فيفعله الولي، أو يدفع إلى من يفعله عنه، ويدفع في الصوم عن كل يوم طعام مسكين، وهذا كله فيمن أمكنه صوم ما نذره فلم يصمه، فلو أمكنه بعضه قضى ذلك البعض فقط والعمرة في ذلك كالحج (٢٧).
أو أصلي أو أعتكف أو أحج أو اعتمر وتساهل بالوفاء بذلك، ومات: فإنه يستحب لأحد الورثة أن يفعل ذلك عنه إن لم يُخلف مالًا وإن تبرَّع غير الوارث بفعل ذلك: جاز؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث إنه ﷺ أمر امرأة أن تصوم عن أمِّها صوم نذر، وهذا الأمر للاستحباب، لكونه أوجبه على نفسه، وهو الصارف له، ونذر الحج والعمرة، والصلاة مثل الصوم؛ وغير الوارث كالوارث في قضاء المنذور؛ لعدم الفارق من باب "مفهوم الموافقة"؛ حيث إن كل واحد منهما متبرع، الثانية: التلازم؛ حيث إن الصوم والصلاة الواجبتين بأصل الشرع عبادتان بدنيتان لا تدخلهما النيابة، ولا يخلفهما مال، ولا يجب شيء منه لإفسادهما فيلزم من ذلك عدم جواز قضاء أحد عن أحد فيهما، فإن قلتَ: لِمَ استُحب قضاء ما نُذر من العبادات عن الميت، مع عدم جواز قضاء الصلاة والصوم المفروضتين من الشارع عنه؟ قلتُ: لأن النذر أوجبه على نفسه فيكون أخف في الوجوب مما أوجبه الله تعالى من الصلوات والصيام فتدخله النيابة -أقصد: المنذور- بخلاف ما أوجبه الله فنظرًا لثقله لا تدخله النيابة إلّا ما خصَّصه الشارع كالحج؛ نظرًا لاشتراك المال والبدن فيه، فإن قلتَ: لِمَ لا يجوز قضاء ما وجب بأصل الشرع كالصلاة والصوم؟ قلتُ: لأن المقصود من هذه العبادات طاعة العبد بنفسه، وقيامه بحق العبودية التي خُلق لها وأُمر بها، وهذا لا يؤدِّيه إليها غيره كما ذكر ذلك ابن القيم ﵀.
(٢٧) مسالة: إذا نذر شخص الصوم، وتساهل بفعل ذلك، ومات، وخلَّف مالًا فيجب على وارثه أن يصوم عنه، أو يدفع مالًا ويستأجر من يصوم عنه، =