"المقنع" تأليف (الإمام) المقتدى به شيخ المذهب (الموفق أبي محمد) عبد الله بن أحمد ابن محمد بن قدامة المقدسي، تغمده الله برحمته، وأعاد علينا من بركته (على قول واحد) وكذلك صنعتُ في شرحه، فلم أتعرض للخلاف؛ طلبًا للاختصار (وهو) أي: ذلك القول الواحد الذي يذكره ويحذف ما سواه من الأقوال -إن كانت- هو: القول (الراجح) أي: المعتمد (في مذهب) إمام الأئمة وناصر السنة أبي عبد الله: (أحمد) بن محمد بن حنبل الشيباني، نسبة لجده "شيبان" بن ذهل بن ثعلبة، والمذهب في الأصل: الذهاب أو زمانه أو مكانه، ثم أُطلق على ما قاله المجتهد بدليل ومات قائلًا به، وكذا: ما جرى مجرى قوله من فعل أو إيماء ونحوه (١٩) (وربما حذفتُ منه
= " الفرعية": العملية، وهي: أحكام الفقه، وهذا شامل للقواعد الأصولية؛ لأنها وسيلة إلى العمل؛ إذ لا يُراد منها العلم فقط، بل العلم والعمل بالقاعدة، وتكون هذه المعرفة أو هذا العلم ثابت لذلك الشخص بواسطة الاستدلال والنظر بالفعل والمباشرة منه حال سؤال السائل عن المسألة، أو يكون ذلك بالقوة القريبة: بأن يكون عنده التهيؤ والاستعداد الذهني والقدرة على استنباط حكم المسألة بنفسه؛ للتلازم؛ حيث يلزم من وجود تلك الشروط في تعريف الفقه: أن يكون من توفرت فيه فقيهًا يستطيع استنباط الأحكام للحوادث المتجددة، بخلاف من حفظ الأحكام، وقد فصَّلتُ القول في ذلك في كتابي:"المهذب" و "الإتحاف".
(١٩) مسألة: لقد اهتم علماء الحنابلة بكتاب: "المقنع في الفقه" لابن قدامة، ومنهم أبو النجا الحجَّاوي؛ حيث اختصره بكتاب سمَّاه:"زاد المستقنع باختصار المقنع"، ثم شرح البهوتي "الزاد" شرحًا موجزًا جدًا بكتاب سمَّاه: "الروض المربع"، وهو هذا الكتاب الذي أقوم بشرحه وتنزيل فروعه على قواعد الأصول. فإن قلتَ: لم اهتم أكثر الحنابلة بالمقنع؟ قلتُ: لأنه أكثر الكتب جمعًا للفروع، والمسائل مع اختصار غير مخل -كما قال المرداوي في "الإنصاف"- وهو على رأي قد رجحه =