للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ فَيْئًا لَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْوَرَثَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَضَاءِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ لَحِقَ فَقُضِيَ بِعَبْدِهِ لِابْنِهِ فَكَاتَبَهُ فَجَاءَ مُسْلِمًا فَالْمُكَاتَبَةُ وَالْوَلَاءُ لِمُوَرِّثِهِ) وَهُوَ الْمُرْتَدُّ الَّذِي أَسْلَمَ لِأَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ خَلَفٌ عَنْ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ لِاسْتِغْنَائِهِ فَإِذَا جَاءَ مُسْلِمًا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَيُعَادُ إلَيْهِ مِلْكُهُ غَيْرَ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا يُمْكِنُ فَسْخُهَا لِصُدُورِهَا عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَجَعَلْنَاهُ نَائِبًا عَنْهُ وَحُقُوقُ الْعَقْدِ فِيهِ تَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَالْوَلَاءُ لِمَنْ يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْهُ نَظِيرُهُ الْمُكَاتَبُ إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ وَعَجَزَ وَفُسِخَتْ الْكِتَابَةُ الْأُولَى تَبْقَى الْكِتَابَةُ الثَّانِيَةُ عَلَى حَالِهَا وَيَكُونُ بَدَلُ الْكِتَابَةِ وَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي كَانَ لَهُ غَيْرُ قَائِمٍ بَعْدَهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ لِمَا قُلْنَا وَلَا يُقَالُ الْمُكَاتَبُ لَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ فَكَيْفَ انْتَقَلَ إلَى الْمُرْتَدِّ الَّذِي أَسْلَمَ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا لَيْسَ بِانْتِقَالٍ وَإِنَّمَا هُوَ سُقُوطُ وِلَايَةِ الْخَلَفِ عِنْدَ ظُهُورِ وِلَايَةِ الْأَصْلِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ قَتَلَ مُرْتَدٌّ رَجُلًا خَطَأً وَلَحِقَ) أَيْ بِدَارِ الْحَرْبِ (أَوْ قُتِلَ فَالدِّيَةُ فِي كَسْبِ الْإِسْلَامِ) خَاصَّةً وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا الدِّيَةُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ جَمِيعًا لِأَنَّ الْعَوَاقِلَ لَا تَعْقِلُ الْمُرْتَدَّ لِعَدَمِ النُّصْرَةِ فَيَكُونُ فِي مَالِهِ خَاصَّةً فَمَالُهُ عِنْدَهُمَا الْمُكْتَسَبُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ جَمِيعًا لِنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْحَالَيْنِ وَلِهَذَا يَجْرِي الْإِرْثُ فِي الْكُلِّ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ مَالُهُ الْمُكْتَسَبُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ خَاصَّةً لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ دُونَ الْمُكْتَسَبِ فِي حَالَةِ الرِّدَّةِ لِتَوَقُّفِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا وَلِهَذَا كَانَ الْأَوَّلُ مِيرَاثًا عَنْهُ وَالثَّانِي فَيْئًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى الرِّوَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِكَسْبِ الرِّدَّةِ أَوْ الْإِسْلَامِ أَوْ كُلَّ دَيْنٍ يُقْضَى مِنْ كَسْبِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ هَذَا إذَا قُتِلَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ أَوْ لَمْ يَمُتْ يَكُونُ فِي الْكَسْبَيْنِ جَمِيعًا بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْكُلَّ مَالُهُ وَلِهَذَا يَجْرِي الْإِرْثُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْقَطْعِ عَمْدًا وَمَاتَ مِنْهُ أَوْ لَحِقَ وَجَاءَ مُسْلِمًا فَمَاتَ مِنْهُ ضَمِنَ الْقَاطِعُ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ لَوْ قُطِعَتْ يَدُ الْمُسْلِمِ عَمْدًا فَارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَ مُسْلِمًا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى الْقَاطِعِ نِصْفُ الدِّيَةِ مِنْ مَالِهِ خَاصَّةً لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا إذَا ارْتَدَّ بَعْدَ مَا قُطِعَتْ يَدُهُ وَمَاتَ مِنْ الْقَطْعِ فَلِأَنَّ السِّرَايَةَ حَلَّتْ مَحَلًّا غَيْرَ مَعْصُومٍ فَأُهْدِرَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا قُطِعَتْ يَدُ الْمُرْتَدِّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا لِأَنَّ مَا أُهْدِرَ لَا يَلْحَقُهُ الِاعْتِبَارُ بِخِلَافِ الْمُعْتَبَرِ فَإِنَّهُ قَدْ يَلْحَقُهُ الْإِهْدَارُ بِالْإِبْرَاءِ فَكَذَا بِالرِّدَّةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَ وَهُوَ مَعْصُومٌ وَهُوَ الْيَدُ دُونَ النَّفْسِ وَنَظِيرُهُ الْبَيْعُ أَوْ الْإِعْتَاقُ حَتَّى لَوْ قُطِعَتْ يَدُ عَبْدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ لَا يَضْمَنُ الْجَانِي إلَّا يَدَهُ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الرَّدِّ عَلَيْهِ بِالْفَسْخِ لِأَنَّهُ صَارَ مُبَرِّئًا لَهُ بِهَذَا التَّصَرُّفِ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَقَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ فَلِأَنَّهُ صَارَ مَيِّتًا تَقْدِيرًا وَالْمَوْتُ يَقْطَعُ السِّرَايَةَ وَإِسْلَامُهُ حَيَاةٌ حَادِثَةٌ تَقْدِيرًا فَلَا يَعُودُ حُكْمُ الْجِنَايَةِ الْأُولَى وَإِذَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ حَتَّى عَادَ مُسْلِمًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْقَطْعِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهِ مُرْتَدًّا قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَفِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ عَلَى

