الْقَدَمَيْنِ وَالتَّيَمُّمُ لَيْسَ بِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ إذَا لَبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَتِهِ فَيَنْزِعُهُمَا وَيَغْسِلُهُمَا فَإِذَا نَزَعَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ، ثُمَّ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي وُضُوءَهُ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَدَثَ يَمْنَعُهُ الْخُفُّ مِنْ السِّرَايَةِ إلَى الْقَدَمَيْنِ لِوُجُودِهِ بَعْدَ اللُّبْسِ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ، وَلَوْ مَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَاءٍ كَثِيرٍ عَادَ جُنُبًا فَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ صَلَاةٍ وَعِنْدَهُ مَا يَكْفِيهِ لِوُضُوئِهِ لَا غَيْرَ تَيَمَّمَ؛ لِأَنَّهُ جُنُبٌ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ إلَّا هَذَا الْمِقْدَارُ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُدَّةِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ عَادَ جُنُبًا لِوُجُودِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ مَعَهُ مَاءٌ إلَّا قَدْرُ مَا يَكْفِي الْوُضُوءَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ.
وَعَلَى هَذَا تَجْرِي الْمَسَائِلُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إنْ لَبِسَهُمَا عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ وَقْتَ الْحَدَثِ)؛ لِأَنَّ الْخُفَّ شُرِعَ مَانِعًا فَلَا بُدَّ مِنْ اللُّبْسِ مَعَ الطَّهَارَةِ، وَإِلَّا كَانَ رَافِعًا قَوْلُهُ عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ احْتِرَازٌ عَنْ وُضُوءٍ غَيْرِ مُسْبَغٍ بِأَنْ بَقِيَ مِنْ أَعْضَائِهِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَحْدَثَ قَبْلَ الِاسْتِيعَابِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ أَوْ هُوَ احْتِرَازٌ مِنْ وُضُوءٍ نَاقِصٍ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَقْصُهُ كَوُضُوءِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَمَنْ بِمَعْنَاهَا إذَا لَبِسُوا الْخُفَّ، ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ وَكَالْمُتَيَمِّمِ إذَا لَبِسَ خُفَّيْهِ، ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فَإِنَّهُمْ لَا يَمْسَحُونَ لِعَدَمِ اللُّبْسِ عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ؛ لِأَنَّهُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ يَظْهَرُ الْحَدَثُ السَّابِقُ، وَكَذَا بِوُجُودِ الْمَاءِ فَلَوْ جَازَ لَكَانَ الْخُفُّ رَافِعًا وَيُحْتَرَزُ أَيْضًا مِنْ الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ؛ لِأَنَّهُ وُضُوءٌ نَاقِصٌ فَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ فِي رِوَايَةٍ وَيَجُوزُ فِي أُخْرَى كَسُؤْرِ الْحِمَارِ وَقَوْلُهُ وَقْتَ الْحَدَثِ أَيْ تَامٌّ وَقْتَ الْحَدَثِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّمَامُ وَقْتَ اللُّبْسِ بَلْ وَقْتَ الْحَدَثِ حَتَّى لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ، ثُمَّ أَتَمَّ الْوُضُوءَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِوُجُودِ التَّمَامِ عِنْدَ الْحَدَثِ، وَكَذَا لَوْ لَبِسَ خُفَّيْهِ مُحْدِثًا وَخَاضَ الْمَاءُ حَتَّى دَخَلَ الْمَاءُ وَانْغَسَلَتْ رِجْلَاهُ وَأَتَمَّ سَائِرَ الْأَعْضَاءِ، ثُمَّ أَحْدَثَ جَازَ لَهُ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَقْتَ الْحَدَثِ زِيَادَةٌ بِلَا فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَبِسَهُمَا عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ يُغْنِي عَنْهُ؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ يُطْلَقُ عَلَى ابْتِدَاءِ اللُّبْسِ وَعَلَى الدَّوَامِ عَلَيْهِ وَلِهَذَا يَحْنَثُ بِالدَّوَامِ عَلَيْهِ فِي يَمِينِهِ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ إنْ وُجِدَ لُبْسُهُمَا عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ اللُّبْسُ ابْتِدَاءً أَوْ بِالدَّوَامِ عَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بُدَّ مِنْ لُبْسِهِمَا عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ ابْتِدَاءً حَتَّى لَوْ غَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
فَيَنْزِعُهُمَا وَيَغْسِلُهُمَا، ثُمَّ يَلْبَسُهُمَا فَإِذَا أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَوَضَّأَ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّ الْخُفَّ مَانِعٌ مِنْ هَذَا الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ حَيْثُ كَانَ لُبْسُهُ عَلَى طَهَارَةِ الْوُضُوءِ وَهِيَ كَامِلَةٌ هَكَذَا يُفْهَمُ. اهـ. يَحْيَى. (قَوْلُهُ: وَالتَّيَمُّمُ لَيْسَ بِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ) إنْ أُرِيدَ بِعَدَمِ كَمَالِهَا عَدَمُ الرَّفْعِ عَنْ الرِّجْلَيْنِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ وَإِنْ أُرِيدَ عَدَمُ إصَابَةِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوَظِيفَةِ حِسًّا فَيَمْنَعُ تَأْثِيرُهُ فِي نَفْيِ الْكَمَالِ الْمُعْتَبَرِ فِي الطَّهَارَةِ الَّتِي يَعْقُبُهَا اللُّبْسُ. اهـ. كَمَالٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَمَا تَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: إنْ لَبِسَهُمَا عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ إلَى آخِرِهِ) سَالَ دَمُهَا وَقْتَ الْوُضُوءِ وَاللُّبْسِ أَوْ وَقْتَ الْوُضُوءِ دُونَهُ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ فَإِنَّهَا لَا تَمْسَحُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَمَّا لَوْ كَانَ الدَّمُ مُنْقَطِعًا وَقْتَ الْوُضُوءِ وَاللُّبْسِ فَيَجُوزُ لَهَا الْمَسْحُ هَذَا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ أَمَّا فِي الْوَقْتِ لَوْ سَبَقَهَا الْحَدَثُ تَمْسَحُ فِي أَيِّ وَجْهٍ كَانَ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِقَاضِي خَانْ. اهـ. كَاكِيٌّ نُقِلَتْ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ الْعَلَّامَةِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَاشِيَةً عَلَى شَرْحِ الْكَنْزِ فِي هَذَا الْمَحِلِّ نَصُّهَا مُسْتَحَاضَةٌ أَوْ مَنْ بِهِ جُرْحٌ سَائِلٌ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ تَوَضَّأَ وَالدَّمُ سَائِلٌ أَوْ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، ثُمَّ سَالَ الدَّمُ قَبْلَ اللُّبْسِ أَوْ بَعْدَ لُبْسِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ قَبْلَ لُبْسِ الْآخَرِ لَهُ الْمَسْحُ مَا دَامَ الْوَقْتُ إنْ أَحْدَثَ فِيهِ فَلَوْ لَمْ يُحْدِثْ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ وَلَوْ تَوَضَّأَ وَالدَّمُ مُنْقَطِعٌ وَلَبِسَ الْخُفَّ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، ثُمَّ سَالَ الدَّمُ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ سَوَاءٌ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ أَوْ بِغَيْرِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إنْ كَانَ مُقِيمًا وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا إنْ كَانَ مُسَافِرًا وَعِنْدَ زُفَرَ يَمْسَحُ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ كَامِلَةٌ مَا دَامَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ إلَّا أَنَّا نَقُولُ فِي الْأَوَّلِ الطَّهَارَةُ لَيْسَتْ بِكَامِلَةٍ وَلِهَذَا يُنْتَقَضُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فَعَلَى هَذَا قَدْ أَبْهَمَ الشَّارِحُ اهـ.
(قَوْلُهُ: مَعَ الطَّهَارَةِ) أَيْ الْكَامِلَةِ قَبْلَ الْحَدَثِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ رَافِعًا) أَيْ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي الْمَسْحِ حِينَئِذٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَوُضُوءِ الْمُسْتَحَاضَةِ) أَيْ إذَا لَبِسَتْ الْخُفَّ عَلَى السَّيَلَانِ. اهـ. هِدَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُضُوءَهُ نَاقِصٌ) لِأَنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ بَدَلٌ مِنْ الْمَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلِهَذَا لَوْ وُجِدَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَلَوْ جَازَ الْمَسْحُ كَانَ هَذَا بَدَلَ الْبَدَلِ وَذَا لَا يَجُوزُ. اهـ. كَاكِيٌّ.
(قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ الْمَسْحُ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَسُؤْرِ الْحِمَارِ) إذَا تَوَضَّأَ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَتَيَمَّمَ، ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ فَأَحْدَثَ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً مُطْلَقًا وَوَجَدَ سُؤْرَ الْحِمَارِ جَازَ لَهُ التَّوَضُّؤُ بِهِ وَالتَّيَمُّمُ وَيَمْسَحُ فِي هَذَا الْوُضُوءِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ أَمَّا نَبِيذُ التَّمْرِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الدَّوَامِ عَلَيْهِ) لِأَنَّ لِلدَّوَامِ فِيمَا يُسْتَدَامُ حُكْمَ الْبَقَاءِ قَالَ تَعَالَى {فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: ٦٨] سُمِّيَ دَوَامُ الْقُعُودِ قُعُودًا اهـ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ الَّذِي عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا حَاجَةَ إلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِبَارَةَ لَيْسَتْ بِظَاهِرَةٍ فِي حَالَةِ الدَّوَامِ بَلْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهَا الِابْتِدَاءُ. اهـ. يَحْيَى. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ إنْ لَبِسَهُمَا عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهَا أَعْنِي قَوْلَهُ إنْ لَبِسَهُمَا عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ الِابْتِدَاءُ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ مُوَافِقَةً لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي اشْتِرَاطِ كَمَالِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ اللُّبْسِ (قَوْلُهُ: عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ) بِأَنْ لَبِسَ الْخُفَّ بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ اهـ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا سُؤْرَ الْحِمَارِ أَوْ الْبَغْلِ فَتَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ، ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَقْرِنَهُ بِالتَّيَمُّمِ وَمَعَهُ سُؤْرُ الْحِمَارِ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ سُؤْرِ الْحِمَارِ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ وَالتَّيَمُّمُ لَيْسَ لَهُ فِي الرِّجْلَيْنِ أَثَرٌ فَصَارَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ إقَامَةُ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ تَيَمُّمٍ مَعَهُ وَفِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ لَبِسَ خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةِ النَّبِيذِ، ثُمَّ أَحْدَثَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً مُطْلَقًا تَوَضَّأَ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ؛ لِأَنَّهُ طَهُورٌ مُطْلَقٌ حَالَ عَدَمِ الْمَاءِ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute