متكررة سندًا ومتنًا، وبعضها يتكرر باختلاف يسير وجهود العلماء المتقدمين قد تضافرت على المسند في: شرح معانيه، والانتقاء من أحاديثه، وبيان ثلاثياته، وترجمة رواته، وتحرير ألفاظه، وحظي باهتمام النساخ به، وكانت النسخ محل عناية من العلماء في: ضبطها، ومقابلتها بأصولها، وفي العصر الحاضر حظي المسند يحهود كثيرة سواء في: تحقيقه -فقد حُقّق من علماء متعددين من أبرزهم الشيخ أحمد شاكر- وألفت مؤلفات في ترتيبه، وفي بيان أطرافه، وفهرسته، وقد طبع المسند طبعات عديدة اشتغل على عدد منها جماعة من العلماء الفضلاء، ومع كل ذلك فقد تطلب تحقيقه الأخير أن يشتغل في هذا التحقيق العديد من الباحثين المتفرغين لتحقيقه، وتطلب ذلك أَيضًا أن يعملوا بعمل حثيث متواصل استمروا فيه مدة عشر سنوات.
فإذا كان الأمر كذلك فما ظنك بمصنف ابن أبي شيبة الذي احتوى على أكثر من أربعين ألف خبر، والتكرار فيها قليل جدًا، وكثير منها ينفرد المؤلف به، فلا تكاد تجده في كتاب آخر، ثم إن هناك طائفة من الرواة فيه لا تكاد تجد تراجمهم إلا في كتب قصية وفي مواطن لا يتبادر إلى الذهن وجود الترجمة فيها، فهل تتصور أن راويًا لا تجد ترجمته وافية إلا في معجم البلدان أو في غيره من كتب اللغة والمعاجم؟، ولم تكتب مؤلفات على المصنف توضح معانيه وتشرح ألفاظه، ولكبر حجمه أحجم النساخ عنه، فليس له نسخ عديدة تكون محل عناية العلماء واهتمامهم، ولم يؤلف أحد في بيان أطرافه، ولم يجتهد أحد في مقارنته بغيره من الكتب والمؤلفات، فلاشك أن هذا المصنف يتطلب تحقيقه من الجهد ما لا يحتاجه المسند.
ومن فضل اللَّه ﷿ أن حظي الكتاب بتحقيق علمي يقوم عليه الابن الدكتور سعد فقد قابل بين نسخه، وخرّج أحاديثه، وحكم عليها؛ وتوصل في