(العتيرة) أيضًا، وهي: ذبيحة رجب؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا:"لا فرع ولا عتيرة" متفق عليه، ولا يكرهان، والمراد بالخبر: نفي كونهما سنة. (٥٤)
في العقيقة ثانيها: أنه لا يُعقُّ بسُبُع بدنة أو بقرة، بل لا بدَّ أن تكون بهيمة كاملة كناقة، أو بقرة، أو شاة، أما الأضحية والهدي فيجوز ذلك فيهما؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون العقيقة فدية عن نفس كاملة: عدم قبول التشريك فيها بالبهيمة، ثالثها: أن الأفضل في العقيقة: أن تكون شاة، بخلاف الأضحية والهدي فالأفضل أن تكون بدنة، ثم بقرة، ثم شاة؛ للمصلحة؛ حيث إن ذبح الشاة عقيقة فيه عدم مبالغة في هذا المولود، وعدم المبالغة في الأمور مطلوب.
(٥٤) مسألة: لا تُستحب الفَرَعَة -وهي: ذبح أول ولد الناقة- ولا تُستحب العتيرة -وهي: أن تُذبح ذبيحة في العشر الأول من شهر رجب- وتُسمَّى "الرجبية"؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"لا فَرَع، ولا عتيرة في الإسلام" فنفى: أن يكون هذين الفعلين من سنن الإسلام -كما يظن البعض-، فإن قلتَ: لمَ لا يُستحب ذلك؟ قلتُ: لكونهما من أعمال الجاهلية؛ حيث إن العرب كانوا يذبحون أول ولد الناقة؛ شكرًا لآلهتهم وتقربًا إليها، والعتيرة: يذبحونها؛ تعظيمًا لشهر رجب، فبيَّن الشارع عدم استحبابهما؛ سدًا للذرائع؛ لأنه يُخشى من يتخذها بعض المسلمين طريقة للنسك كالأضحية، والهدي، والعقيقة، فإن قلتَ: لمَ لم يكن محرمًا أو مكروهًا؟ قلتُ: لأن المسلم قد يذبح أول ولد الناقة؛ شكرًا لله تعالى، أو يذبح أول شهر رجب ويُقسِّم ذلك على الفقراء، فهذا يختلف حكمه على حسب قصده: فإن كان قاصدًا به أن يفعل منها ما فعل العرب في الجاهلية فهو محرم، أو مكروه، وإن كان قاصدًا شكر الله تعالى: فإنه يُستحب، والأمور بمقاصدها كما هو معلوم.
هذه آخر مسائل باب "الأضحية والهدي، والعقيقة" وهو آخر باب من أبواب "كتاب المناسك: الحج والعمرة والأضحية والهدي" ويليه كتاب "الجهاد"