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ لِصُدُورِهَا عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ) أَيْ حَتَّى جُعِلَ الْمُرْتَدُّ مَيِّتًا حُكْمًا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَجَعَلْنَاهُ) أَيْ الِابْنَ. اهـ. (قَوْلُهُ نَائِبًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ أَبِيهِ يَعْنِي صَارَ الِابْنُ كَالْوَكِيلِ عَنْ أَبِيهِ الْمُرْتَدِّ فِي التَّصَرُّفِ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَمَّا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ صَارَ كَأَنَّهُ سَلَّطَ ابْنَهُ عَلَى مَالِهِ وَجَعَلَهُ خَلَفًا عَنْهُ فِي التَّصَرُّفِ فَلَمَّا عَادَ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْأَحْيَاءِ وَبَطَلَ حُكْمُ الْمَوْتِ فَلَمَّا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ لِلْمُرْتَدِّ الَّذِي أَسْلَمَ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ فِي الْكِتَابَةِ تَرْجِعُ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا إلَى الْوَكِيلِ وَكَذَلِكَ لِلْمُرْتَدِّ الَّذِي أَسْلَمَ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ وَالْعِتْقُ وَقَعَ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ لِلْوَارِثِ فَإِنَّ الْوَلَاءَ حِينَئِذٍ يَكُونُ لِلْوَارِثِ لِوُقُوعِ الْعِتْقِ عَنْهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ فَالدِّيَةُ فِي كَسْبِ الْإِسْلَامِ خَاصَّةً) وَكَذَلِكَ حُكْمُ مَا اغْتَصَبَهُ مِنْ مَالٍ أَوْ أَفْسَدَهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ النُّصْرَةِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَلْزَمُهُ نُصْرَةُ الْمُرْتَدِّ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ ارْتَدَّ) أَيْ الْمُسْلِمُ. اهـ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَاتَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقَطْعِ اهـ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ لَحِقَ) أَيْ وَقَضَى بِلَحَاقِهِ كَمَا سَيَجِيءُ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ لِوَرَثَةِ الْمَقْطُوعِ يَدُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَعَلَى الْقَاطِعِ نِصْفُ الدِّيَةِ مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَلَمْ تَجِبْ دِيَةُ النَّفْسِ وَلَا الْقِصَاصُ فِي قَطْعِ الْيَدِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ) أَمَّا إذَا كَانَ خَطَأً فَقَالَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي هِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَأُهْدِرَتْ) أَيْ فَلَمْ تَجِبْ دِيَةُ النَّفْسِ لِأَنَّ مَوْتَهَا حَصَلَ فِي حَالٍ لَا قِيمَةَ لَهَا وَلَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ لِأَنَّ اعْتِرَاضَ الرِّدَّةِ صَارَ شُبْهَةً وَهَذَا لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْقَطْعِ كَانَتْ حَقِيقَةُ الْإِبَاحَةِ قَائِمَةً فِي قَطْعِ الْيَدِ لِوُجُودِ الْمُبِيحِ وَهُوَ الرِّدَّةُ فَإِذَا كَانَتْ فَائِتَةً ثُمَّ اعْتَرَضَتْ كَانَتْ شُبْهَةً فَإِذَا لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ وَجَبَ دِيَةُ الْيَدِ وَهِيَ نِصْفُ دِيَةِ النَّفْسِ لِأَنَّ قَطْعَ الْيَدِ حَصَلَ فِي حَالِ عِصْمَةِ الْيَدِ وَهِيَ حَالَةُ الْإِسْلَامِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا) أَيْ أَصْلًا لِأَنَّ قَطْعَ الْيَدِ حَصَلَ فِي زَمَانٍ لَا قِيمَةَ لَهَا لِعَدَمِ الْعِصْمَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا أُهْدِرَ لَا يَلْحَقُهُ الِاعْتِبَارُ) أَيْ أَصْلًا فَلِهَذَا لَمْ يُعْتَبَرْ زَمَانُ السِّرَايَةِ اهـ (قَوْلُهُ فَكَذَا بِالرِّدَّةِ) وَالتَّحْقِيقُ هُنَا أَنْ نَقُولَ إنَّ فَوْتَ الْعِصْمَةِ يُوجِبُ الْهَدَرَ لَا مَحَالَةَ وَقِيَامَ الْعِصْمَةِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ لَا مَحَالَةَ كَمَا إذَا قَطَعَ بِأَمْرِهِ فَلَمْ يَكُنْ اعْتِرَاضُ الْعِصْمَةِ دَافِعًا لِصِفَةِ الْهَدَرِ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهِ مُرْتَدًّا إلَخْ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذَا إذَا ارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ أَمَّا إذَا ارْتَدَّ الْقَاطِعُ فَقُتِلَ وَمَاتَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ مِنْهُ مُسْلِمًا فَقَالَ فِي الشَّامِلِ فِي قِسْمِ الْمَبْسُوطِ إنْ كَانَ عَمْدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَاتِلَ مَاتَ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ النَّفْسِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ انْعَقَدَتْ مُوجِبَةً لِلْقَتْلِ لِأَنَّ الْجَانِيَ كَانَ مُسْلِمًا يَوْمَ الْجِنَايَةِ، لَا جَرَمَ لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ كَانَتْ فِي مَالِهِ اهـ قَالَ الْكَمَالُ فَلَوْ كَانَ الْقَاطِعُ هُوَ الَّذِي ارْتَدَّ فَفِي الْمَبْسُوطِ فَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>