وَهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ عَلَى الْكَمَالِ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ فَقِيرًا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ تَجِبُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ هُوَ يَقُولُ أَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا تَجِبُ عَلَى الصَّغِيرِ وَهُمَا يَقُولَانِ فِيهَا مَعْنَى الْمُؤْنَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُهَا عَنْ الْغَيْرِ فَصَارَتْ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ وَلِهَذَا لَا يَتَحَمَّلُهَا أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَلَدُهُ الْمَجْنُونُ الْكَبِيرُ وَقَوْلُهُ وَعَبِيدُهُ لِلْخِدْمَةِ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ عَبِيدِهِ لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْهُمْ كَيْ لَا يُؤَدِّي إلَى الشَّيْءِ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ وَعَبِيدُ عَبِيدٍ تَجِبُ عَنْ الْعَبِيدِ لِمَا قُلْنَا وَلَا تَجِبُ عَنْ عَبِيدِ الْعَبِيدِ إنْ كَانُوا لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ كَانُوا لِلْخِدْمَةِ تَجِبُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبِيدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا تَجِبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَوْلَى هَلْ يَمْلِكُ كَسْبَ عَبْدِهِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْمَوْلَى فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إسْلَامُ الْعَبْدِ كَالزَّكَاةِ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا عَنْ زَوْجَتِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَلِي عَلَيْهَا وَلَا يُمَوِّنُهَا إلَّا لِضَرُورَةِ انْتِظَامِ مَصَالِحِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَيْرُ الرَّوَاتِبِ نَحْوُ الْأَدْوِيَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَ) لَا (وَلَدُهُ الْكَبِيرُ) لِأَنَّهُ لَا يُمَوِّنُهُ وَلَا يَلِي عَلَيْهِ فَانْعَدَمَ السَّبَبُ وَكَذَا إنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَدَّى عَنْهُ وَعَنْ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِمَا جَازَ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عَادَةً وَلَا يُؤَدِّي عَنْ أَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ وَنَوَافِلِهِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي مَعْنَى نَفْسِهِ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَ) لَا (مُكَاتَبِهِ) لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَ) لَا (عَبْدٍ أَوْ عَبِيدٍ لَهُمَا) أَيْ لَا تَجِبُ عَنْ عَبْدٍ أَوْ عَبِيدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي الْعَبِيدِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرُّءُوسِ دُونَ الْأَشْقَاصِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَرَى قِسْمَةَ الرَّقِيقِ وَهُمَا يَرَيَانِهَا وَقِيلَ لَا تَجِبُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ النَّصِيبَ لَا يَجْتَمِعُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَمْ تَتِمَّ الرَّقَبَةُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَتْ لَهُمَا جَارِيَةٌ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا عَنْ الْأُمِّ لِمَا قُلْنَا وَعَنْ الْوَلَدِ تَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةٌ تَامَّةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ تَامَّةٌ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلًا لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ لَا يَتَجَزَّأُ وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَ وَلَدًا لِلْبَاقِي مِنْهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَجِبُ عَلَيْهِمَا صَدَقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُمَا وَالْمُؤْنَةَ عَلَيْهِمَا فَكَذَا الصَّدَقَةُ لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلتَّجَزُّؤِ كَالْمُؤْنَةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ آبِقٌ أَوْ مَأْسُورٌ أَوْ مَغْصُوبٌ مَجْحُودٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَنْ نَفْسِهِ بِسَبَبِهِمْ وَمِنْ الْمَرْهُونِ تَجِبُ فِي الْمَشْهُورِ إنْ فَضَلَ بَعْدَ الدَّيْنِ قَدْرَ النِّصَابِ وَكَذَا بِسَبَبِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُسْتَغْرَقِ بِالدَّيْنِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي حَيْثُ تَجِبُ عَنْهُمَا كَيْفَمَا كَانَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْنَ فِي الرَّهْنِ عَلَى الْمَوْلَى وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي الْعَبْدِ الْمُسْتَغْرَقِ وَالْجَانِي وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْعَبْدِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ عَلَى