانَ أَدَاءُ الثَّانِيَةِ مُعْتَبَرًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ الْمَتْرُوكُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ مَحَلُّهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ لِتَقْيِيدِ الرَّكْعَةِ، وَالرَّكْعَةُ بِدُونِ الرُّكُوعِ لَا تَتَحَقَّقُ، وَكَذَا لَوْ ذَكَرَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَضَاهُمَا وَيَبْدَأُ بِالْأُولَى مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ تَرَكَهَا مِنْ الْأُولَى وَالْأُخْرَى صُلْبِيَّةً تَرَكَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ يُرَتِّبُ أَيْضًا وَقَالَ زُفَرُ يَبْدَأُ بِالثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى قُلْنَا: الْقَضَاءُ مُعْتَبَرٌ بِالْأَدَاءِ، وَلَوْ تَذَكَّرَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً، وَهُوَ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ خَرَّ لَهَا مِنْ رُكُوعِهِ وَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ فَسَجَدَ لَهَا الْأَفْضَلُ أَنْ يُعِيدَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ لِيَكُونَ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَسْنُونَةِ وَهُوَ التَّرْتِيبُ، وَأَنَّ التَّرْتِيبَ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْهُمَا أَجْزَأَهُ وَقَالَ زُفَرُ لَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَرْضٌ عِنْدَهُ فَالْتُحِقَتْ السَّجْدَةُ بِمَحَلِّهَا فَبَطَلَ مَا أَدَّى مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ لِتَرْكِ التَّرْتِيبِ وَعِنْدَنَا التَّرْتِيبُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَاحِدَةٌ لَيْسَ بِفَرْضٍ؛ وَلِهَذَا يَبْدَأُ الْمَسْبُوقُ بِمَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِيهِ وَلَئِنْ كَانَ فَرْضًا فَقَدْ سَقَطَ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ عَلَيْهِ إعَادَةَ الرُّكُوعِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْقَوْمَةَ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَرْضٌ اهـ.
وَلَوْ تَرَكَ رُكُوعًا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْقَضَاءُ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ رَكْعَةٍ بِأَنْ قَرَأَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ، ثُمَّ قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ فَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً وَلَا يَكُونُ هَذَا الرُّكُوعُ قَضَاءً عَنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْكَعْ لَا يَعْتَدَّ بِالسُّجُودِ لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهِ مَحَلَّهُ إذْ مَحَلُّهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَكَذَا إذَا افْتَتَحَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ وَلَمْ يَرْكَعْ وَسَجَدَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً وَلَا يَكُونُ هَذَا السُّجُودُ قَضَاءً عَنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ رُكُوعَهُ مُعْتَبَرٌ لِمُصَادَفَتِهِ مَحَلَّهُ إلَّا أَنَّهُ تَوَقَّفَ عَلَى أَنْ يُقَيِّدَ بِسَجْدَةٍ فَقِيَامُهُ وَقِرَاءَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهِ مَحَلَّهُ، وَسُجُودُهُ بَعْدُ فِي مَحَلِّهِ، وَكَذَا إذَا قَرَأَ أَوْ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ صَلَّى رَكْعَةً؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ رُكُوعَانِ وَسُجُودُهُ بَعْدَهُ فَيُلْحَقُ بِأَحَدِهِمَا وَيَلْغُو الْآخَرُ فَفِي بَابِ الْحَدَثِ اعْتَبَرَ الْأَوَّلَ وَفِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ اعْتَبَرَ الثَّانِيَ، وَالْأُولَى هِيَ الصَّحِيحَةُ فَمُدْرِكُهَا مُدْرِكٌ لِلرَّكْعَةِ، وَكَذَا لَوْ قَرَأَ وَلَمْ يَرْكَعْ وَسَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ وَلَمْ يَرْكَعْ وَسَجَدَ قَائِمًا صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً.
وَكَذَا إنْ رَكَعَ فِي الْأَوَّلِ فَلَمْ يَسْجُدْ، ثُمَّ رَكَعَ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَسْجُدْ وَسَجَدَ فِي الثَّالِثَةِ وَلَمْ يَرْكَعْ فَإِنَّمَا صَلَّى رَكْعَةً وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ زِيَادَةَ السَّجْدَةِ الْوَاحِدَةِ كَزِيَادَةِ الرَّكْعَةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ السَّجْدَةَ الْوَاحِدَةَ قُرْبَةٌ وَهِيَ سَجْدَةُ الشُّكْرِ، وَعِنْدَهُمَا السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ إلَّا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ رَكْعَةً كَامِلَةً؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ صَلَاةً كَامِلَةً فَانْعَقَدَ نَفْلًا فَصَارَ مُنْتَقِلًا إلَيْهَا فَلَا يَبْقَى فِي الْفَرْضِ ضَرُورَةٌ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْبَدَائِعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute