للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَالِكُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَلَمْ يَزْرَعْهَا وَأَمَّا إذَا عَجَزَ الْمَالِكُ عَنْ الزِّرَاعَةِ بِاعْتِبَارِ قُوَّتِهِ وَأَسْبَابِهِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً وَيَأْخُذَ الْخَرَاجَ مِنْ نَصِيبِ الْمَالِكِ وَيُمْسِكَ الْبَاقِيَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ آجَرَهَا وَأَخَذَ الْخَرَاجَ مِنْ أُجْرَتِهَا وَإِنْ شَاءَ زَرَعَهَا بِنَفَقَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَأَخَذَ الْخَرَاجَ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَقْبَلُ ذَلِكَ بَاعَهَا وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهَا الْخَرَاجَ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذَا بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ إلْحَاقُ الضَّرَرِ بِالْوَاحِدِ لِأَجْلِ الْعَامَّةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَدْفَعُ إلَى الْعَاجِزِ كِفَايَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَرْضًا لِيَعْمَلَ فِيهَا وَلَوْ انْتَقَلَ إلَى أَخَسَّ مِمَّا كَانَ يَزْرَعُهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْأَعْلَى لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ضَيَّعَ الزِّيَادَةَ وَهَذَا يُعْرَفُ وَلَا يُفْتَى بِهِ كَيْ لَا يَتَجَرَّأَ الظَّلَمَةُ عَلَى أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالدَّعَاوَى الْبَاطِلَةِ بِأَنْ يَقُولَ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ قَبْلَ هَذَا كَيْتَ وَكَيْتَ لِشَيْءٍ هُوَ أَحْسَنُ مِمَّا فِيهَا فَنَسُدُّ هَذَا حَتَّى لَا يَنْفَتِحَ لَهُمْ بَابُ الظُّلْمِ وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ فَلِأَنَّ الْخَرَاجَ فِيهِ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ وَمَعْنَى الْعُقُوبَةِ فَيُعْتَبَرُ مُؤْنَةً فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ فَيَبْقَى عَلَى الْمُسْلِمِ وَعُقُوبَةً فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يُبْتَدَأُ الْمُسْلِمُ بِهِ وَلِأَنَّ الْخَرَاجَ مِنْ أَثَرِ الْكُفْرِ فَجَازَ بَقَاؤُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ كَالرِّقِّ بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ لِأَنَّ الرَّأْسَ لَا مُؤْنَةَ فِيهِ فَيَسْقُطُ وَالْأَرْضُ لَا تَخْلُو عَنْ مُؤْنَةٍ فَلَوْ سَقَطَ الْخَرَاجُ لَاحْتَجْنَا إلَى إيجَابِ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ الْمُؤَنِ وَلِأَنَّ فِي الْجِزْيَةِ صَغَارًا أَيْضًا فَلَا تَبْقَى بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْخَرَاجِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ اشْتَرَوْا الْأَرْضَ الْخَرَاجَ وَأَدَّوْا خَرَاجَهَا فَدَلَّ عَلَى بَقَائِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَجَوَازِ شِرَائِهِ وَأَدَائِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ أَرْضَ الْخَرَاجِ فَلِمَا بَيَّنَّا ثَمَّ إنْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ الزِّرَاعَةِ فَالْخَرَاجُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْبَائِعِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا عُشْرَ فِي خَارِجِ أَرْضِ الْخَرَاجِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ مَعَ الْخَرَاجِ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ مُخْتَلِفَانِ ذَاتًا وَمَحَلًّا وَسَبَبًا وَمَصْرِفًا فَإِنَّ الْخَرَاجَ مُؤْنَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْعُقُوبَةِ، وَالْعُشْرَ مُؤْنَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَالْخَرَاجُ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ وَالْعُشْرُ فِي الْخَارِجِ وَيَجِبُ الْخَرَاجُ بِالتَّمَكُّنِ وَالْعُشْرُ بِحَقِيقَةِ الْخَارِجِ وَيُصْرَفُ الْخَرَاجُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَالْعُشْرُ لِلْفُقَرَاءِ فَوُجُوبُ أَحَدِهِمَا لَا يُنَافِي الْآخَرَ. وَلَنَا قَوْلُهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ» وَلِأَنَّ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ وَالْجَوْرِ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فَصَارَ إجْمَاعًا عَمَلًا وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً وَلِأَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ فِي أَرْضٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَقَهْرًا وَأُقِرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا وَالْعُشْرُ فِي أَرْضً أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا طَوْعًا أَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَالْوَصْفَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَسَبَبُ الْحَقَّيْنِ وَاحِدٌ وَهِيَ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْعُشْرِ تَحْقِيقًا وَفِي الْخَرَاجِ تَقْدِيرًا وَلِهَذَا يُضَافَانِ إلَى الْأَرْضِ وَالْإِضَافَةُ تَدُلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَهُوَ بِالسَّبَبِيَّةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُؤْنَةُ أَرْضٍ نَامِيَةٍ وَلَا يَجْتَمِعُ وَظِيفَتَانِ بِسَبَبِ أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الزَّكَاةُ مَعَ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا عُشْرِيَّةً أَوْ خَرَاجِيَّةً لِلتِّجَارَةِ فَفِيهَا الْعُشْرُ أَوْ الْخَرَاجُ دُونَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ مَعَ أَحَدِهِمَا وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَعَهُ فِيهِ لِاخْتِلَافِ مَحِلِّهِمَا لِأَنَّ الْعُشْرَ مَحَلُّهُ الْخَارِجُ.

وَكَذَا الْخَرَاجُ لَكِنْ فِي أَحَدِهِمَا حَقِيقَةً وَفِي الْآخَرِ تَقْدِيرًا وَالزَّكَاةُ مَحَلُّهَا مَالُ التِّجَارَةِ وَهِيَ الْأَرْضُ فَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا كَدَيْنِ ثَمَنِ الْأَرْضِ مَعَهُمَا بِخِلَافِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ لِأَنَّ مَحَلَّهُمَا وَاحِدٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا قُلْنَا إنَّ الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ مُؤْنَةُ الْأَرْضِ النَّامِيَةِ وَلِهَذَا يُضَافَانِ إلَيْهَا وَكَذَا الزَّكَاةُ وَظِيفَةُ الْمَالِ النَّامِي وَكَذَا الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجِبُ بِسَبَبِ مِلْكِ مَالٍ وَاحِدٍ حَقَّانِ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا لَا تَجِبُ زَكَاةُ السَّائِمَةِ وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ بِاعْتِبَارِ مَالٍ وَاحِدٍ فَصَارَ كَالْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ بِخِلَافِ دَيْنِ ثَمَنِ الْأَرْضِ مَعَ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الدَّيْنَ يَجِبُ لِلْعَبْدِ وَالْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَتَنَافَيَانِ بَلْ يَجْتَمِعَانِ وَإِنْ كَانَا بِسَبَبِ مِلْكِ مَالٍ وَاحِدٍ ثُمَّ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ كَانَ الْعُشْرُ أَوْ الْخَرَاجُ أَوْلَى مِنْ الزَّكَاةِ بِالْوُجُوبِ لِأَنَّهُمَا صَارَا وَظِيفَةً لَازِمَةً لَهَا وَلَا يَسْقُطَانِ بِعُذْرِ الصِّبَا وَالْجُنُونِ وَالرِّقِّ وَهُمَا أَسْبَقُ وُجُوبًا مِنْ الزَّكَاةِ فَتُتْرَكُ عَلَى حَالِهَا ثُمَّ الْخَرَاجُ لَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْخَارِجِ فِي سَنَةٍ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُوَظِّفْهُ مُكَرَّرًا بِخِلَافِ الْعُشْرِ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُهُ عُشْرًا إلَّا بِوُجُوبِهِ فِي كُلِّ الْخَارِجِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ فَلَا يُعْذَرُ فِي التَّقْصِيرِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ بِخِلَافِ مَا إذَا عَطَّلَهَا وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الزِّرَاعَةِ حَيْثُ يَكُونُ الْخَرَاجُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لِتَعَلُّقِ الْخَرَاجِ بِالنَّمَاءِ التَّقْدِيرِيِّ حِينَئِذٍ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا أَوْ حَانُوتًا فَعَطَّلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ فَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِأَنْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ هُنَا سُؤَالًا وَجَوَابًا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَقَالَ فَإِنْ قِيلَ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ أَرْضًا يَزْرَعُهَا فَاصْطَلَمَتْ الزَّرْعَ آفَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ يَجِبُ إلَى وَقْتِ هَلَاكِ الزَّرْعِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْأَجْرُ بِمَنْزِلَةِ الْخَرَاجِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ وُضِعَ عَلَى مِقْدَارِ الْخَارِجِ إذَا صَلُحَتْ الْأَرْضُ لِلزِّرَاعَةِ فَإِذَا لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا جَازَ إسْقَاطُهُ وَالْأَجْرُ لَمْ يُوضَعْ عَلَى مِقْدَارِ الْخَارِجِ فَجَازَ إيجَابُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ وَخَرَاجُ الْوَظِيفَةِ وَالْمُقَاسَمَةِ لَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْخَارِجِ بَعْدَ الْحَصَادِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فِي الذِّمَّةِ بِسَبَبِ الْخَارِجِ، وَقَبْلَ الْحَصَادِ يَسْقُطُ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْمَالِ لَا فِي الذِّمَّةِ اهـ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَأَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَهَلَكَ أَوْ غَرِقَ وَلَمْ يَنْبُتْ كَانَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ كَأَنَّهُ قَدْ زَرَعَ وَلَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ غَصَبَهَا رَجُلٌ وَزَرَعَهَا لَا أَجْرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَمْ يَزْرَعْهَا حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ كَانَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ.

وَكَذَا لَوْ زَرَعَ الْبَعْضَ وَلَمْ يَزْرَعْ الْبَعْضَ اهـ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ زَرَعَهَا فَأَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَذَهَبَ لَمْ يُؤْخَذْ الْخَرَاجُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُصَابٌ فَيَسْتَحِقُّ الْمَعُونَةَ وَإِنْ أَخَذْنَاهُ بِالْخَرَاجِ كَانَ فِيهِ اسْتِئْصَالٌ وَمِمَّا حُمِدَ مِنْ سِيَرِ الْأَكَاسِرَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ يَرُدُّونَ عَلَى الدَّهَاقِينِ مِنْ خَزَائِنِهِمْ مَا أَنْفَقُوا فِي الْأَرْضِ وَيَقُولُونَ التَّاجِرُ شَرِيكٌ فِي الْخُسْرَانِ كَمَا هُوَ شَرِيكٌ فِي الرِّبْحِ فَإِنْ لَمْ نَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ الْخَرَاجُ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَجْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ بِقَدْرِ مَا كَانَتْ الْأَرْضُ مَشْغُولَةً بِالزَّرْعِ لِأَنَّ الْأَجْرَ عِوَضُ الْمَنْفَعَةِ فَبِقَدْرِ مَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ يَصِيرُ الْأَجْرُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَأَمَّا الْخَرَاجُ فَإِنَّهُ صِلَةٌ وَاجِبَةٌ بِاعْتِبَارِ رِيعِ الْأَرْضِ فَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا بَعْدَمَا اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ اسْتِغْلَالِ الْأَرْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَطَّلَهَا اهـ.

قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ وَفِي الْمُزَارَعَةِ الصَّغِيرَةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَزَرَعَهَا فَأَصَابَتْ الزَّرْعَ آفَةٌ فَهَلَكَ أَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ وَلَمْ تُنْبِتْ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَوْ غَرِقَتْ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَهَا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا أَجْرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ هَلَاكِ الزَّرْعِ إلَّا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ إعَادَةِ زَرْعٍ مِثْلِهِ أَوْ دُونَهُ فِي الضَّرَرِ بِالْأَرْضِ وَكَذَا لَوْ مَنَعَهَا غَاصِبٌ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يُمْكِنُهُ أَنْ يَزْرَعَ آخَرَ وَإِنْ غَرِقَتْ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَزْرَعَ وَلَوْ قَبَضَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَزْرَعْهَا حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَمَامُ الْأَجْرِ اهـ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَزَرَعَهَا فَأَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَهَلَكَ أَوْ غَرِقَ فَلَمْ يَنْبُتُ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ تَامًّا لِأَنَّهُ قَدْ زَرَعَ هَكَذَا فِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ وَلَوْ غَرِقَتْ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَهَا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ اهـ ثُمَّ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ بَعْدَ هَذَا مَا نَصُّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ سَنَةً ثُمَّ اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَمَا وَجَبَ مِنْ الْأَجْرِ قَبْلَ الِاصْطِلَامِ لَا يَسْقُطُ وَمَا وَجَبَ بَعْدَ الِاصْطِلَامِ يَسْقُطُ لِأَنَّ الْأَجْرَ إنَّمَا يَجِبُ بِإِزَاءِ الْمَنْفَعَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَمَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَمَا لَمْ يَسْتَوْفِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي حَقِّهِ فَيَسْقُطُ الْأَجْرُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْخَرَاجِ فَإِنَّهُ إذَا زَرَعَ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً فَأَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَذَهَبَ لَمْ يُؤْخَذْ الْخَرَاجُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ النَّمَاءُ حَقِيقَةً وَلَا اعْتِبَارًا لِأَنَّ الْفَوَاتَ مَا كَانَ مِنْ جِهَتِهِ حَتَّى يَصِيرَ سَالِمًا اعْتِبَارًا فَكَانَ سَبَبُ وُجُوبِ الْخَرَاجِ مِلْكَ أَرْضٍ نَامِيَةٍ حَوْلًا كَامِلًا إمَّا حَقِيقَةً أَوْ اعْتِبَارًا فَإِذَا فَاتَ النَّمَاءُ فِي مُدَّةِ الْحَوْلِ ظَهَرَ أَنَّ الْخَرَاجَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا عَلَى خِلَافِ هَذَا وَالِاعْتِمَادُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اهـ مَا قَالَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ انْتَقَلَ إلَى أَخَسَّ مِمَّا كَانَ يَزْرَعُهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ كَمَنْ لَهُ أَرْضُ الزَّعْفَرَانِ فَتَرَكَهَا وَزَرَعَ الْحُبُوبَ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الزَّعْفَرَانِ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ كَرْمٌ فَقَلَعَ وَزَرَعَ الْحُبُوبَ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْكَرْمِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْأَعْلَى) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ غَرَسَ حَرْبِيٌّ مِنْ أَرْضِهِ كَرْمًا فَلَمْ يُطْعِمْ سِنِينَ كَانَ عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ قَفِيزٌ وَدِرْهَمٌ لِأَنَّ وَظِيفَةَ هَذِهِ الْأَرْضِ قَبْلَ الْغَرْسِ قَفِيزٌ وَدِرْهَمٌ فِي كُلِّ جَرِيبٍ فَتَبْقَى كَذَلِكَ مَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ خَرَاجُ الْكَرْمِ وَإِنْ أَدْرَكَتْ خَارِجًا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَصَاعِدًا أَخَذَ مِنْهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ صَارَ كَرْمًا صُورَةً وَمَعْنًى. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ مُؤْنَةً فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الْأَرْضَ الْخَرَاجِيَّةَ تَبْقَى عَلَى حَالِهَا خَرَاجِيَّةً بَعْدَ إسْلَامِ صَاحِبِهَا وَلَا تَتَغَيَّرُ إلَى الْعُشْرِ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَضَعَ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ الْخَرَاجَ ثُمَّ أَسْلَمُوا فَبَقِيَ الْخَرَاجُ كَمَا كَانَ. اهـ. (قَوْلُهُ فَيَبْقَى عَلَى الْمُسْلِمِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِالْتِزَامِ الْمُؤْنَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ الْأَرْضُ الْخَرَاجُ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ. اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعُشْرِ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَخْ) قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي وَلَا يُؤْخَذُ خَرَاجُ الْأَرْضِ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَإِنْ أَغَلَّهَا صَاحِبُهَا مَرَّاتٍ وَالْقُدْوَةُ فِي هَذَا الْبَابِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ الْخَرَاجَ مُكَرَّرًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ لِأَنَّ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعُشْرِ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْخَارِجِ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَلَمَّا كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعُشْرِ وَالْعُشْرُ يَجِبُ فِي كُلِّ خَارِجٍ فَكَذَلِكَ خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>