ابن عباس وأبي بن كعب، وغيرهما وحكمة إخفائها: ليجتهدوا في طلبها (٢٦)
(٢٦) مسألة: يُرجى أن تكون ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، ويُتأكد طلبها في الوتر من ليالي العشر، أيَّ: في ليلة الواحد والعشرين، وفي ليلة الثالث والعشرين، وفي ليلة الخامس والعشرين، وفي ليلة السابع والعشرين، وفي ليلة التاسع والعشرين من رمضان، وكونها ليلة السابع والعشرين أكد تلك الليالي، وهي باقية في الأمة الإسلامية إلى قيام الساعة، لم ترفع، وهي من خصائص هذه الأمة، وهي أفضل ليالي السنة؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ حيث إن هذا عام في الأزمان، فلم يُخصَّص زمن بها دون زمن فيلزم من ذلك: عدم رفعها، وهو يدل على أن العمل فيها خير من العمل في ألف شهر -وهو ما يُعادل ثلاثًا وثمانين عامًا تقريبًا-، الثانية: السنة القولية وهي من وجوه: أولهما: قوله ﷺ: "التمسوها في العشر الأواخر في الوتر منها" حيث بيَّن أنها تتأكد في ليالي الوتر منها، وهذا عام لجميع المسلمين إلى قيام الساعة؛ لأن "الواو" من صيغ العموم، ثانيها: قوله ﷺ: "اطلبوها في العشر الأواخر في ثلاث بقين، أو سبع أو تسع بقين"، ثالثها: قوله ﷺ: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا: غفر له ما تقدم من ذنبه" حيث دل هذا على أنها أفضل الليالي والأيام أيضًا، الثالثة: قول الصحابي؛ حيث إنه قد ثبت عن ابن عباس وأُبي بن كعب أنهما قالا:"إنها سبع وعشرين من رمضان" فإن قلتَ: لِمَ أُخفيت ليلة القدر؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن إخفائها يجعل المسلم يجتهد في العبادة في تلك العشر الأواخر لعلَّه يُصيبها، كما أُخفيت ساعة الإجابة في يوم الجمعة، فإن قلتَ: لِمَ سُمِّيت بهذا الاسم؟ قلتُ: لأنه يُقدَّر فيها تقديرًا خاصًا الأرزاق، والأعمار، والآجال ما سيكون في تلك السنة إلى مثلها من السنة المقبلة، وهو قول أكثر