للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ لِلْحَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْلَقَ وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبَبٍ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ، وَالِانْعِقَادُ بِاعْتِبَارِهِ، وَفِيهِ خِلَافُ الْكَرْخِيِّ هُوَ يَقُولُ: إنَّ الْمُسْتَوْفَى فِي النِّكَاحِ مَنْفَعَةُ حَقِيقَةٍ، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ - تَعَالَى - بَدَلَهُ أُجْرَةً بِقَوْلِهِ {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٤] فَتَثْبُتُ الْمُشَاكَلَةُ بَيْنَهُمَا قُلْنَا: الْمَمْلُوكُ بِالنِّكَاحِ لَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ حَتَّى كَانَ التَّأْبِيدُ مِنْ شَرْطِهِ كَتَمْلِيكِ الْعَيْنِ، وَالتَّأْقِيتُ مُفْسِدٌ لَهُ فَتَثْبُتُ الْمُضَادَّةُ بَيْنَهُمَا فَلَا تَصِحُّ الِاسْتِعَارَةُ

وَلَوْ جُعِلَتْ الْمَرْأَةُ أُجْرَةً يَنْبَغِي أَنْ يَنْعَقِدَ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَا بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْإِجَازَةِ بِالزَّايِ وَالرِّضَا وَالْإِبْرَاءِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُفِيدُ مِلْكَ الْمُتْعَةِ وَذُكِرَ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ مَوْضُوعٍ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ إنْ ذُكِرَ الْمَهْرُ وَإِلَّا فَالنِّيَّةُ وَمَا لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ لَهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ لَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ نِكَاحٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كِنَايَاتِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ إجْمَاعًا وَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ إجْمَاعًا وَمَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ فَاحْفَظْهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (عِنْدَ حُرَّيْنِ أَوْ حُرٍّ وَحُرَّتَيْنِ عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، وَلَوْ فَاسِقَيْنِ أَوْ مَحْدُودَيْنِ أَوْ أَعَمِيَيْنِ أَوْ ابْنَيْ الْعَاقِدَيْنِ) يَعْنِي يَنْعَقِدُ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا إذَا وُجِدَتْ عِنْدَ رَجُلَيْنِ حُرَّيْنِ أَوْ رَجُلٍ حُرٍّ وَامْرَأَتَيْنِ حُرَّتَيْنِ يَعْنِي بِهِ حُضُورَ الشُّهُودِ وَلَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِحُضُورِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: يَجُوزُ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَزَوَّجَ ابْنُ عُمَرَ بِغَيْرِ شُهُودٍ، وَكَذَا فَعَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ يَجُوزُ بِغَيْرِ شُهُودٍ إذَا أَعْلَنُوا، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَلَوْ بِالدُّفِّ» وَعَلَى هَذَا قَالَ مَالِكٌ لَوْ عَقَدَ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ وَشَرَطَ كِتْمَانَ الْعَقْدِ لَا يَجُوزُ لِمَا رَوَيْنَا وَلِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى عَنْ نِكَاحِ السِّرِّ» وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ» وَأُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِنِكَاحٍ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَقَالَ: هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ فَلَا أُجِيزُهُ وَلَا يَلْزَمُنَا مَا رَوَوْا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بِحُضُورِ الشَّاهِدَيْنِ يَحْصُلُ الْإِعْلَانُ وَيَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ سِرًّا ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ وَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَالصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ وَالشَّهَادَةُ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّهَا نُفُوذُ قَوْلِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْغَيْرِ رَضِيَ أَوْ لَمْ يَرْضَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

