للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي اعْتِبَارِ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَقَدْ بَيَّنَّا مَذْهَبَهُمْ فِيمَا تَقَدَّمَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَا عَلَى عَبْدَيْنِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَحَدِهِمَا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمَقْضِيِّ لَهُ وَالْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَتَفَاحَشَتْ فَامْتَنَعَ الْقَضَاءُ، وَفِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَبِسُقُوطِ نِصْفِ السِّعَايَةِ عَنْهُ، وَهُوَ الْعَبْدُ، وَالْمَقْضِيُّ بِهِ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ وَسُقُوطُ نِصْفِ السِّعَايَةِ مَعْلُومٌ، وَالْمَجْهُولُ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْحَانِثُ مِنْهُمَا فَغَلَبَ الْمَعْلُومُ الْمَجْهُولَ، وَفِي هَذِهِ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ هُوَ الْغَالِبُ فِيهَا فَامْتَنَعَ الْقَضَاءُ لِذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ عَبْدٌ وَأَمَةٌ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ الْيَوْمَ فَالْعَبْدُ حُرٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فَالْأَمَةُ حُرَّةٌ، وَلَمْ يَعْرِفْ أَدْخَلَ أَمْ لَا لَا يَعْتِقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ بِالْعِتْقِ، وَالْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ قُلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقَرَّ بِفَسَادِ نَصِيبِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّ شَرِيكَهُ هُوَ الْحَانِثُ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ يَقُولُ أَنَا مَا حَنِثْت، وَإِنَّمَا حَنِثَ صَاحِبِي فِي الْأَمَةِ فَعَتَقَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ مِنْهَا

وَفَسَدَ نَصِيبِي بِعِتْقِ نَصِيبِهِ، وَالْآخَرُ يَقُولُ كَذَلِكَ فِي الْعَبْدِ فَيَفْسُدُ نَصِيبُهُ بِزَعْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّ الْآخَرَ هُوَ الْحَانِثُ فِي عَبْدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ نَصِيبٌ حَتَّى يَكُونَ مُقِرًّا بِفَسَادِ نَصِيبِهِ حَتَّى لَوْ تَقَابَضَا عَتَقَ عَلَيْهِمَا لِإِقْرَارِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ الْآخَرِ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةُ مَا اشْتَرَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ اشْتَرَى حُرًّا بِعَبْدٍ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بِإِقْرَارِهِمَا، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَقَعَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بَلْ يَبْقَى عَبْدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِلْكِهِ لِإِقْرَارِهِمَا بِذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقَانِ فِي حَقِّ الْعَبْدَيْنِ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ يُوَصِّلُهُمَا إلَى الْعِتْقِ لِإِقْرَارِهِمَا بِحُرِّيَّتِهِمَا ثُمَّ إذَا لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إقْرَارُهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ يَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَكَذَا عِنْدَهُمَا إنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ، وَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ سَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْحَالِفِ بِعِتْقِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْعِتْقَ فِيهِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا يَعْتِقُ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ بِدَعْوَى حِنْثِهِ، وَلَمْ يَسْعَ لِلْآخَرِ وَهُوَ غَيْرُ الْحَالِفِ فِيهِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الضَّمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ فَيَكُونُ مُبَرِّئًا لِلْعَبْدِ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ

وَفِي الْإِيضَاحِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ النِّصْفَ حُرٌّ بِيَقِينٍ، وَلَوْ اشْتَرَى الْعَبْدَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ رَجُلٌ وَاحِدٌ جَازَ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِحِنْثِ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدًا، وَزَعْمُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ، وَمَوْلَاهُ يُنْكِرُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ، وَإِذَا صَحَّ الشِّرَاءُ، وَاجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ زَعْمَهُ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِإِعْتَاقِ الْبَائِعِ ثُمَّ مَلَكَهُ

