للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فروضه: ستة) أحدها: (غَسْل الوجه)، لقوله تعالى ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ (والفم والأنف منه) أي: من الوجه؛ لدخولهما في حدِّه، فلا تسقط المضمضة، ولا الاستنشاق في وضوء، ولا غُسل، لا عمدًا ولا سهوًا (٣)

منه: أن الوضوء فُرض في ذلك الوقت، فإن قلتَ: إن الوضوء فُرض في المدينة؛ للتلازم؛ حيث إن آية الوضوء - وهي قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا .. ﴾ - قد نزلت بالمدينة، وهذا يلزم منه أن الوضوء قد فُرض بالمدينة، قلتُ: إن هذه الآية مُقرِّرة للحكم السابق، وليست مؤسِّسة له؛ لأنها نزلت في قصة عائشة حين فقدت العقد في غزوة المريسيع، وكان الوضوء مستعملًا، وزادتهم التَّرخُّص بالتيمم عند فقد الماء، نقله القرطبي في تفسيره (٦/ ٨٠) عن ابن عطية فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف في آية الوضوء هل هي مقررة لما سبق أو هي مؤسسة؟ " فعندنا: مقررة، وعندهم: مؤسسة، تنبيه: فروض الوضوء ستة لا تسقط عمدًا ولا سهوًا وهي كما يلي:

(٣) مسألة: في الأول - من فروض الوضوء - وهو: أن يغسل وجهه كله - وهو: من منابت شعر الرأس المعتاد إلى أسفل الذقن طولًا، ومن الأذن إلى الأذن عرضًا - ويدخل فيه الفم والأنف دخولًا أوليًا فتكون المضمضة والاستنشاق فرضًا، والغَسْل: إزالة الوسخ عن الوجه والفم والأنف بإجراء وإسالة الماء عليه مع ما فيه من شعر؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ وهو أمر مطلق فيقتضي الوجوب، ولا صارف له، وهو عام لغسل الوجه كله - وهو: ما يواجه به الآخرين - فيكون غسل داخل الفم - وهو المضمضة - وغسل داخل الأنف - وهو الاستنشاق - فرضًا؛ لأن لفظ: "وجوهكم" جمع مُنكَّر أضيف إلى معرفة - وهو: الضمير - وهذا من صيغ العموم، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث كان إذا غسل وجهه يتمضمض، =

<<  <  ج: ص:  >  >>