للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَشِرَاءُ قِنٍّ يُعْتَقُ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ فَيُعْتَقُ خِلَافًا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ وَالْحِيلَةُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفَقِيرِ ثُمَّ يَأْمُرَهُ أَنْ يَفْعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ الصَّدَقَةِ وَيَحْصُلَ لِلْفَقِيرِ ثَوَابُ هَذِهِ الْقُرَبِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَأَصْلُهُ وَإِنْ عَلَا وَفَرْعُهُ وَإِنْ سَفَلَ وَزَوْجَتُهُ وَزَوْجُهَا وَعَبْدُهُ وَمُكَاتَبُهُ وَمُدَبَّرُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى أُصُولِهِ وَهُمْ الْأَبَوَانِ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَإِنْ عَلَوْا وَلَا إلَى فُرُوعِهِ وَهُمْ الْأَوْلَادُ وَأَوْلَادُ الْأَوْلَادِ وَإِنْ سَفَلُوا إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ بَيْنَ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ اتِّصَالًا فِي الْمَنَافِعِ لِوُجُودِ الِاشْتِرَاكِ فِي الِانْتِفَاعِ بَيْنَهُمْ عَادَةً وَكَذَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ لَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِكَوْنِهَا شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ التَّمْلِيكُ عَلَى الْكَمَالِ وَبِالدَّفْعِ إلَى عَبْدِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فَلَمْ يُوجَدْ التَّمْلِيكُ وَهُوَ رُكْنٌ فِيهَا وَلَهُ حَقٌّ فِي كَسْبِ مُكَاتَبِهِ فَلَمْ يَتِمَّ التَّمْلِيكُ وَكَذَا جَمِيعُ الصَّدَقَاتِ كَالْكَفَّارَاتِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالنُّذُورِ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا لِهَؤُلَاءِ لِمَا ذَكَرْنَا بِخِلَافِ خُمُسِ الرِّكَازِ حَيْثُ يَجُوزُ دَفْعُهُ إلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا الْفَقْرُ وَلِهَذَا لَوْ افْتَقَرَ هُوَ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَفِيمَا إذَا دَفَعَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الشَّافِعِيِّ لَهُمْ حَدِيثُ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك أَمَرْت الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ فَأَرَدْت أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ هُوَ وَوَلَدُهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْت عَلَيْهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ زَوْجُك وَوَلَدُك أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْت عَلَيْهِمْ». وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الِاتِّصَالِ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا يُسْتَغْنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَالِ الْآخَرِ عَادَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى} [الضحى: ٨] أَيْ بِمَالِ خَدِيجَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ يُسْتَغْنَى بِمَالِهَا وَهِيَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا لَهُ شَيْءٌ فَمَا ظَنُّك بِالْمَرْأَةِ فَتَكُونُ كَأَنَّهَا لَمْ تُخْرِجْهُ عَنْ مِلْكِهَا وَحَدِيثُ زَيْنَبَ كَانَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ زَوْجُك وَوَلَدُك أَحَقُّ وَالْوَاجِبُ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى الْوَلَدِ وَكَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَجِبُ فِي الْحُلِيِّ وَعِنْدَنَا لَا يَجِبُ كُلُّهُ وَهِيَ تَصَدَّقَتْ بِالْكُلِّ فَدَلَّ أَنَّهَا كَانَتْ تَطَوُّعًا وَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا «قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنِّي امْرَأَةٌ ذَاتُ صَنْعَةٍ أَبِيعُ مِنْهَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

الْحَيِّ لَا يَجُوزُ عَدَمُ الْجَوَازِ فِي الْمَيِّتِ مُطْلَقًا أَلَا تَرَى إلَى تَخْصِيصِ الْحَيِّ فِي حُكْمِ عَدَمِ الْجَوَازِ بِعَدَمِ الْإِذْنِ وَإِطْلَاقِهِ فِي الْمَيِّتِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ تَمْلِيكًا لِلْمَدْيُونِ وَالتَّمْلِيكُ لَا يَقَعُ عِنْدَ أَمْرِهِ بَلْ عِنْدَ أَدَاءِ الْمَأْمُورِ وَقَبْضِ الدَّائِنِ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ الْمَدْيُونُ أَهْلًا لِلتَّمْلِيكِ لِمَوْتِهِ وَقَوْلُهُمْ الْمَيِّتُ يَبْقَى مِلْكُهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ جِهَازِهِ وَنَحْوِهِ حَاصِلُهُ بَقَاؤُهُ بَعْدَ ابْتِدَاءِ ثُبُوتِهِ حَالَ الْأَهْلِيَّةِ وَأَيْنَ هُوَ مِنْ حُدُوثِ مِلْكِهِ بِالتَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ، وَعَمَّا قُلْنَا يُشْكِلُ اسْتِرْدَادَ الْمُزَكَّى عِنْدَ التَّصَادُقِ إذَا وَقَعَ بِأَمْرِ الْمَدْيُونِ لِأَنَّ بِالدَّفْعِ وَقَعَ الْمِلْكُ لِلْفَقِيرِ بِالتَّمْلِيكِ وَقَبْضُ النَّائِبِ أَعْنِي الْفَقِيرَ وَعَدَمُ الدَّيْنِ فِي الْوَاقِعِ إنَّمَا يَبْطُلُ بِهِ صَيْرُورَتَهُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ نِيَابَةً لَا التَّمْلِيكُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ مَلَكَ فَقِيرًا عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مَدْيُونٌ وَظُهُورُ عَدَمِهِ لَا يُؤَثِّرُ عَدَمُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْفَقِيرِ إذَا عَجَّلَ لَهُ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ وَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ الْمُعَجَّلُ عَنْهُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالدَّفْعِ فَلَأَنْ لَا يَمْلِكَ الِاسْتِرْدَادَ هُنَا أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا عَجَّلَ لِلسَّاعِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا حَيْثُ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ لِعَدَمِ زَوَالِ الْمِلْكِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَكَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْفَتَاوَى وَلَوْ جَاءَ الْفَقِيرُ إلَى الْمَالِكِ بِدَرَاهِمَ سَتُّوقَةٍ لِيَرُدَّهَا فَقَالَ الْمَالِكُ رُدَّ الْبَاقِيَ فَإِنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ النِّصَابَ لَمْ يَكُنْ كَامِلًا وَلَا زَكَاةَ عَلَيَّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ إلَّا بِاخْتِيَارِ الْفَقِيرِ فَيَكُونَ هِبَةً مُبْتَدَأً مِنْ الْفَقِيرِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْفَقِيرُ صَبِيًّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ وَإِنْ رَضِيَ فَهُنَا أَوْلَى. اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَوْلَادُ الْأَوْلَادِ وَإِنْ سَفَلُوا) أَيْ وَلَا أَوْلَادُ بِنْتِهِ. اهـ. غَايَةٌ نَقْلًا عَنْ جَوَامِعِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ وَالنُّذُورُ) أَيْ وَجَزَاءُ قَتْلِ الصَّيْدِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَوْ افْتَقَرَ هُوَ إلَى آخِرِهِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ. اهـ. فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ) فَصَارَ الْأَصْلُ فِي الدَّفْعِ الْمُسْقِطِ كَوْنَهُ عَلَى وَجْهٍ تَنْقَطِعُ مَنْفَعَتُهُ عَنْ الدَّافِعِ ذَكَرُوا مَعْنَاهُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ مَعَ قَبْضٍ مُعْتَبَرٍ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ دَفَعَ لِلصَّغِيرِ الْفَقِيرِ غَيْرِ الْعَاقِلِ وَالْمَجْنُونِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَإِنْ دَفَعَهَا الصَّبِيُّ إلَى أَبِيهِ قَالُوا كَمَا لَوْ وَضَعَ زَكَاتَهُ عَلَى دُكَّانٍ فَجَاءَ الْفَقِيرُ وَقَبَضَهَا لَا يَجُوزُ فَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ أَنْ يُقْبِضَهَا لَهُمَا الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ الْأَجَانِبِ الَّذِينَ يَعُولُونَهُ أَوْ الْمُلْتَقِطُ يَقْبِضُ لِلَّقِيطِ وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مُرَاهِقًا أَوْ يَعْقِلُ الْقَبْضَ بِأَنْ كَانَ لَا يَرْمِي وَلَا يُخْدَعُ عَنْهُ يَجُوزُ وَلَوْ وَضَعَ الزَّكَاةَ عَلَى يَدِهِ فَانْتَهَبَهَا الْفُقَرَاءُ جَازَ وَكَذَا إنْ سَقَطَ مَالُهُ مِنْ يَدِهِ فَرَفَعَهُ فَقِيرٌ فَرَضِيَ بِهِ جَازَ إنْ كَانَ يَعْرِفُهُ وَالْمَالُ قَائِمٌ وَالدَّفْعُ إلَى الْمَعْتُوهِ مُجْزِئٌ. اهـ. فَتْحٌ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَلَا يُعْطِي لِمُبَانَتِهِ فِي الْعِدَّةِ بِوَاحِدَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ وَلَا يُعْطِي الْوَلَدَ الْمَنْفِيَّ بِاللِّعَانِ وَلَا الْمَخْلُوقَ مِنْ مَائِهِ بِالزِّنَا وَقِيلَ فِي الْوَلَدِ الرَّقِيقِ وَالزَّوْجَةِ الرَّقِيقَةِ كَذَلِكَ. اهـ. كَاكِيٌّ وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ وَمَنْ زَنَى بِمَنْكُوحَةِ الْغَيْرِ وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَدَفَعَ الزَّوْجُ زَكَاةَ مَالِهِ إلَى هَذَا الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ النَّسَبَ ثَابِتٌ مِنْ الزَّوْجِ بِالْإِجْمَاعِ وَالزَّانِي لَوْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى وَلَدِ الْمَزْنِيَّةِ وَلِلْمَزْنِيَّةِ زَوْجٌ مَعْرُوفٌ يَجُوزُ لِأَنَّ نَسَبَهُ يَثْبُتُ مِنْ النَّاكِحِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَزْنِيَّةِ زَوْجٌ لَا يَجُوزُ لِلزَّانِي دَفْعُ الزَّكَاةِ لِهَذَا الْوَلَدِ اهـ قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجَمِيعُ الْقَرَابَاتِ غَيْرِ الْأَوْلَادِ يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ وَهُوَ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّلَةِ مَعَ الصَّدَقَةِ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ فِي عِيَالِهِ وَلَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي النَّفَقَةَ لَهُ عَلَيْهِ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ يَنْوِي الزَّكَاةَ جَازَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>