وَلَوْ قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ الْيَوْمَ ثُمَّ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ دَخَلَ الْيَوْمَ عَتَقَ وَطَلُقَتْ لِأَنَّ بِالْيَمِينِ الْأُولَى صَارَ مُقِرًّا بِوُجُودِ شَرْطِ الطَّلَاقِ، وَبِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ صَارَ مُقِرًّا بِوُجُودِ شَرْطِ الْعِتْقِ، وَقِيلَ لَمْ يَعْتِقْ وَلَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُعَلَّقٌ بِعَدَمِ الدُّخُولِ، وَالْآخَرَ بِوُجُودِهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرْطَيْنِ دَائِرٌ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ فَلَا يُتْرَكُ الْجَزَاءُ بِالشَّكِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ الْكَائِنِ وَبِغَيْرِ الْكَائِنِ، فَيَقَعُ فِي الْمُعَلَّقِ بِالْكَائِنِ لَا بِغَيْرِ الْكَائِنِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُتَصَوَّرُ فِي الْكَائِنِ دُونَ غَيْرِهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَعْتِقُ، وَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ صَارَ مُقِرًّا بِنُزُولِ الْعِتْقِ، وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَ الثَّانِيَةِ مَا يُوجِبُ إقْرَارُهُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَنْ مَلَكَ ابْنَهُ مَعَ آخَرَ عَتَقَ حَظُّهُ، وَلَمْ يَضْمَنْ وَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَعْتِقَ أَوْ يَسْتَسْعِيَ) وَإِنَّمَا عَتَقَ نَصِيبُ الْأَبِ لِمَا رَوَيْنَا، وَبَيَّنَّا مِنْ الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا لَمْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعِتْقِ عَبْدِهِ) يَعْنِي بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا إنْ دَخَلَ فُلَانٌ هَذِهِ الدَّارَ غَدًا فَعَبْدِي حُرٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ فِي هَذِهِ الدَّارِ غَدًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَمَضَى الْغَدُ، وَلَمْ يَدْرِ أَدَخَلَ أَمْ لَا لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إجْمَاعًا اهـ رَازِيٌّ قَوْلُهُ لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا إنْسَانٌ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِحِنْثِ أَحَدِ الْمَالِكَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يَبِيعُ عَبْدَهُ، وَزَعْمُ الْمُشْتَرِي فِي الْعَبْدِ قَبْلَ مِلْكِهِ لَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ، وَمَوْلَاهُ يُنْكِرُ صَحَّ، وَإِذَا صَحَّ شِرَاؤُهُ لَهُمَا، وَاجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ زَعْمَهُ مُعْتَبَرٌ الْآنَ، وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ، وَلَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ الْيَوْمَ ثُمَّ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ دَخَلَ الْيَوْمَ عَتَقَ، وَطَلُقَتْ لِأَنَّ بِالْيَمِينِ الْأُولَى هُوَ مُقِرٌّ بِوُجُودِ شَرْطِ الثَّانِيَةِ، وَبِالثَّانِيَةِ صَارَ مُقِرًّا بِوُجُودِ شَرْطِ الْأُولَى، وَقِيلَ لَمْ يَعْتِقْ، وَلَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُعَلَّقٌ بِعَدَمِ الدُّخُولِ، وَالْآخَرُ بِوُجُودِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ تَحَقُّقُهُ وَعَدَمُ تَحَقُّقِهِ قُلْنَا ذَاكَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فَعَبْدِي حُرٌّ بِخِلَافِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ الْمُمَارِي فِي الدُّخُولِ وَعَدَمِهِ فِي الْمَاضِي، وَكَذَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِخِلَافِ إنْ دَخَلَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَعْتِقُ، وَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ صَارَ مُقِرًّا بِنُزُولِ الْعِتْقِ، وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَ الثَّانِيَةِ مَا يُوجِبُ إقْرَارَهُ بِنُزُولِ الطَّلَاقِ. اهـ. وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لَكِنْ بَادَرْت بِكِتَابَتِهِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مُطَالَعَةِ الْمَقَالَةِ ظَنًّا أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ، وَمَنْ مَلَكَ ابْنَهُ إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الرَّجُلَيْنِ إذَا مَلَكَا عَبْدًا هُوَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ أَحَدِهِمَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ قَبِلَاهُ جَمِيعًا مِنْ شِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَا يَضْمَنُ الَّذِي عَتَقَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَكِنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلْآخَرِ مُوسِرًا كَانَ الَّذِي عَتَقَ عَلَيْهِ أَوْ مُعْسِرًا اهـ فَالِابْنُ فِي قَوْلِهِ، وَمَنْ مَلَكَ ابْنَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ عَتَقَ حَظُّهُ) أَيْ زَالَ مِلْكُهُ فِي نَصِيبِهِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ مَا لَمْ يَزُلْ جَمِيعُ الْمِلْكِ اتِّفَاقًا فَإِذَا سَعَى الِابْنُ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ الْعِتْقُ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَضْمَنْ، وَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُعْتِقَ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلَانِ ابْنَ أَحَدِهِمَا قَالَ الْكَمَالُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>