(و) الثاني (غسل اليدين) مع المرفقين؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ (٤)(و) الثالث (مسح الرأس) كله (ومنه الأذنان)؛ لقوله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾
ويستنشق - كما رواه كل من نقل وضوءه ﷺ، فإن قلتَ: لِمَ كان ذلك فرضًا؟ قلتُ لأنه سيواجه به الله تعالى في صلاته، وسيواجه به الملائكة، وإخوانه المسلمين، فلا بد أن يكون مقبولًا ذا هيئة مستحسنة، ولأن الوجه أول ما يُلاقي الغبار والأتربة، ففُرض غسله لإزالة ذلك، لئلا يتسبب تركه في بعض الأمراض؛ لكون الفم والأنف مدخلًا لباطن الجسم، لذلك كانت المضمضة فرضًا في الوضوء والغسل.
(٤) مسألة: في الثاني - من فروض الوضوء - وهو: أن يغسل يديه مع المرفقين، والمرفق: المفصل الذي بين العضد والذراع، وهو يتكون من طرفي العظمين: طرف العضد، وطرف الذراع، ويشمل الأظفار؛ لقاعدتين: الأولى: للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ والمعطوف - وهما اليدان هنا - يأخذان حكم المعطوف عليه - وهو الوجه - وحرف "إلى" بمعنى "مع" والمراد: "وأيديكم مع المرفقين" وهو عام لكل أجزاء اليد؛ لأن "أيديكم" جمع منكر مضاف إلى الضمير وهو معرفة وهو من صيغ العموم، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث كان ﷺ يغسل يده حتى يشرع في العضد، وهو من باب دخول المغيَّا في الغاية، فإن قلتَ: لِمَ كان ذلك فرضًا؟ قلتُ: لأن اليدين هما آلة لمس الأوساخ والأقذار والأعمال، ففُرض غسلهما لإزالة ذلك لتكونا لائقتين بالتكبيرات، والدعاء بهما، ومس المصحف، ومصافحة المؤمنين، ولئلا يتسببان في لصوق تلك الأوساخ للبدن، فإن قلتَ: لِمَ جُعل غسلهما بعد غسل الوجه؟ قلتُ: لأنهما يليان الوجه في مواجهة الآخرين، لكنهما أقل منه في تلك المواجهة.