للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَيْرَ عَدْلٍ أَنْ يَكُونَ مَسْتُورًا وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ بِالْعَدَالَةِ وَلَا بِالدَّعَارَةِ وَيُقْبَلُ فِيهِ خَبَرُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ بَعْدَمَا تَابَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُضُورُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَلَا يَكُونُ مُلْزَمًا إلَّا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ وَالصَّحَابَةُ كَانُوا يَقْبَلُونَ أَخْبَارَ أَبِي بَكْرَةَ بَعْدَمَا حُدَّ فِي الْقَذْفِ لِكَوْنِهِ عَدْلًا وَلِهَذَا يُقْبَلُ فِيهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ يُشْتَرَطُ الْمُثَنَّى اعْتِبَارًا بِسَائِرِ الشَّهَادَاتِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ فَقَالَ أَتَشَهَّدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَتَشَهَّدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا بِلَالُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَلِأَنَّهُ خَبَرٌ دِينِيٌّ وَلَيْسَ بِشَهَادَةٍ حَتَّى لَا يُشْتَرَطَ فِيهِ لَفْظُهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَسَائِرِ الْأَخْبَارِ ثُمَّ إذَا صَامُوا بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ وَأَكْمَلُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ لَا يُفْطِرُونَ فِيمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِلِاحْتِيَاطِ وَلِأَنَّ الْفِطْرَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمْ يُفْطِرُونَ وَيَثْبُتُ الْفِطْرُ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الرَّمَضَانِيَّةِ بِالْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْفِطْرُ ابْتِدَاءً كَاسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ بِنَاءً عَلَى النَّسَبِ الثَّابِتِ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ وَإِنْ كَانَ الْإِرْثُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهَا ابْتِدَاءً وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً لَا يُفْطِرُونَ لِظُهُورِ غَلَطِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَغَيِّمَةً يُفْطِرُونَ لِعَدَمِ ظُهُورِ الْغَلَطِ وَأَمَّا هِلَالُ الْفِطْرِ فَلِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ نَفْعُ الْعِبَادِ وَهُوَ الْفِطْرُ فَأَشْبَهَ سَائِرَ حُقُوقِهِمْ فَيُشْتَرَطُ فَهِيَ مَا يُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ حُقُوقِهِمْ مِنْ الْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَدِ وَلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِيهِ الدَّعْوَى كَعِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الْحُرَّةِ وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي قَذْفٍ لِكَوْنِهِ شَهَادَةً

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِلَّا فَجَمْعٌ عَظِيمٌ لَهُمَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ فِيهِمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ جَمَاعَةً كَثِيرَةً بِحَيْثُ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ لِأَنَّ التَّفَرُّدَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ يُوهِمُ الْغَلَطَ فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ فِي خَبَرِهِ حَتَّى يَكُونَ جَمْعًا كَثِيرًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَقُّ الْغَيْمُ مِنْ مَوْضِعِ الْهِلَالِ فَيَتَّفِقُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

هَذَا وَتُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى شَهَادَةِ الْوَاحِدِ

أَمَّا مَعَ تَبَيُّنِ الْفِسْقِ فَلَا قَائِلَ بِهِ عِنْدَنَا وَعَلَى هَذَا تَفَرَّعَ مَا لَوْ شَهِدُوا فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّهُمْ رَأَوْا هِلَالَ رَمَضَانَ قَبْلَ صَوْمِهِمْ بِيَوْمٍ إنْ كَانُوا فِي هَذَا الْمِصْرِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا الْحِسْبَةَ وَإِنْ جَاءُوا مِنْ خَارِجٍ قُبِلَتْ انْتَهَى فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلَا بِالدِّعَارَةِ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ فِي فَصْلِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ بَابِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالدَّعَارَةُ الْفِسْقُ وَالْخُبْثُ يُقَالُ هُوَ خَبِيثٌ دَاعِرٌ بَيِّنُ الدَّعَرِ وَالدَّعَارَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ يُتَمَسَّكُ بِهِ لِرِوَايَةِ النَّوَادِرِ فِي قَبُولِ الْمَسْتُورِ لَكِنَّ الْحَقَّ أَنْ لَا مُتَمَسَّكَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَا الزَّمَانِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْإِسْلَامِ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سَأَلَهُ عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ إنْ كَانَ هُوَ أَوَّلَ إسْلَامِهِ فَلَا شَكَّ فِي ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ لِأَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ أَسْلَمَ عَدْلًا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ خِلَافُهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ إخْبَارًا عَنْ حَالِهِ السَّابِقِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَالَتَهُ قَدْ ثَبَتَتْ بِإِسْلَامِهِ فَيَجِبُ الْحُكْمُ بِبَقَائِهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ الْخِلَافُ وَلَمْ يَكُنْ الْفِسْقُ غَالِبًا عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَعَارُضِ غَلَبَةِ ذَلِكَ الْحَاصِلِ فَيَجِبُ التَّوْقِيفُ إلَى ظُهُورِهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا صَامُوا بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ) قَالَ الْكَمَالُ هَكَذَا الرَّاوِيَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ قَبِلَهُ بِغَيْمٍ أَوْ فِي صَحْوٍ وَهُوَ مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا إذَا لَمْ يَرَ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ ثُمَّ خَصَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْفَتَاوَى أَضَافُوا مَعَهُ أَبَا يُوسُفَ وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ فِي قَبُولِهِ فِي صَحْوٍ وَفِي قَبُولِهِ بِغَيْمٍ أَخَذَ يَقُولُ مُحَمَّدٌ انْتَهَى

