فوقفوا في الثامن أو العاشر: أجزأهم، وإن أخطأ بعضهم فاته الحج (٣)(ومن) أحرم
﵃ أنهم قالوا:"من فاته الحج فليتحلَّل بطواف، وسعي، وحلق، وعليه القضاء والهدي" ولم يُفرقوا بين نفل وفرض، وهذا يُعتبر مُبيِّن لمفهوم الحديثين السابقين، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تيسير وتوسعة على المسلمين، فإن قلتَ: لمَ صحَّ قلب الحج إلى عمرة هنا؟ قلتُ: لأن حلَّ الإحرام لا يجوز إلا بعد فعل نسك لمن لم يشترط، فإن قلتَ: لمَ وجب قضاء الحج هنا وإن كان نفلًا؟ قلتُ: لأن الحج النفل يلزم بالشروع فيه، فيصير كالمنذور، فإن قلتَ: لمَ وجب الهدي؟ قلتُ: لكونه قد حلَّ من إحرامه قبل تمامه، تنبيه: إذا كان لم يحج فرضه ورجع إلى أهله لما أحصر، فيجب عليه أن يؤدِّيه.
(٣) مسألة: إذا أخطأ جميع الحجاج أو أكثرهم فوقفوا في اليوم الثامن، أو العاشر من ذي الحجة: فإن هذا الوقوف صحيح، ولا شيء عليهم، أما إذا وقف الأقل في اليوم الثامن أو العاشر: فإن وقوفهم لا يصح ولا يصح حجهم؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"الحج يوم يحج الناس" أي: ما غلب على ظنهم أنه يوم عرفة، أو غلب على أكثرهم؛ لكون الغالب كالكل في الأحكام، الثانية: المصلحة؛ حيث إن قضاء ذلك الحج على جميعهم أو أكثرهم مع كثرتهم وتفرقهم فيه مشقة عظيمة، فدفعًا لذلك: صح حجهم؛ أما إن كان الأقل هم الذين وقفوا في اليوم الثامن أو العاشر: فلا يصح ذلك، وعليهم أن يتحلَّلوا بعمرة، ثم يقضوا ذلك الحج فيما بعد مع هدي، وذلك لعدم المشقة عليهم؛ نظرًا لقلَّتهم وإمكان حصرهم، فإن قلتَ: إن وقف بعضهم: فإن الحج قد فاتهم، وعليهم القضاء فيما بعد مع الهدي سواء كان هذا البعض الأقل أو الأكثر، وهو ما يُشير إليه المصنف هنا قلتُ: هذا بعيد؛ لأن الأكثر يلحق بالكل في كثير من الأحكام الفقهية، لكون الأكثر مثل الكل في المشقة =