للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ ولقوله : "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" (٣)،

مفهوم العدد على أن من ترك واحدًا من الخمس - ومنها رمضان - فليس بمسلم، فلو لم يكن الصيام من أركان الإسلام: لما خرج تاركه عن الإسلام، والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة؛ الثالثة: الإجماع؛ حيث أجمع علماء الأمة على أن صوم رمضان من أركان الإسلام، لا يتم إسلام المرء إلا به، فإن قلتَ: لمَ وجب صيامه؟ قلتُ: للمصلحة؛ وهي من وجوه: أولها: الابتلاء والامتحان من الله لعباده؛ حيث إن العبد يترك ما لذَّ وطاب في الأمور الدنيوية من أجل جنات النعيم الباقية، وهذا مقصد من المقاصد الكلية للإسلام، ثانيها: تكثير الأجر والثواب؛ حيث إن الله هو الذي يُجزئ بالصوم جزاء لا يُعلم مقداره؛ حيث قال : "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزئ به" ثالثها: طرد الشيطان من أن يجري في العروق، قال : "الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع بالصوم" رابعها: إنزال الرحمة للفقراء في قلوب الأغنياء؛ حيث إن الأغنياء يشعرون بصومهم لهذا الشهر بما يشعر به الفقراء طوال السنة، خامسها: الإكثار من شكر الله تعالى على نعمه الظاهرة والباطنة؛ حيث أباح لهم التَّمتُّع في نهار الشهور كلها - إلا رمضان - وهذا الشكر يتسبَّب في زيادة النعم، ونقصان النقم، سادسها: منع النفس وكسر شهواتها، وفي ذلك الخير كله، فإن قلتَ: لمَ وجب الصوم في شهر رمضان دون غيره من الشهور؟ قلتُ: لأن وقت وجوبه وافق الرَّمض، وهو: شدَّة الحرِّ، ولعلَّ في ذلك مناسبة بينهما؛ حيث إن الصوم يُحرق الذُّنوب كما تُحرق الرَّمضاء من يطأ عليها.

(٣) مسألة: يبدأ وجوب الصوم برؤية هلال رمضان بالعين المجرَّدة؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ فأوجب الصوم عند شهود ورؤية هلال ذلك الشهر؛ لأن الأمر هنا مطلق، وهو يقتضي =

<<  <  ج: ص:  >  >>