عدلين خبيرين (١١)، وما لا مثل له كباقي الطيور ولو أكبر من الحمام -: فيه القيمة (١٢)،
(١١) مسألة: إذا قتل محرم صيدًا لم يقضِ به الصحابة: فإنه يُرجع فيه إلى قول عدلين خبيرين في ذلك، فإذا قالا: إن هذا الصيدَ يُماثل هذا الحيوان من بهيمة الأنعام: من حيث الخِلْقة والصُّورة: فإنه يجب على هذا القاتل أن يذبح ذلك الحيوان المشابه له؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ فاشترط لتحقيق المماثلة: أن يحكم فيه اثنان عدلان، فإن قلتَ: لمَ اشترطت العدالة هنا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن العدالة فيها تحقيق الثقة بما يُقال ويحكم وهي شرط في كل من يُقبل قوله، فإن قلتَ: لمَ اشترطت الخبرة فيهما، دون التفقُّه؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث لا نثق بقول قائل في ذلك إلا إذا كان من أهل الخبرة الطويلة بالحيوانات، والأثمان، والأسواق، أما الفقيه الذي لا خبرة عنده في ذلك: فلا يُفيد في ذلك لذلك سأل عمر قائلًا: "من يحكم في الضب" مع أن حوله بعض فقهاء الصحابة، فلم يقتصر عليهم، وكان الإمام مالك يسأل عن أمور الحيض والنفاس بعض النساء ذوات الخبرة في ذلك.
(١٢) مسألة: إذا قتل محرم صيدًا لم يقض فيه الصحابة، ولم يستطع العدلان الخبيران معرفة ما يُماثله: فإنه يُقيَّم بدراهم، فيشتري المحرم القاتل له بتلك الدراهم طعامًا، فيُعطي كل واحد من مساكين وفقراء مكة مُدًّا من البر، أو الأرز، أو يُعطيه نصف صاع من غيرهما أو يصوم عن كُلِّ مدٍ يومًا - كما سبق تقريره -؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ، أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ، أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ فخيَّر الشارع بين تلك الأمور الثلاثة: لأن لفظ "أو" للترتيب، ويلزم من ذكر هذه الثلاثة فقط: عدم إجزاء القيمة.