إذا دفعها (لغني ظنَّه فقيرًا) فتُجزئه؛ لأن النبي ﷺ أعطى الرجلين الجلدين وقال:"إن شئتما أعطيتكما منها، ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب"(٤٧)(وصدقة التطوع مستحبة) حثَّ الله عليها في كتابه العزيز في آيات كثيرة، وقال ﷺ:"إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء" رواه الترمذي، وحسَّنه (٤٨)(و)
يدفع الزكاة مرة أخرى لأحد مستحقيها؛ لقاعدتين: الأولى: القياس، بيانه: كما أن زيدًا المدين لعمرو، لو أعطى هذا الدَّين لبكر ظنًا منه أنه عمرو، فبان بعد ذلك أنه ليس بعمرو، فيجب على زيد أن يُعطي ذلك الدَّين لعمرو مرة أخرى، فكذلك الحال هنا والجامع: أنه في كل منهما لم يصل الحق إلى صاحبه الحقيقي، الثانية: العادة والعرف؛ حيث إنه قد اعتاد الناس أن من يستحق الزكاة لا يخفى حاله، فنظرًا لتساهله في التأكد وإعطائها لغير مستحقيها: لم يُعذر وهذا هو المقصد من ذلك.
(٤٧) مسألة: إذا دفع زيد زكاة ماله إلى عمرو ظنًا منه أنه فقير، فبان بعد ذلك أنه غني: فإنها تجزئ عن زيد، وتبرأ ذمَّته؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال النبي ﷺ لرجلين جلدين سألا الصدقة -: "إن شئتما أعطيتكما منها .. " فيلزم من ذلك: جواز إعطاء من ادَّعى الفقر وأظهره، الثانية: المصلحة؛ حيث إن الغالب أن الغِنَى يخفى على كثير من الناس، ولو أراد شخص أن يعلم أن هذا غني أو فقير: لوجد مشقة عظيمة في ذلك فدفعًا لذلك: أجزأت.
(٤٨) مسألة: صدقة التطوع من أعظم المستحبَّات؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ وغيرها من الآيات الكثيرة، الثانية: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء" فإن قلتَ: لمَ استُحبَّت؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنها تتسبَّب في =