الفقه) وهو لغة: الفهم، واصطلاحًا: معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بالاستدلال بالفعل، أو بالقوة القريبة (١٨)(من مُقنع) أي: من الكتاب المسمَّى بـ
= لفظ الأصل الذي اختصر، وما هذا وصفه فهو خير الكلام كما قال علي وغيره من أهل اللغة والشريعة؛ للمصلحة؛ حيث إن الكلام المختصر يسهل حفظه، وحمله، والرجوع إليه بيُسر، وعدم تركه إلى غيره، فإن قلتَ: إن هذا فيه معنى الإيجاز والتهذيب. قلتُ: يوجد فرق بينها: فالاختصار كما سبق بيانه و "الإيجاز": إيجاز المعنى من غير رعاية للفظ الأصل الذي اختُصر، بخلاف الاختصار فلا بدَّ من مراعاة ذلك، أما "التهذيب" فهو: أعم منهما؛ حيث إنه تنظيم المعلومات وترتيبها مطلقًا، أي: سواء صاحبه اختصار، أو لا، وسواء راعى لفظ الأصل أو لا، فيكون -على هذا- "الاختصار" أدقها وأصعبها؛ لاجتماع إيجاز اللفظ مع مراعاة لفظ الأصل ومعناه، ثم يليه "الإيجاز"؛ لعدم مراعاة اللفظ؛ ثم التهذيب؛ لعدم مراعاة اللفظ والمعنى. وقد تكلمتُ عن هذا في مقدمة كتابي:"المهذَّب في أصول الفقه المقارن".
(١٨) مسألة: الفقه لغة: الفهم مطلقًا، أي: سواء كان الفاهم عالمًا أو لا، وسواء فهم المقصود من الفعل أو الكلام أولا: للاستقراء؛ حيث ثبت بعد تتبع النصوص: أن المراد بالفقه: إذا ورد في النصوص: الفهم كقوله تعالى: ﴿فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾، وقوله: ﴿قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ﴾ وقوله ﷺ: "فرُبَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه" والمراد من ذلك: الفهم، والفقه في اصطلاح الأصوليين والمجتهدين هو:"معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بالاستدلال بالفعل، أو بالقوة القريبة" والمراد بـ "المعرفة" العلم الذي هو مطلق الإدراك الشامل للقطع والظن، ولا يخصّ ذلك القطع؛ لكون أكثر الأحكام الفقهية ظنية لثبوتها بأدلة ظنية، و "الأحكام الشرعية": جمع حكم، والمراد: الحكم الشرعي الثابت بدليل شرعي معتبر، والمراد بـ =