فَرْعٌ إذَا صَامَ أَهْلُ مِصْرٍ رَمَضَانَ عَلَى غَيْرِ رُؤْيَةٍ بِإِكْمَالِ شَعْبَانَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ إنْ كَانُوا أَكْمَلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ عَنْ رُؤْيَةِ هِلَالِهِ إنْ لَمْ يَرَوْا هِلَالَ رَمَضَانَ قَضَوْا يَوْمًا وَاحِدًا حَمْلًا عَلَى نُقْصَانِ شَعْبَانَ غَيْرَ أَنَّهُ اتَّفَقَ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ وَإِنْ أَكْمَلُوا شَعْبَانَ عَنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ قَضَوْا يَوْمَيْنِ احْتِيَاطًا انْتَهَى لِاحْتِمَالِ نُقْصَانِ شَعْبَانَ مَعَ مَا قَبْلِهِ فَإِنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَعْبَانَ كَانُوا بِالضَّرُورَةِ مُكَمِّلِينَ رَجَبٍ انْتَهَى كَمَالٌ (قَوْلُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمْ يُفْطِرُونَ) أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ انْتَهَى غَايَةٌ الْأَتْقَانِيِّ (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ الْفِطْرُ) أَيْ تَبَعًا وَضِمْنًا انْتَهَى (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الرَّمَضَانِيَّةِ بِالْوَاحِدِ) مَثَّلَ بِثُبُوتِ الرَّمَضَانِيَّةِ لَا بِثُبُوتِ الْفِطْرِ فَهُوَ مَعْنَى مَا أَجَابَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سِمَاعَةَ حُسَيْنًا قَالَ لَهُ يَثْبُتُ الْفِطْرُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ فَقَالَ لَا بَلْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَمَ بِثُبُوتِهِ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ فَبِالضَّرُورَةِ يَثْبُتُ الْفِطْرُ بَعْدَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا انْتَهَى فَتْحٌ وَلَوْ صَامُوا بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَفْطَرُوا بِتَمَامِ الْعِدَّةِ اتِّفَاقًا انْتَهَى كَافِي وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ لَا يُفْطِرُونَ وَهَكَذَا فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إنْ قَبِلَهَا فِي صَحْوٍ لَا يُفْطِرُونَ أَوْ فِي غَيْمٍ أَفْطَرُوا لِتَحَقُّقِ زِيَادَةِ الْقُوَّةِ فِي الثُّبُوتِ فِي الثَّانِي وَلَا اشْتِرَاكَ فِي عَدَمِ الثُّبُوتِ أَصْلًا فِي الْأَوَّلِ فَصَارَ كَالْوَاحِدِ لَمْ يَبْعُدْ انْتَهَى فَتْحٌ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى النَّسَبِ الثَّابِتِ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ) وَهَذَا الِاسْتِشْهَادُ عَلَى قَوْلِهِمَا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ لَا يُتَصَوَّرُ ذِكْرُهُ فِي الْإِيضَاحِ قُلْنَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُ فِي الْفِرَاشِ انْتَهَى مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَطَلَاقُ الْحُرَّةِ) أَيْ عِنْدَ الْكُلِّ وَعِتْقُ الْعَبْدِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الدَّعْوَى فِي هِلَالِ الْفِطْرِ وَهِلَالِ رَمَضَانَ انْتَهَى فَتْحٌ نَقْلًا عَنْ قَاضِي خَانْ

(قَوْلُهُ يُوهِمُ الْغَلَطَ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ ظَاهِرٌ فِي اللَّفْظِ فَإِنَّ مُجَرَّدَ اللَّفْظِ مُتَحَقِّقٌ فِي الْبَيِّنَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلْحُكْمِ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ قَبُولَهَا بَلْ التَّفَرُّدُ مِنْ بَيْنِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ بِالرُّؤْيَةِ مَعَ تَوَجُّهِهِمْ طَالِبِينَ لِمَا تَوَجَّهَ هُوَ إلَيْهِ مَعَ فَرْضِ عَدَمِ الْمَانِعِ وَسَلَامَةِ الْإِبْصَارِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْأَبْصَارُ فِي الْحِدَّةِ ظَاهِرٌ فِي غَلَطِهِ كَتَفَرُّدِ نَاقِلِ زِيَادَةٍ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ أَهْلِ مَجْلِسٍ مُشَارِكِينَ لَهُ فِي السَّمَاعِ فَإِنَّهَا تُرَدُّ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً مَعَ أَنَّ التَّفَاوُتَ فِي حِدَّةِ السَّمْعِ أَيْضًا وَاقِعٌ كَمَا فِي الْإِبْصَارِ مَعَ أَنَّهُ لَا نِسْبَةَ لِمُشَارِكَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>