للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّا نَقُولُ هِيَ تُبْطِلُ حَقًّا مُشْتَرَكًا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ بِدَفْعِ زِيَادَةِ الْحَقِّ عَلَيْهَا لَهُ، وَهُوَ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ زِيَادَةَ حَقٍّ عَلَيْهَا لِاسْتِيفَاءِ حَقٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا فَتَرَجَّحَ رِعَايَةُ حَقِّهَا لِذَلِكَ

وَفِي الصَّغِيرِ قَدْ ثَبَتَ حُكْمُ الْعَقْدِ عَلَى الْكَمَالِ وَلَمْ يَزْدَدْ الْمِلْكُ بِالْبُلُوغِ وَلَكِنْ احْتَجْنَا إلَى الْفَسْخِ لِتَوَهُّمِ تَرْكِ النَّظَرِ مِنْ الْوَلِيِّ لِقُصُورِ شَفَقَتِهِ وَهُوَ خَفِيٌّ مَوْهُومٌ إذْ لَوْ كَانَ ظَاهِرًا لَمَا نَفَذَ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ نَظَرِيَّةٌ وَلِهَذَا تَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّ تَمَكُّنَ الْخَلَلِ يَشْمَلُهُمَا فَجُعِلَ إلْزَامًا فِي حَقِّ الْآخَرِ لِكَوْنِهِ رَافِعًا لِحُكْمٍ ثَابِتٍ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْإِلْزَامِ، ثُمَّ إذَا فُسِخَ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ فَلَا مَهْرَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبَطَلَ بِسُكُوتِهَا إنْ عُلِمَتْ بِكْرًا لَا بِسُكُوتِهِ مَا لَمْ يَرْضَ وَلَوْ دَلَالَةً) أَيْ بَطَلَ خِيَارُهَا بِسُكُوتِهَا عِنْدَ الْبُلُوغِ إنْ كَانَ لَهَا عِلْمٌ بِالنِّكَاحِ، وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْغُلَامِ بِالسُّكُوتِ مَا لَمْ يَقُلْ رَضِيت أَوْ يُوجَدُ مِنْهُ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِثْلُ الْوَطْءِ وَالتَّقْبِيلِ، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ إذَا دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ، ثُمَّ بَلَغَتْ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا مَا لَمْ تَقُلْ رَضِيت أَوْ يُوجَدُ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَالْغُلَامِ اعْتِبَارًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ بِحَالَةِ الِابْتِدَاءِ، وَشُرِطَ عِلْمُهَا بِالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ، وَالْوَلِيُّ يَنْفَرِدُ بِالنِّكَاحِ فَعُذِرَتْ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّهَا تَتَفَرَّغُ لِتَعْلَمَ الْأَحْكَامَ

وَالدَّارُ دَارُ الْعِلْمِ فَلَمْ تُعْذَرْ بِالْجَهْلِ بِخِلَافِ الْمُعْتَقَةِ حَيْثُ تُعْذَرُ إذَا لَمْ تَعْلَمْ خِيَارَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَفَرَّغُ لِتَعْلَمَ الْأَحْكَامَ لِكَوْنِهَا مَشْغُولَةً بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى فَتُعْذَرُ بِالْجَهْلِ، ثُمَّ خِيَارُ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ الْبِكْرِ لَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ وَالْغُلَامِ؛ لِأَنَّهُ مَا ثَبَتَ بِإِثْبَاتِ الزَّوْجِ بَلْ لِتَوَهُّمِ خَلَلٍ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِالرِّضَا، غَيْرَ أَنَّ سُكُوتَ الْبِكْرِ رِضًا بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ حَيْثُ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ هِيَ تُبْطِلُ حَقًّا إلَخْ) وَلِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ رَضِيَ بِهَذَا الضَّرَرِ حَيْثُ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِاخْتِيَارِهِ أَمَّا الْمَرْأَةُ لَمْ تَرْضَ بِهَذَا الضَّرَرِ لِعَدَمِ اخْتِيَارِهَا فِي النِّكَاحِ اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا مَهْرَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ)، وَهَذَا فَائِدَةُ كَوْنِ الْفُرْقَةِ فَسْخًا اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا) أَيْ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْمَفْسُوخَ لَا يُوجِبُ شَيْئًا قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَبَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ يَجِبُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى بِعَقْدٍ صَحِيحٍ، وَأَثَرُ الْفَسْخِ لَا يَظْهَرُ فِي الْمُسْتَوْفَى وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ اخْتِيَارُهُ وَاخْتِيَارُهَا اهـ. كَاكِيٌّ

