ولا يلزم المحرم جزاءان (٢)(ويحرم قطع شجرة) أي: شجر الحرم (وحشيشه الأخضرين) اللَّذين لم يزرعهما آدمي؛ لحديث:"ولا يُعضد شجرها، ولا يُحشُّ حشيشها" وفي رواية: "ولا يُختلى شوكها"، ويجوز قطع اليابس والثمرة وما
الحرم مثله، والجامع: أن كلًا منهما مُنع لحق الله تعالى؛ حيث إنه في حماه، فإن قلتَ: لم حُرِّم ذلك؟ قلتُ: لأن هذا الصيد معصوم الدم؛ لكونه قد التجأ إلى حمى الله تعالى حول بيته، كالخائف الذي لجأ إلى بيت الله فاحتمى به. [فرع]: إذا جلب المحل صيدًا من خارج الحرم: فيباح أن يذبحه في مكة ويأكله؛ لإقرار الصحابي؛ حيث إن عبد الله بن الزبير وبعض الصحابة قد أقرُّوا بذلك ولم يُنكروه، وفيه مصلحة. [فرع آخر]: إذا كان شخص خارج الحرم فرمى صيدًا كان داخل الحرم: فقتله، أو كان الصيد على غصن داخل الحرم، فقتله شخص في الحل، أو أمسك طائرًا في الحل فهلك فراخه الذين في الحرم وعلم بذلك: فعليه جزاء الصيد؛ للقياس؛ بيانه: كما أن المحرم عليه جزاء الصيد الذي قتله فكذلك المحل الذي هو خارج الحرم مثله هنا، والجامع: أن كلًا منهما قد قتل صيدًا معصوم الدم، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لصيد الحرم من التحايل لصيده. [فرع ثالث]: إذا كان شخص في الحرم وهو محلُّ فقتل صيدًا في الحل بأي آلة: فلا جزاء عليه؛ للاستصحاب؛ حيث إن الأصل: حلُّ الصيد، واستُثنيَ صيد الحرم فحرم بالنص كما سبق فبقي ما عداه على أصله، وهو حلُّه، فيُستصحب ذلك ويُعمل به، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة، وهي التوسعة على المسلمين.
(٢) مسألة: إذا قتل المحرم صيدًا في الحرم: فعليه جزاء واحد، ولا يجب عليه جزاءان: جزاء لأجل إحرامه، وجزاء لكونه قتله داخل الحرم، للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ وهو مطلق في المكان والحال: ويكفي في امتثاله جزاء واحد؛ فإن قلتَ: لمَ لا يجب إلا جزاء واحد؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تخفيف على العباد.