للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك وقال: "خذوا عني مناسككم" (١٥) (ويطوف سبعًا يرمل الأفقي) أي: المحرم من بعيد من مكة (في هذا الطواف) فقط إن طاف ماشيًا، فيُسرع المشي، ويُقارب الخطى (ثلاثًا) أي: في ثلاثة أشواط (ثم) بعد أن يرمل الثلاثة أشواط (يمشي أربعًا) من غير رمل؛ لفعله (١٦)، ولا يُسن رمل الحامل معذور، ونساء، ومحرم من مكة

(١٥) مسألة: يجب أن يجعل الكعبة عن يساره أثناء الطواف؛ للسنة القولية والفعلية؛ حيث قال : "خذوا عني مناسككم" وكان يجعل الكعبة عن يساره أثناء طوافه، فوجب؛ لأن الأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، فإن قلتَ: لمَ وجب ذلك مع أن اليمين تستعمل لكل شيء مكرَّم؟ قلتُ: ليكون قلبه محل الإيمان قريبًا من الكعبة؛ محبة لله وتعظيمًا له، وللاعتماد على الرجل اليسرى عند الدوران على الكعبة وهذا أنشط للعمل.

(١٦) مسألة: يُستحب للآفاقي - وهو من جاء مُحرمًا من المواقيت الخمسة -: أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط - وهو: الإسراع في المشي ومقاربة الخطى - ثم يمشي في الأشواط الأربعة الباقية مشيًا عاديًا، وذلك في طواف العمرة للمتمتع، والمعتمر، وفي طواف القدوم للقارن والمفرد؛ للسنة الفعلية؛ حيث إنه قد فعل ذلك في العمرة، والقِران، وعمرة التمتع، والإفراد مثل ذلك؛ لعدم الفارق، فإن قلتَ: لمَ استحب الرَّمل هنا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه إبطال لما زعمه كفار قريش من أن المسلمين قد أضعفتهم حُمَّن يثرب، واستمر عليه النبي حتى بعد فتح مكة؛ للتذكير فيما عاناه المسلمون في سبيل الدعوة إلى الله، فإن قلتَ: لمَ لا يُفعل الرَّمل في الأشواط الأربعة الباقية؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الاستمرار في الرَّمل فيه مشقة، فدفعًا لذلك لم يُشرع روي عن ابن عباس، فإن قلتَ: لمَ سُمِّي الدوران حول الكعبة شوطًا؟ قلتُ: لأن الشوط عند العرب هو الجري مرة إلى الغاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>