للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَهَا غَيْرُ مُشْتَهَاةٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَبِنْتُ ثَمَانٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ سِتٍّ إنْ كَانَتْ عَبْلَةً ضَخْمَةً كَانَتْ مُشْتَهَاةً، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ جَامَعَ صَغِيرَةً فَأَفْضَاهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَلَوْ كَبِرَتْ الْمَرْأَةُ حَتَّى خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْمُشْتَهَاةِ تُوجِبُ الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ تَحْتَ الْحُرْمَةِ فَلَمْ تَخْرُجْ بِالْكِبَرِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ وَمَسُّ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ وَنَظَرُهَا إلَى ذَكَرِهِ بِشَهْوَةٍ كَمَسِّ الرَّجُلِ وَنَظَرِهِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَحَرُمَ تَزَوُّجُ أُخْتَ مُعْتَدَّتِهِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٌ: يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ تِلْكَ إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ سَائِرُ مَحَارِمِهَا وَأَرْبَعٌ سِوَاهَا لَهُمْ أَنَّ النِّكَاحَ قَدْ انْقَطَعَ بَيْنَهُمَا إعْمَالًا لِلْقَاطِعِ؛ وَلِهَذَا لَوْ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ يَجِبُ الْحَدُّ فَصَارَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَنَا مَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيُّ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى شَيْءٍ كَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأَنْ لَا تُنْكَحَ امْرَأَةٌ فِي عِدَّةِ أُخْتِهَا، وَعَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعَنْ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ» وَإِمَامُنَا فِيهِ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً، وَلِأَنَّ نِكَاحَ الْمُطَلَّقَةِ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ لِبَقَاءِ أَحْكَامِهِ مِنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَالْمَنْعِ مِنْ الْخُرُوجِ وَالْفِرَاشِ حَتَّى يَثْبُتَ نَسَبُ وَلَدِهَا، وَالْقَاطِعُ، وَهُوَ الطَّلَاقُ قَدْ تَأَخَّرَ عَمَلُهُ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ غَيْرَ حُرْمَةِ الْوَطْءِ

وَلِهَذَا بَقِيَ فِي حَقِّ الْعَقْدِ حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِ فَصَارَ كَالرَّجْعِيِّ وَلِأَنَّ فِي تَزَوُّجِ أُخْتِهَا زِيَادَةَ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ فَكَانَ أَشَدَّ مِنْ التَّزَوُّجِ بِهَا، وَهِيَ فِي النِّكَاحِ وَالْحَدِّ لَا يَجِبُ عَلَى إشَارَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ فَلَنَا أَنْ نَمْنَعَ وَعَلَى عِبَارَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ يَجِبُ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ فِي حَقِّ الْحِلِّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِمَكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا نِكَاحًا، وَلَمْ يُوجَدْ؛ وَلِهَذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ فِيهَا أَثَرُ الْمِلْكِ وَحَقِيقَةُ الْمِلْكِ فِيهَا لَا تَمْنَعُ تَزَوُّجَ الْأُخْتِ فَالْأَثَرُ أَوْلَى وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ إنَّمَا جَازَ نِكَاحُ أُخْتِ أُمِّ الْوَلَدِ لِضَعْفِ الْفِرَاشِ، فَإِذَا أَعْتَقَهَا قَوِيَ الْفِرَاشُ؛ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَقَبْلَهُ يَجُوزُ، فَإِذَا قَوِيَ الْفِرَاشُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا كَيْ لَا يَكُونَ مُسْتَلْحَقًا لِنَسَبِ وَلَدِ أُخْتَيْنِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ أَرْبَعٍ سِوَاهَا لِفَقْدِ هَذَا الْمَعْنَى، وَيَجُوزُ لِزَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا بَعْدَ لِحَاقِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ الْمُسْلِمِ لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ وَإِنْ عَادَتْ مُسْلِمَةً لَا يَضُرُّ نِكَاحُ الْأُخْتِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَعُودُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَعُودُ، وَفِي بُطْلَانِ نِكَاحِ أُخْتِهَا لَهُ رِوَايَتَانِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) وَكَذَا يُشْتَرَطُ فِي الذَّكَرِ حَتَّى لَوْ جَامَعَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ زَوْجَةَ أَبِيهِ لَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَحَرُمَ تَزَوُّجُ أُخْتِ مُعْتَدَّتِهِ) وَبِقَوْلِنَا قَالَ أَحْمَدُ. اهـ. فَتْحٌ (اعْلَمْ) أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ غَيْرِهِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: ٢٣٥] وَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِيهَا لِأَنَّ مَنْعَهَا عَنْ التَّزَوُّجِ لِصَوْنِ مَاءِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ فَلَا يَجُوزُ مَنْعُهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ) أَيْ مِثْلَ الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ اهـ وَقَوْلُهُ: بَائِنٌ أَيْ أَوْ ثَلَاثٌ. