(وهي) أي: هذه المواقيت (لأهلها) المذكورين (ولمن مرَّ عليها من غيرهم) أي: من
عن مكة (٤٠٠) كم تقريبًا، وهو يُعتبر أبعدها عن مكة، ثانيها: الجُحْفَة، وهو معروف بمدينة "رابغ" الآن، وهو ميقات أهل الشام ومصر والمغرب، ولكن حجاج تلك البلدان يُحرمون الآن من ذي الحُلَيْفة، وبين رابغ وبين مكة سبع مراحل، أو يحرمون من بلدانهم، فإذا حاذوا "بلد رابغ" جوًا أو بحرًا أو برًا نووا الإحرام دون توقف؛ لعدم وضوح هذا المكان - وهو: الجحفة، ولعدم كثرة الماء فيه، ثالثها: يَلَمْلَم، وهو المعروف الآن بـ"السَّعدية"، وهو ميقات أهل اليمن، يبعد عن مكة بمرحلتين، رابعها: قرن المنازل، ويُعرف الآن بـ"السيل الكبير"، ويوازيه طريق الهدى أو الكراء وهو:"وادي محرم"، وهو يبعد عن مكة بمرحلتين - حوالي (٨٠) كم - وهو: ميقات أهل نجد والطائف، خامسها: ذات عرق، ويُعرف الآن بـ"الضَّريبة" وهو: ميقات أهل المشرق كالعراق وفارس ونحوهما؛ للسنة القولية؛ حيث إنه ﷺ قد وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرنًا، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل العراق: ذات عرق - كما روى ذلك ابن عباس وعائشة ﵃ فإن قلتَ: لمَ شُرعت تلك المواقيت؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تعظيم لبيت الله، وتشريفه، بحيث لا يُقبلون عليه، ويطوفون به إلا وهم على هيئة خاصة وهي: تجرُّدهم من زينة الدنيا؛ ليتذكَّروا الآخرة، وما سيحصل فيها، ولإظهار فقرهم أمام خالقهم وعند بيته، وهذا أدعى للاستجابة، ولأجل أن تكون تلك المواقيت المكانية حصنًا حصينًا وحمى لا يجوز تجاوزها إلا بهيئة خاصة، فإن قلتَ: لمَ كانت بعض تلك المواقيت أبعد من بعض بالنسبة لمكة؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن أسماء تلك المواقيت هي: أسماء لقرى كانت عامرة في عهده ﷺ، فأمر المسلم أن يحرم منها؛ نظرًا لوجود ما يحتاجه لإحرامه فيها من ماء ولباس وناس، وطعام وشراب، تنبيه: قوله: "رابغ بينها وبين مكة ثلاث مراحل" قلتُ: إن بينها وبين مكة سبع مراحل كما قال النووي، وهو الواقع الآن.