وصدقة وكف لسانه عما يكره (١٤) وسُنَّ (لمن شُتِم: قوله) جهرًا: (إني صائم)؛ لقوله ﷺ:"فإن شاتمه أحد أو قاتله: فليقل: إني امرؤ صائم"(١٥)(و) سُنَّ (تأخير سحور) إن لم يخش طلوع فجر ثان؛ لقول زيد بن ثابت:"تسحَّرنا مع النبي ﷺ ثم قمنا إلى الصلاة" قلتُ: كم كان بينهما؟ قال:"قدر خمسين آية" متفق عليه، (١٦)
صائمًا حقيقة، ويدل بمفهوم العدد على أن الصائم إذا كذب، أو اغتاب، أو نمَّ، أو سبَّ، أو شتم، أو قتل: فإن صومه صحيح ولكنه يأثم، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تهذيب الأخلاق، وإكرام المسلمين، وإظهار الترابط بينهم، وهي لا تشعر بالنشاط، أو القوة ولذا لا تفسد الصوم.
(١٤) مسألة: يُستحب أن يُكثر الصائم من فعل الطاعات كقراءة القرآن، والأذكار: كالتكبير، والتسبيح، والتهليل، والتحميد، والصدقات، وأن يترك جميع المكروهات؛ للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه مضاعفة الأجر: لأن رمضان تُضاعف فيه الحسنات، فيجتمع في ذلك صلاح، بدنه، وكلامه، وسلوكه.
(١٥) مسألة: إذا شتم أحد صائمًا، أو سبَّه، أو نازعه ودفعه: فيُستحب أن يقول الصائم: "إني صائم" بصوت جهوري سواء كان الصوم فرضًا أو نفلًا؛ للسنة القولية؛ حيث أمر النبي ﷺ بقول ذلك، والمصلحة التي ترجع إلى الصائم هي التي صرفت هذا الأمر من الوجوب إلى الندب؛ حيث إن الصائم يُخبر الشاتم: بأن الذي منعه من الرَّدِّ هو الصوم؛ حيث لا يريد أن يُقلِّل من أجره بذلك، لا لعجزه، ويُذكّر بذلك الشاتم بأن لا يُقلّل من أجره أيضًا.
(١٦) مسألة: يُستحب أن يؤخَّر السَّحور -وهو ما يؤكل قبيل الفجر إذا لم يخف من طلوع الفجر الثاني- وهو الصادق - لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال:ﷺ إن بلالًا يُؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم" وهذا يلزم منه: استحباب الأكل والشرب إلى غاية أذان الفجر، لأنه لا صيام