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ وَطِئَ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحُرْمَةِ اهـ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَصَارَ كَالرَّجْعِيِّ) أَيْ فِيمَا يَنْبَنِي عَلَى الِاحْتِيَاطِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَكَانَ أَشَدَّ مِنْ التَّزَوُّجِ بِهَا) أَيْ بِالْأُخْتِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي النِّكَاحِ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْحَدُّ لَا يَجِبُ عَلَى إشَارَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: مُعْتَدَّةٌ عَنْ طَلَاقِ ثَلَاثٍ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ لِلزَّوْجِ إذَا أَنْكَرَهُ فَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى نَسَبَهُ ثَبَتَ، وَيَسْتَلْزِمُ أَنَّ الْوَطْءَ فِي عِدَّةِ الثَّلَاثِ لَيْسَ زِنًا مُسْتَعْقِبًا لِوُجُوبِ الْحَدِّ، وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، فَكَانَ ذَلِكَ رِوَايَةً فِي عَدَمِ الْحَدِّ. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ: فَلَنَا أَنْ نَمْنَعَ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِنْ سَلِمَ أَيْ وُجُوبُ الْحَدِّ كَمَا فِي عِبَارَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ فَغَايَةُ مَا يُفِيدُ انْقِطَاعُ الْحِلِّ بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَدْ قُلْنَا بِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: أَثَرُ النِّكَاحِ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ، وَبِهِ يَقُومُ هُوَ مِنْ وَجْهٍ، وَبِهِ تَحْرُمُ الْأُخْتُ مِنْ وَجْهٍ، وَبِهِ تَحْرُمُ مُطْلَقًا اهـ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا قَالَ السُّرُوجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَكَذَا الْفَسْخُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا اهـ وَقَوْلُهُ: فِي الْكَنْزِ: وَحَرُمَ تَزَوُّجُ أُخْتِ مُعْتَدَّتِهِ شَامِلٌ لِكُلِّ مُعْتَدَّةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى عِبَارَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ يَجِبُ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ: فَإِنَّهُ نَصَّ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ لَوْ وَطِئَ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ ثَلَاثٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إذَا لَمْ يَدَّعِ الشُّبْهَةَ فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَجْهُ رِوَايَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ النِّكَاحَ قَائِمٌ مِنْ وَجْهِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَيَكْفِي ذَلِكَ لِدَرْءِ الْحَدِّ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ أَنَّ الْحِلَّ مُنْتَفٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَصِيرُ شُبْهَةً؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَائِمٌ إمْسَاكًا لَا اسْتِمْتَاعًا بِوَجْهٍ مَا فَصَارَ فِي حَقِّ الْحِلِّ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ فِي حَقِّ الْإِمْسَاكِ فَصَارَ جَامِعًا نَظَرًا إلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ فِي حَقِّ الْحِلِّ) فَكَانَ الزِّنَا مُتَحَقِّقًا اهـ كَافِي (قَوْلُهُ: وَقَالَا: يَجُوزُ إلَخْ) عِنْدَهُمَا لَا يَطَأُ الْمَنْكُوحَةُ حَتَّى تَمْضِيَ عِدَّةُ الْمُعْتَقَةِ لِئَلَّا يَصِيرَ جَامِعًا بَيْنَهُمَا وَطْئًا حُكْمًا. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ: فَالْأَثَرُ أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَثَرِ لَا يَرْبُو عَلَى حُكْمِ الْحَقِيقَةِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ هَذَا الْمَعْنَى) أَيْ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ فُرُشِ الْخَمْسِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِزَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا) أَيْ وَأَرْبَعًا سِوَاهَا. اهـ. قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) أَيْ كَمَا إذَا مَاتَتْ. اهـ. فَتْحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>