للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إرْثُهُ لَهُ وَجِنَايَتُهُ فِيهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ أَحَدٌ) أَيْ لَا يَأْخُذُ اللَّقِيطَ أَحَدٌ مِنْ الْمُلْتَقِطِ لِأَنَّ يَدَهُ سَبَقَتْ إلَيْهِ فَكَانَ أَحَقَّ بِحِفْظِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَوْ دَفَعَهُ هُوَ إلَى غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ وَلَوْ دَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَلَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَلَدُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ لِتَكُونَ مُؤْنَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَقِيطٌ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ اهـ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ بِالِالْتِقَاطِ الْتَزَمَ حِفْظَهُ وَتَرْبِيَتَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ فَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ إنْ شَاءَ كَالْوَصِيِّ إذَا أَرَادَ عَزْلَ نَفْسِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ وَاحِدٍ) يَعْنِي إذَا ادَّعَاهُ وَلَمْ يَدَّعِهِ الْمُلْتَقِطُ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَثْبُتَ نَسَبُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّ الْمُلْتَقِطِ فِي الْيَدِ وَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِمَا يَنْفَعُهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَتَشَرَّفُ بِالنَّسَبِ وَيُعَيَّرُ بِعَدَمِهِ وَالْمُلْتَقِطُ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ فَصَحَّتْ دَعْوَتُهُ ثُمَّ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ النَّسَبِ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَحَقَّ بِحِفْظِ وَلَدِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ قَصْدًا وَقِيلَ يَصِحُّ فِي حَقِّ النَّسَبِ دُونَ إبْطَالِ الْيَدِ لِلْمُلْتَقِطِ لِأَنَّ يَدَهُ تَثْبُتُ فِي وَقْتٍ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى إبْطَالِهَا وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ لِمَا ذَكَرْنَا هَذَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمُلْتَقِطُ مَعَهُ وَإِنْ ادَّعَاهُ فَدَعْوَةُ الْمُلْتَقِطِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا وَالْآخَرُ مُسْلِمًا لِأَنَّهُ صَاحِبُ يَدٍ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ دَعْوَةُ الْمُلْتَقِطِ أَصْلًا لِأَنَّهُ تَنَاقَضَ كَلَامُهُ بِدَعْوَاهُ أَنَّهُ ابْنُهُ بَعْدَمَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَقِيطٌ وَلِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ يَلْزَمُ اللَّقِيطَ حُكْمُ النَّسَبِ وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ لَا يَصِحُّ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْفَظَهُ وَيَكْتَسِبَ لَهُ مَا يَنْفَعُهُ وَقَدْ يَخْفَى عَلَى الْإِنْسَانِ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ ثُمَّ يَعْرِفُهُ وَالتَّنَاقُضُ فِيمَا يَخْفَى لَا يَمْنَعُ الْقَبُولَ كَالْمُلَاعِنِ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ يَدِ أَحَدٍ وَالنَّسَبُ يَنْفَعُهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا بِخِلَافِ دَعْوَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ كَدَعْوَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ اخْتَلَفَ وَجْهُ الْقِيَاسِ فِيهِمَا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمِنْ اثْنَيْنِ) أَيْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ اثْنَيْنِ أَيْضًا كَمَا يَثْبُتُ مِنْ وَاحِدٍ وَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْمُرَجِّحِ لِأَحَدِهِمَا مِنْ يَدٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ ذِكْرِ عَلَامَةٍ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَقَدْ يَكُونُ لِلرُّجُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَجِنَايَتُهُ فِيهِ) أَيْ لَوْ جَنَى اللَّقِيطُ جِنَايَةً خَطَأً عَلَى إنْسَانٍ تَكُونُ دِيَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَكَانَ أَحَقَّ) أَيْ كَمَا فِي سَائِرِ الْمُبَاحَاتِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ إنْ شَاءَ كَالْوَصِيِّ إلَخْ) فَإِنْ مَاتَ اللَّقِيطُ وَتَرَكَ مِيرَاثًا أَوْ لَا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ ابْنُهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ اسْتِحْسَانًا أَيْضًا لِأَنَّ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ إنَّمَا صَحَّتْ دَعْوَتُهُ النَّسَبَ لِأَنَّ فِيهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ النَّسَبُ وَبِالْمَوْتِ اسْتَغْنَى عَنْ النَّسَبِ بَقِيَ كَلَامُهُ فِي دَعْوَى الْمِيرَاثِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ إلَّا بِحُجَّةٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ. اهـ. كَاكِيٌّ