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ مَا لَمْ يَرْضَ وَلَوْ دَلَالَةً) كَذَا هُوَ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ وَاَلَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ مَا لَمْ يَقُلْ رَضِيت وَلَوْ دَلَالَةً اهـ. (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ حَالَةِ ثُبُوتِ الِاخْتِيَارِ اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: بِحَالَةِ الِابْتِدَاءِ) أَيْ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ اهـ. فَكَمَا لَا يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا لَوْ زَوَّجَتْ ثَيِّبًا بَالِغَةً لَا يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا حَالَةَ ثُبُوتِ الِاخْتِيَارِ وَهِيَ ثَيِّبٌ بَالِغَةٌ، وَلَوْ زُوِّجَتْ بِكْرًا بَالِغَةً أَكْتَفِي بِسُكُوتِهَا فَكَذَا إذَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ لِلْعِلْمِ بِالنِّكَاحِ وَهِيَ بِكْرٌ بَالِغَةٌ، وَلَمَّا كَانَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ خِيَارُ الْبِكْرِ يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ إنَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ خِيَارَ الثَّيِّبِ لَا يَبْطُلُ وَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الثَّيِّبِ صَرَّحَ بِمَفْهُومِهِ لِيُفِيدَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ إلَخْ اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: لَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) أَيْ بَلْ يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ السُّكُوتِ اهـ. وَالْمُرَادُ بِالْمَجْلِسِ مَجْلِسُ بُلُوغِهَا بِأَنْ كَانَتْ حَاضَتْ فِي مَجْلِسٍ، وَقَدْ كَانَ بَلَغَهَا النِّكَاحُ، أَوْ مَجْلِسِ بُلُوغِ خَبَرِ النِّكَاحِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا بَالِغَةً وَجَعَلَ الْخَصَّافُ إخْبَارَ الْبِكْرِ مُمْتَدًّا إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مَالَ هُوَ إلَيْهِ وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا بَلَغَتْ ثَيِّبًا فَوَقْتُ خِيَارِهَا الْعُمُرُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ عَدَمُ الرِّضَا فَيَبْقَى إلَى أَنْ يُوجَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالنِّكَاحِ، وَكَذَا الْغُلَامُ عَلَى هَذَا تَضَافَرَتْ كَلِمَاتُهُمْ وَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِمَّا نُقِلَ عَنْ الطَّحَاوِيِّ حَيْثُ قَالَ: خِيَارُ الْمُدْرَكَةِ يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا أَوْ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَمْ يَبْطُلْ بِهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِصَرِيحِ الْإِبْطَالِ أَوْ يَجِيءُ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى إبْطَالِ الْخِيَارِ كَمَا إذَا اشْتَغَلَتْ بِشَيْءٍ آخَرَ أَوْ أَعْرَضَتْ عَنْ الِاخْتِيَارِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ مُشْكِلٍ إذْ يَقْتَضِي أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِعَمَلٍ آخَرَ يُبْطِلُهُ، وَهَذَا يُقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ ضَرُورَةً إذْ تَبَدُّلُهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا يَسْتَلْزِمُهُ ظَاهِرًا وَفِي الْجَوَامِعِ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا حِينَ بَلَغَهَا أَوْ كَانَ غُلَامًا لَمْ يَبْطُلْ بِالسُّكُوتِ وَإِنْ أَقَامَتْ مَعَهُ إيَّاهُ إلَّا أَنْ تَرْضَى بِلِسَانِهَا، أَوْ يُوجَدُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ الْوَطْءِ أَوْ التَّمْكِينِ مِنْهُ طَوْعًا أَوْ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ وَفِيهَا لَوْ قَالَتْ كُنْت مُكْرَهَةً فِي التَّمْكِينِ صُدِّقَتْ وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ أَكَلَتْ مِنْ طَعَامِهِ أَوْ خَدَمَتْهُ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ لَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ أَيْ فَيَمْتَدُّ خِيَارُ الْعِتْقِ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَحَاصِلُ وُجُوهِ الْفَرْقِ بَيْنَ خِيَارَيْ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ، احْتِيَاجُهُ إلَى الْقَضَاءِ فَلَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَفْسَخْ الْقَاضِي حَتَّى مَاتَ وَرِثَهُ الْآخَرُ وَلَهُ الْوَطْءُ بَعْدَ الْفَسْخِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِهِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِمُجَرَّدِ فَسْخِهَا وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْعِتْقِ بِالسُّكُوتِ إلَخْ وَيَبْطُلُ خِيَارُ الْبُلُوغِ إذَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ بِكْرٌ بِخِلَافِ الْغُلَامِ وَالثَّيِّبِ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ لَمْ يُجْعَلْ فِي حَقِّهِمَا رِضًا وَيَثْبُتُ خِيَارُ الْبُلُوغِ لِكُلٍّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ وَلَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ لِدَفْعِ ضَرَرِ زِيَادَةِ الْمِلْكِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الذَّكَرِ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ لِمَا عَنْ قُصُورِ الشَّفَقَةِ وَهُوَ يَعُمُّهُمَا لَا يُقَالُ الْغُلَامُ يَتَمَكَّنُ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ التَّخَلُّصِ بِالطَّرِيقِ الْمَشْرُوعِ لِلذُّكْرَانِ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ الْخِيَارِ وَمَا ثَبَتَ الْخِيَارُ إلَّا لِلْحَاجَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَتَخَلَّصُ عَنْ نِصْفِ الْمَهْرِ بِالطَّلَاقِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بَلْ يَلْزَمُهُ وَهُنَا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيَلْزَمُهُ كُلُّهُ لَكِنْ لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَلَكَ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ وَفِي الْحَوْلِ إذَا بَلَغَ الْغُلَامُ فَقَالَ فَسَخْت يَنْوِي الطَّلَاقَ فَهِيَ طَلَاقٌ بَائِنٌ وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ، وَهَذَا حَسَنٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْفَسْخِ يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْ الطَّلَاقِ، وَالرَّابِعُ أَنَّ الْجَهْلَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ شَرْعًا مُعْتَبَرٌ فِي خِيَارِ الْعِتْقِ دُونَ الْبُلُوغِ، وَالْخَامِسُ أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْبُلُوغِ فِي الثَّيِّبِ وَالْغُلَامِ اهـ. فَتْحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>