الْمَوْلَى، وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ لَا تَجِبُ فِطْرَتَهُ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَتَوَقَّفُ لَوْ مَبِيعًا بِخِيَارِ) أَيْ يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ صَدَقَةِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ تَعْلِيقًا فِي كِتَابِ الْوَصَايَا مُقْتَصِرًا عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى فَقَالَ وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» وَتَعْلِيقَاتُهُ الْمَجْزُومَةُ لَهَا حُكْمُ الصِّحَّةِ وَرَوَاهُ مَرَّةً مُسْنَدًا بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ. اهـ. فَتْحٌ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ تَجِبُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَهُمَا) وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَمْ يُؤَدِّ حَتَّى بَلَغَ وَجَبَ الْقَضَاءُ عِنْدَهُمَا. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ) أَيْ تَجِبُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ غَنِيًّا لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَادَةً. اهـ. فَتْحٌ
(قَوْلُهُ نَحْوُ الْأَدْوِيَةِ) أَيْ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ زَمِنًا. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عَادَةً) أَيْ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا الْإِعَادَةُ فِيهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا مُكَاتَبُهُ إلَخْ) وَفِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ أَقْوَالٌ سِتَّةٌ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَعَلَّهُ أَقْوَى فِي الدَّلِيلِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَقِ كُلِّهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَهُوَ قَوْلُهُمَا لِأَنَّهُ حُرٌّ عِنْدَهُمَا وَبَقِيَّةُ الْأَقْوَالِ تُنْظَرُ فِي الْغَايَةِ السُّرُوجِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ) وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ أَبُو حَنِيفَةَ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ قِسْمَةِ الرَّقِيقِ جَبْرًا وَلَمْ يَجْتَمِعْ لِوَاحِدٍ مَا يُسَمَّى رَأْسًا وَمُحَمَّدٌ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ فِي الْقِسْمَةِ وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْقِسْمَةِ بِنَاءً عَلَى الْمِلْكِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ بِاعْتِبَارِ الْمُؤْنَةِ عَنْ وِلَايَةٍ لَا بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ وَلِذَا تَجِبُ عَنْ الْوَلَدِ وَلَا مِلْكَ وَلَا تَجِبُ عَنْ الْآبِقِ مَعَ الْمِلْكِ فِيهِ وَلَوْ سَلَّمَ فَجَوَازُ الْقِسْمَةِ لَيْسَ عِلَّةً تَامَّةً لِثُبُوتِهَا وَكَلَامُنَا فِيمَا قَبْلَهَا وَقَبْلَهَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِي مِلْكِ أَحَدٍ رَأْسٌ كَامِلٍ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ) يَعْنِي أَنَّ السَّبَبَ هُوَ رَأْسٌ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ لِأَنَّ الْمُفَادَ بِالنَّصِّ مِنْ قَوْلِهِ تَمُونُونَ عَلَيْكُمْ مُؤْنَتَهُ وَلَيْسَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُؤْنَتُهُ بَلْ بَعْضُهَا وَبَعْضُ الشَّيْءِ لَيْسَ إيَّاهُ وَلَا سَبَبَ إلَّا هَذَا فَعِنْدَ انْتِفَائِهِ يَبْقَى عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ لَا أَنَّ الْعَدَمَ يُؤَثِّرُ شَيْئًا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرُّءُوسِ دُونَ الْأَشْقَاصِ) يَعْنِي لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَعْبُدْ مَثَلًا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةُ عَبْدَيْنِ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْخَامِسِ. اهـ. كَاكِيٌّ.
(قَوْلُهُ صَدَقَةٌ تَامَّةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) وَحَكَى الزَّعْفَرَانِيُّ والإسبيجابي قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ أَبِي يُوسُفَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِمَا فَكَذَا الصَّدَقَةُ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا أَوْ مَيِّتًا فَعَلَى الْآخَرِ صَدَقَةٌ تَامَّةٌ عِنْدَهُمَا وَلَا نَصَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ آبِقٌ إلَخْ) قَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى فَإِنْ عَادَ الْعَبْدُ مِنْ الْإِبَاقِ أَوْ رُدَّ الْمَغْصُوبُ عَلَيْهِ بَعْدَمَا مَضَى يَوْمُ الْفِطْرِ كَانَ عَلَيْهِ صَدَقَةُ مَا مَضَى. اهـ. (قَوْلُهُ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ) قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ الْفِطْرُ بِكَسْرِ الْفَاءِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ قَبْلَ الْمُوصَى لَهُ وَقَبْلَ رَدِّهِ اهـ غَايَةٌ قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الْعَبْدِ