(قَوْلُهُ إذَا ادَّعَاهُ) أَيْ مُدَّعٍ أَنَّهُ ابْنُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا. اهـ. كَمَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَلَمْ يَدَّعِهِ الْمُلْتَقِطُ) يَعْنِي سَابِقًا عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي أَوْ مُقَارِنًا أَمَّا إذَا ادَّعَيَاهُ عَلَى التَّعَاقُبِ فَالسَّابِقُ مِنْ الْمُلْتَقِطِ وَالْخَارِجِ أَوْلَى وَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا فَالْمُلْتَقِطُ أَوْلَى وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا وَالْخَارِجُ مُسْلِمًا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّعْوَى وَلِأَحَدِهِمَا يَدٌ فَكَانَ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى وَهُوَ الذِّمِّيُّ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْوَلَدِ ثُمَّ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْخَارِجِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَثْبُتَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقٍّ ثَابِتٍ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ وَهُوَ حَقُّ الْحِفْظِ الثَّابِتِ لِلْمُلْتَقِطِ وَحَقُّ الْوَلَاءِ الثَّابِتِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إقْرَارٌ لِلصَّبِيِّ بِمَا يَنْفَعُهُ لِأَنَّهُ يَتَشَرَّفُ بِالنَّسَبِ وَيَتَأَذَّى بِانْقِطَاعِهِ إذْ يُعَيَّرُ بِهِ وَيَحْصُلُ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِتَرْبِيَتِهِ وَمُؤْنَتِهِ رَاغِبًا فِي ذَلِكَ غَيْرَ مُمْتَنٍّ بِهِ وَيَدُ الْمُلْتَقِطِ مَا اُعْتُبِرَتْ إلَّا لِحُصُولِ مَصْلَحَتِهِ هَذِهِ لَا لِذَاتِهَا وَلَا لِاسْتِحْقَاقِ مِلْكٍ وَهَذَا مَعَ زِيَادَةِ مَا ذَكَرْنَا حَاصِلٌ بِهَذِهِ الدَّعْوَى فَتُقَدَّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَثْبُتُ بُطْلَانُ يَدِ الْمُلْتَقِطِ ضِمْنًا مُرَتَّبًا عَلَى وُجُوبِ اتِّصَالِ هَذَا النَّفْعِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْأَبَ أَحَقُّ بِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَصَارَ كَشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ تَصِحُّ ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا اسْتِحْقَاقُ الْمِيرَاثِ وَلَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً لَمْ يَصِحَّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ لَا يَذْكُرُونَ غَيْرَ هَذَا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ عِنْدَ الْبَعْضِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُدَّعِي وَيَكُونُ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ مَنْفَعَتَيْ الْوَلَدِ وَالْمُلْتَقِطِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. اهـ. كَمَالٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(قَوْلُهُ وَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ) أَيْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيُعَيَّرُ) أَيْ يُذَمُّ. اهـ. (قَوْلُهُ هَذَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمُلْتَقِطُ مَعَهُ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَمَّا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَهُوَ ابْنُ الْمُدَّعِي سَوَاءٌ صَدَّقَ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ أَوْ كَذَّبَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَاهُ فَدَعْوَةُ الْمُلْتَقِطِ أَوْلَى) قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ فَإِنْ سَبَقَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ أَوْ الْخَارِجُ فَهُوَ لِلْمُدَّعِي الْأَوَّلِ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ فَيَكُونُ ابْنَ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ دُونَ الْمُدَّعِي. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَسَيَأْتِي هَذَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا وَالْآخَرُ مُسْلِمًا) أَيْ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي يَدِ ذِمِّيٍّ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ ابْنُهُ قَضَى لِلذِّمِّيِّ بِحُكْمِ يَدِهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي لِلَّقِيطِ خَارِجَيْنِ وَأَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ وَالْآخَرُ ذِمِّيٌّ وَأَقَامَا بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْضِي لِلْمُسْلِمِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَخْفَى عَلَى الْإِنْسَانِ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ) أَيْ وَيَظُنُّ أَنَّهُ لَقِيطٌ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ فَرُبَّمَا يَكُونُ الصَّبِيُّ مَنْبُوذًا لِبَعْضِ الْحَوَادِثِ فَيَظُنُّ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ لَقِيطٌ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ وَلَدُهُ فَلَا تَنَاقُضَ إذًا اهـ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ وَجْهُ الْقِيَاسِ فِيهِمَا) أَيْ فَإِنَّ وَجْهَ الْقِيَاسِ فِي الْخَارِجِ اسْتِلْزَامُهُ إبْطَالَ حَقٍّ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى وَهُنَا هُوَ اسْتِلْزَامُهُ التَّنَاقُضَ لِأَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى أَنَّهُ لَقَطَهُ كَانَ نَافِيًا نَسَبَهُ فَلَمَّا ادَّعَاهُ تَنَاقَضَ. اهـ.

(قَوْلُهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ اثْنَيْنِ أَيْضًا) أَيْ فَإِنْ ادَّعَاهُ أَكْثَرُ مِنْ رَجُلَيْنِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُسْمَعُ مِنْ خَمْسَةٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَا يُسْمَعُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُسْمَعُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَا يُسْمَعُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>