مَوْضُوعَةٌ وَكَذَا الصُّلْحُ لِكَوْنِهِ لِإِسْقَاطِ الْحَقِّ لَا لِابْتِدَاءِ الْعَقْدِ وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ وَالْعَطِيَّةِ. اهـ. غَايَةٌ السُّرُوجِيِّ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ لِلْحَالِ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْتَلِفَ فِي صِحَّتِهِ حِينَئِذٍ. اهـ. فَتْحٌ وَأَمَّا لَفْظُ الرَّدِّ هَلْ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ ذَكَرَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إمْلَاءَ رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا، فَقَالَتْ: رَدَدْت نَفْسِي عَلَيْك، فَقَالَ الزَّوْجُ: قَبِلْت كَانَ نِكَاحًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْعَبَّاسِ النَّاطِفِيُّ: وَالرَّدُّ قَدْ يَكُونُ فِي حُكْمِ الِابْتِدَاءِ. اهـ. تَتَارْخَانِيَّةُ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ) أَيْ بِأَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ: آجَرْت نَفْسِي مِنْك بِكَذَا أَوْ يَقُولَ الْأَبُ: آجَرْت ابْنَتِي مِنْك بِكَذَا وَنَوَى بِهِ النِّكَاحَ وَأَعْلَمَ الشُّهُودَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ خِلَافُ الْكَرْخِيِّ) وَمَا قَالَهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالتَّأْقِيتُ مُفْسِدٌ لَهُ) أَيْ وَالتَّأْقِيتُ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَعَلَتْ الْمَرْأَةُ أُجْرَةً) أَيْ أَوْ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ. اهـ. فَتْحٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ بِأَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: اسْتَأْجَرْت دَارَك بِابْنَتِي هَذِهِ أَيْ أَوْ أَسْلَمْتهَا إلَيْك فِي كُرِّ حِنْطَةٍ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَنْعَقِدَ) أَيْ النِّكَاحُ اهـ (قَوْلُهُ وَالرِّضَا وَالْإِبْرَاءِ) أَيْ وَالشَّرِكَةِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْكِتَابَةِ وَالْوَلَاءِ وَالْإِيدَاعِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَمَا لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ لَهُ إلَخْ) وَكُلُّ لَفْظٍ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ تَنْعَقِدُ بِهِ الشُّبْهَةُ حَتَّى يَسْقُطَ بِهِ الْحَدُّ وَيَجِبُ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ دَخَلَ بِهَا. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ لَا يَعْلَمَانِ إلَخْ) وَلَوْ لُقِّنَتْ الْمَرْأَةُ زَوَّجْت نَفْسِي بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا تَعْلَمُ مَعْنَاهُ وَقَبِلَ وَالشُّهُودُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمُونَ صَحَّ كَالطَّلَاقِ وَقِيلَ لَا كَالْبَيْعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: مَا يَنْعَقِدُ بِهِ إجْمَاعًا) أَيْ مِنْ مَشَايِخِنَا، وَذَلِكَ كَالتَّمْلِيكِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ عِنْدَ حُرَّيْنِ) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ يَنْعَقِدُ أَوْ بِقَوْلِهِ: يَصِحُّ اهـ وَقَوْلُهُ: عِنْدَ حُرَّيْنِ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْعَيْنِيُّ: ثُمَّ قَوْلُ الشَّيْخِ عِنْدَ حُرَّيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حُضُورُهُمَا لِإِسْمَاعِهِمَا؛ لِأَنَّ عِنْدَ لِلْحَضْرَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْدُودَيْنِ) قَالَ فِي الْحَقَائِقِ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَحْدُودَيْنِ قَبْلَ ظُهُورِ التَّوْبَةِ إذْ بَعْدَهُ يَنْعَقِدُ اتِّفَاقًا. اهـ. ابْنُ فِرِشْتَا (قَوْلُهُ: وَلَنَا قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ») رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. اهـ. فَتْحٌ وَالشُّهُودُ الْحُضُورُ إمَّا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْحَضْرَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ شَاهِدٍ كَالسُّجُودِ جَمْعِ سَاجِدٍ، وَالثَّانِي أَظْهَرُ. اهـ. كَاكِيٌّ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَبْدَ وَالصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ إلَخْ) وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ كَالْقِنِّ لَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَتِهِمْ وَلَوْ حَضَرَ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ الْعَقْدَ مَعَ غَيْرِهِمَا مِمَّا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ، وَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَاحْتِيجَ إلَى الْأَدَاءِ لِجَحْدِ النِّكَاحِ فَشَهِدَا بِهِ دُونَ مَنْ كَانَ مَعَهُمَا مِمَّنْ الْعَقْدُ بِحُضُورِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صِحَّةُ الْعَقْدِ كَانَتْ بِحُضُورِهِمَا هَذَا، وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَوَازُ شَهَادَةِ الْعَبْدِ مُطْلَقًا وَاسْتَبْعَدَ نَفْيَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا كِتَابَ وَلَا سُنَّةَ وَلَا إجْمَاعَ فِي نَفْيِهَا وَحَكَى عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ مَا عَلِمْت أَحَدًا رَدَّ شَهَادَةِ الْعَبْدِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - يَقْبَلُهَا عَلَى الْأُمَمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَكَيْفَ لَا يُقْبَلُ هُنَا، وَيُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رِوَايَةِ الْإِخْبَارِ وَاَلَّذِي ذُكِرَ مِنْ الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ مِمَّا يُمْنَعُ فَإِنَّهُ لَا تَلَازُمَ عَقْلًا بَيْنَ تَصْدِيقِ مُخْبِرٍ فِي إخْبَارِهِ بِمَا شَاهَدَهُ بَعْدَ كَوْنِهِ عَدْلًا تَقِيًّا وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَمْلُوكَ الْمَنَافِعِ وَلَا شَرْعًا لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبْتَلَى عَبْدٌ مِنْ اللَّهِ بِالرِّقِّ

وَيُقْبَلُ إخْبَارُهُ كَيْفَ وَلَيْسَ الشَّرْطُ هُنَا كَوْنَ الشَّاهِدِ مِمَّنْ يُقْبَلُ أَدَاؤُهُ وَكَذَا جَازَ بِدَعْوَى الزَّوْجَيْنِ وَلَا أَدَاءَ لَهُمَا، وَغَايَةُ مَا يُلْمَحُ فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُجْعَلْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ شَرْطًا، وَلَمْ يَصِحَّ لَهُ تَصَرُّفُ التَّحَقُّقِ بِالْجَمَادَاتِ فِي حَقِّ الْعُقُودِ فَكَانَ حُضُورُهُ كَلَا حُضُورٍ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ حَيْثُ قَالَ وَلِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>