المكتوب المقروء الموجود بالعيان (١٦)، (مختصر) أي موجز، وهو: ما قلَّ لفظه وكثُر معناه، قال علي ﵁:"خير الكلام ما قلَّ ودلَّ، ولم يُطل فيُملَّ": (١٧) (في
= من مقَدِّمة كلامه والافتتاحية إلى قول مقصوده الأساسي من خطابه، فينتبه السامع لذلك ويستعد لفهم ما سيُقال بعدها، فإن قلتَ: إن "أَمَّا بَعْدُ" هي فصل الخطاب الذي أوتيه داود ﵇ الوارد في قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ حيث إن داود أول من قال: "أمَّا بعدُ" -كما في تفسير الطبري (٢٣/ ٧٩) - قلتُ: هذا بعيد؛ لأن فصل الخطاب المذكور في الآية هو: الفصل بين الحق والباطل كما قال كثير من العلماء المحققين؛ للتلازم؛ حيث إن ذلك لازم من لفظ "فصل الخطاب"، فإن قلتَ: لم تُضمُّ الدال من "بعدُ" دائمًا بدون تنوين مع أنه ورد تنوينها أو بالفتح بدون تنوين عن بعض أهل اللغة كما في "المحكم"(٢/ ٢٥) و "همع الهوامع"(٣/ ١٩٣)؟ قلتُ: إن الدال تُضم في غالب ذكرها؛ لأن "بعدُ" من الظروف المبنية على الضم، وهي منقطعة عن الإضافة، والعامل فيها "أمَّا" لنيابتها عن الفعل، وأصله: مهما يكن من شيء بعد الحمد والثناء كما في "الصحاح"(٢/ ١٤٨).
(١٦) مسألة: يجوز أن يُشير المصنف في مقدمة كتابه قائلًا: "فهذا" مع أنه لم يكتبه، ولكنه عزم على فعله؛ للقياس؛ بيانه: كما أنَّ المصنِّف يُشير إلى كتابه الموجود -وهو ما فرغ منه- فكذلك يجوز أن يفعل ذلك في الكتاب الذي عزم على فعله ولم يكتبه، والجامع: الوجود في كل؛ حيث إن الوجود نوعان: وجود عيني، ووجود تصورُّي ذهني، من باب معاملة المعدوم معاملة الموجود، وعادة المصنفين إذا فرغوا من تصنيفهم: كتبوا المقدمة، فتكون الإشارة عينية.
(١٧) مسألة: المختصر لغة: هو خلاصة الشيء، والموجز منه -كما في "الصحاح"(٢/ ١١٧٣)،- وهو في الاصطلاح: إقلال الألفاظ تأدية المعنى مع مراعاة =